اكتشاف مذهل: علماء الآثار يكتشفون مقبرة ضخمة لفرعون مجهول في مصر

في اكتشاف أثري جديد يثير الدهشة، سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على إعلان فريق من علماء الآثار المصريين والأمريكيين عن العثور على مقبرة ضخمة لفرعون مجهول في مدينة أبيدوس، إحدى أقدم مدن مصر القديمة، التي تقع على بعد حوالي 300 ميل جنوب القاهرة.
يعود تاريخ هذه المقبرة، التي تم العثور عليها على عمق 23 قدمًا تحت الأرض، إلى حوالي 3600 عام، مما يجعلها ثاني مقبرة ملكية يتم اكتشافها هذا العام في مصر.
يُعتقد أن هذه المقبرة تنتمي إلى حاكم من سلالة ملوك كانت مفقودة من سجلات التاريخ حتى الآن، مما يفتح فصلًا جديدًا في دراسة هذه الحقبة الغامضة.
تفاصيل الاكتشاف في أبيدوس
تم العثور على المقبرة في جبل أنوبيس، وهو موقع يقع عند سفح جرف صحراوي مرتفع تتطاير فيه الرمال بفعل الرياح القوية. تُعد أبيدوس واحدة من أهم النقاط الأثرية في مصر، حيث كانت مكانًا لدفن الفراعنة الأوائل، وتطورت لاحقًا لتصبح مقبرة واسعة النطاق.
المقبرة المكتشفة حديثًا تتميز بمدخل مزخرف وعدة غرف وأقبية شاهقة يصل ارتفاعها إلى 16 قدمًا، مصنوعة من الطوب اللبن.
تفوق هذه المقبرة بضخامتها مقبرة أخرى تم العثور عليها في أبيدوس قبل أكثر من عقد، والتي كانت تُعتبر آنذاك الدليل المادي الأول على وجود سلالة ملوك "مفقودة" في المنطقة.
قاد الجانب الأمريكي من الحفريات الدكتور جوزيف ويجنر، أمين متحف بنسلفانيا في فيلادلفيا، الذي وصف الاكتشاف بأنه "مثير للغاية"، مشيرًا إلى أنه يمثل "فصلًا جديدًا في التحقيق في هذه السلالة".
وأوضح أن المقبرة تشبه في تصميمها مقبرة الملك سنب-كاي، التي تم اكتشافها في عام 2014، مما يشير إلى أن الفرعون المجهول قد يكون عضوًا سابقًا في سلالة أبيدوس.
زخارف المقبرة ودلالاتها
تتميز مدخل غرفة الدفن، المبنية من الحجر الجيري، بمشاهد ملونة مرسومة على جدران من الطوب المغطى بالجص، تُظهر الإلهة إيزيس وشقيقتها نفرتاري، وهما إلهتان كانتا تظهران غالبًا في الطقوس الجنائزية المصرية القديمة.
يقول ويجنر: "هذه المقبرة ومقبرة سنب-كاي هما أقدم المقابر الملكية الباقية التي تحتوي على زخارف ملونة داخلية"، مما يعكس مستوى عالٍ من الفن والتقنية في تلك الفترة.
لكن على الرغم من جمال المقبرة، لم يتم العثور على بقايا هيكلية يمكن التعرف عليها للفرعون، حيث تعرض الموقع لأضرار جسيمة عبر القرون. فقد نهب اللصوص القدماء المقبرة تاركين خلفهم فراغًا كبيرًا في مكان الجرار الكانوبية – الأوعية التي كانت تُستخدم لحفظ أعضاء المتوفى – التي كانت عادةً تُوضع في صندوق مذهب.
تحديات أثرية وتاريخية
أشار ويجنر إلى أن اسم الحاكم كان مكتوبًا في نصوص هيروغليفية على أشرطة صفراء داخل المقبرة، لكن أعمال اللصوص القدماء جعلت هذه النصوص غير قابلة للقراءة. وقال: "لقد تسببوا في ضرر كافٍ للزخارف بحيث لم يتبقَ لدينا سوى القاعدة الأساسية للنصوص التي كان من المفترض أن تحدد هوية الفرعون"، لكنه أكد أن السجل الأثري لا يمنح دائمًا ما يأمله الباحثون، مما يدفعهم لمواصلة العمل.
من جانبها، أكدت الدكتورة كاثرين هاولي، عالمة الآثار في جامعة نيويورك، أن هذا الاكتشاف "مهم للغاية"، لأنه يسلط الضوء على حقبة كانت مصر القديمة فيها مجزأة بين قوى متنافسة، تاركة وراءها مصادر مادية قليلة للدراسة. وأضافت: "هذا الاكتشاف لديه القدرة على إعادة كتابة تاريخ مصر القديمة".
سلالة أبيدوس: مرحلة الفراعنة المحاربين
تشير الدلائل إلى أن سلالة أبيدوس كانت تتكون من ملوك حكموا منطقة محدودة حول المدينة، وليس مصر بأكملها، لكنهم استخدموا لقب "ملك" مما يعكس طموحاتهم للسيطرة على أراضٍ أوسع. يعتقد ويجنر أن هذه الفترة كانت "مرحلة فراعنة محاربين يتقاتلون فيما بينهم"، مستندًا إلى هيكل سنب-كاي الذي يشير إلى أنه قد مات في معركة.
ورغم أن هؤلاء الملوك لم يُدرجوا في قوائم الملوك المصرية القديمة، فإن الصفات الضخمة للمقبرة الجديدة تثير تساؤلات جديدة، كما تقول هاولي: "هذه المقبرة ضخمة وغير عادية، خاصة بالنسبة لحاكم لا نعرف عنه أي بنى تذكارية أخرى". من بين المرشحين المحتملين لصاحب المقبرة، ذكر ويجنر ملكين هما سنايب وبانتجيني، اللذين كرّسا نصبًا تذكارية في أبيدوس.
خطط مستقبلية
يخطط الفريق لمواصلة الحفريات في المنطقة بحثًا عن مواقع ومقابر أخرى، مع حماية الموقع الحالي وإدارته. يقول ويجنر: "حلمنا دائمًا هو العثور على مقبرة سليمة أو سليمة جزئيًا، وربما لا تزال هناك مقابر من هذا النوع تنتظرنا". يبقى هذا الاكتشاف بمثابة نافذة جديدة على تاريخ مصر القديمة، مليئة بالأسرار التي تنتظر الكشف عنها.