تعاون مصري مع مؤسسة التمويل الدولية لتطوير 11 مطارا

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للمطارات في مصر، وقّعت مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، التابعة لمجموعة البنك الدولي، اتفاقية استشارية مع الحكومة المصرية يوم 24 مارس 2025 في القاهرة.
وقّع الاتفاقية كل من سيرجيو بيمنتا، نائب رئيس المؤسسة لشؤون إفريقيا، والدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني المصري، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بحضور رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي.
تهدف هذه الاتفاقية إلى إدخال الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) في 11 مطارًا مصريًا، مما يمثل نقلة نوعية في تحسين الخدمات والاتصال الجوي وزيادة الكفاءة في هذا القطاع الحيوي.
تفاصيل الشراكة وأهدافها
بموجب هذه الاتفاقية، ستقدم مؤسسة التمويل الدولية خدماتها الاستشارية لوزارة الطيران المدني المصرية لتطوير استراتيجية شاملة للشراكة مع القطاع الخاص في 11 مطارًا تشكل جزءًا كبيرًا من حركة السفر الجوي المحلي والدولي في مصر. وكمشروع تجريبي، ستتولى المؤسسة دور المستشار الرئيسي للمعاملات في مطار الغردقة الدولي، ثاني أكثر المطارات المصرية ازدحامًا من حيث عدد الركاب وحركة الطيران السنوية. يأتي هذا التعاون في إطار برنامج استثمار الأصول (AMP) الذي أطلقته الحكومة المصرية في يونيو 2023 بدعم من IFC، والذي يهدف إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص في القطاعات الاستراتيجية، بما في ذلك المطارات.
وفقًا للشركة القابضة المصرية للمطارات والملاحة الجوية (EHCAAN)، استقبلت المطارات المصرية أكثر من 50 مليون راكب على متن حوالي 400 ألف رحلة جوية خلال عام 2024. ومن المتوقع أن يؤدي تحسين الكفاءة وتجربة الركاب في هذا القطاع إلى تعزيز الاتصال الجوي، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ودعم النمو الاقتصادي المستدام من خلال السياحة والتجارة.
أهمية الشراكة مع القطاع الخاص
يسعى هذا البرنامج إلى الاستفادة من تمويل القطاع الخاص لتطوير وتوسيع المطارات دون تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية. ومن المتوقع أن تجلب ابتكارات وكفاءة القطاع الخاص زيادة في الإيرادات الحكومية، وتحسين البنية التحتية للمطارات، وزيادة جاذبيتها للركاب.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن هذه الاتفاقية تعزز التعاون المستمر مع المؤسسة الدولية للتمويل في إطار برنامج استثمار الأصول، مشيرًا إلى التزام الحكومة بتعزيز الشراكة الاستراتيجية لتحسين خدمات المطارات وزيادة قدرتها الاستيعابية.
من جانبه، أوضح سيرجيو بيمنتا أن "تعزيز البنية التحتية للمطارات المصرية من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص سيسهم في دفع النمو الاقتصادي وتعزيز الاتصال داخل مصر وفي المنطقة الأوسع".
وأضاف أن هذا البرنامج سيساعد في جذب مستثمرين عالميين من الطراز الأول لتقديم مطارات حديثة وفعالة تعزز مكانة مصر كمركز عالمي للسفر والتجارة.
فيما أكد الدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني، التزام الوزارة بتطوير قطاع النقل الجوي تماشيًا مع رؤية الدولة لتحسين البنية التحتية وتحقيق التنمية المستدامة التي تدعم الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن الشراكة مع المؤسسة الدولية للتمويل ستوفر الدعم الاستشاري اللازم لتحسين جودة الخدمات والكفاءة التشغيلية في المطارات المصرية.
بدورها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن مصر ملتزمة ببناء اقتصاد يقوده القطاع الخاص لدفع النمو وخلق فرص العمل.
وأضافت أن توقيع هذه الاتفاقية يمثل الخطوة الأولى في تفعيل الشراكة مع المؤسسة الدولية للتمويل التي بدأت في 2023، مشيرة إلى أن إدراج المطارات في برنامج استثمار الأصول يأتي ضمن جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات هيكلية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
تفاصيل المشروع التجريبي في مطار الغردقة
فيما يتعلق بمطار الغردقة الدولي، ستدعم المؤسسة الدولية وزارة الطيران المدني والشركة القابضة للمطارات في إطلاق مناقصة تنافسية عامة لاختيار شريك استراتيجي من القطاع الخاص لتطوير وصيانة وتشغيل المطار، مع بقاء ملكيته تحت إدارة القابضة المصرية للمطارات والملاحة الجوية.
كما ستعمل المؤسسة على تحديد النموذج الأنسب لمشاركة القطاع الخاص في 10 مطارات أخرى، تشمل مطار سفنكس الدولي، مطار شرم الشيخ الدولي، مطار برج العرب الدولي، مطار الأقصر الدولي، مطار أسوان الدولي، مطار سوهاج الدولي، مطار أسيوط، مطار أبو سمبل، مطار العلمين الدولي، ومطار مرسى مطروح. وستشمل الخطة دراسة إمكانية دمج أكثر من مطار في صفقة واحدة ووضع خارطة طريق لتنفيذ البرنامج.
خبرة IFC في الشراكات العالمية
وتتمتع مؤسسة التمويل الدولية بسجل حافل في تقديم الاستشارات للحكومات حول العالم لجذب استثمارات القطاع الخاص في الأصول الحكومية. فقد نجحت في هيكلة شراكات بين القطاعين العام والخاص لمطارات مثل مطار صوفيا في بلغاريا، ومطاري غالياو وكونفينس في البرازيل، ومطار الملكة علياء الدولي في الأردن، ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في السعودية.
وفي مصر، ساهمت المؤسسة الدولية للتمويل في إتمام أول شراكة بين القطاعين العام والخاص في عام 2010، وهي محطة معالجة مياه الصرف الصحي في القاهرة الجديدة.
ومنذ بدء عملياتها في مصر عام 1975، استثمرت المؤسسة وجمعت 9 مليارات دولار في مشاريع تنموية. وتركز دعمها للقطاع الخاص في مصر على مجالات مثل التكنولوجيا المالية، التمويل المناخي، التصنيع، البنية التحتية، الطاقة المتجددة، الرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين.
تعد هذه الشراكة خطوة هامة نحو تحديث البنية التحتية للمطارات المصرية وتعزيز دورها كمحرك للنمو الاقتصادي. من خلال الجمع بين خبرة المؤسسة الدولية العالمية والتزام الحكومة المصرية بجذب الاستثمارات، يمكن لهذا البرنامج أن يضع مصر في صدارة الدول التي تستفيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق التنمية المستدامة.