أفضل فرصة له لتحقيق السلام
المجلس الأطلسي: ينبغي لترامب أن يتقبل الخطة المصرية بشأن غزة

بعد ساعات فقط من كشف مصر عن خطتها لإعادة إعمار غزة الأسبوع الماضي، رفضها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برايان هيوز، قائلًا إنها "لا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن حاليًا".
ولكن بعد أيام قليلة، بدا أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يتراجع عن هذا الرفض، قائلًا إن الخطة الجديدة هي "خطوة أولى حسنة النية من جانب المصريين".
ورجح تقرير نشره موقع المجلس الأطلسي أن ترامب ينبغي له أن ينظر عن كثب إلى الخطة العربية كنقطة انطلاق للمفاوضات، حيث لا توجد خطة واقعية أخرى على الطاولة. إن اقتراح ترامب للتهجير القسري غير منتج؛ فقد أشارت مجموعة من 144 ديمقراطيًا في مجلس النواب الأمريكي إلى أن خطة ترامب تقوض الموقف الأخلاقي المبدئي للولايات المتحدة. كما تهدد خطة ترامب السلام الطويل الأمد بين مصر وإسرائيل، وفقًا لمسؤولين مصريين. ولكن بخلاف حقيقة أن الخطة المصرية هي الخطة الواقعية الوحيدة على الطاولة، لا يزال من مصلحة الولايات المتحدة تبني نسخة من هذه الخطة، لأنها ميسورة التكلفة سياسيًا وماليًا بالنسبة لواشنطن.
وأضاف التقرير أن الخطة المصرية، التي أقرها الزعماء العرب بسرعة في الأسبوع الماضي، تسمح للفلسطينيين بالبقاء في قطاع غزة أثناء إعادة الإعمار. وتتضمن عملية إعادة الإعمار ثلاث مراحل: التدابير المؤقتة (ستة أشهر)، والتي تشمل إزالة الأضرار والبناء الأولي بإشراف مجموعة من الخبراء الفلسطينيين التكنوقراطيين، مما يمهد الطريق أمام عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة؛ وإعادة الإعمار (سنتان)، والتي تتضمن بناء المزيد من المساكن واستعادة الخدمات مثل المياه والكهرباء؛ والحكم (ثلاث سنوات)، والذي يتضمن بناء المناطق الصناعية وضمان إشراف اللجنة التكنوقراطية على المساعدات والحوكمة.
تجدر الإشارة إلى أن الخطة التي تبلغ تكلفتها 53 مليار دولار سوف يتم تمويلها من المنظمات والاستثمارات الدولية. وفي دعوتها لمجموعة من الخبراء الفلسطينيين لإدارة عملية إعادة الإعمار، وتكليف السلطة الفلسطينية بقيادة غزة في نهاية المطاف، تؤكد الخطة على الملكية الفلسطينية للعملية. وقد تعهد الزعماء العرب الذين أيدوا الخطة بتقديم حججهم لصالح هذه الخطة على المستوى الدولي واستضافة مؤتمر دولي في القاهرة في إبريل مخصص لإنعاش وإعادة إعمار غزة، بالتعاون مع الفلسطينيين والأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، تتجاهل خطة ترامب الفلسطينيين، وتردد صدى السياسات والخطط التي أطلقها خلال ولايته الأولى. لكن القضية الفلسطينية تظل محورية في الشرق الأوسط ولا يمكن تجاهلها لصالح السلام الإقليمي الأوسع الذي لا يشمل الفلسطينيين. كما تفشل خطة ترامب بشأن غزة في الإجابة على العديد من الأسئلة حول لوجستيات نقل مليوني فلسطيني من قطاع غزة (على الأرجح ضد إرادتهم) وحول استراتيجيات البلدان التي ستستقبلهم وكيفية تأمين التعاون العربي.
وفي الوقت نفسه، تجيب الخطة المصرية على أسئلة بالغة الأهمية، وتحديدًا تلك المتعلقة بالمستقبل السياسي لغزة (مستقبل بدون حماس في السلطة).
فخلال حملته الانتخابية والأشهر الأولى من توليه منصبه، تعهد ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط؛ ومن شأن دعم الخطة المصرية أن يمكنه من الوفاء بوعده.
ومن المرجح أن تؤدي أي محاولة لإخراج الفلسطينيين قسرًا من غزة، كما تشير خطة ترامب، إلى المقاومة المسلحة ــ والعودة إلى الحرب. وسوف تكون هذه الحرب مكلفة بالنسبة للولايات المتحدة، في وقت أعطت فيه إدارة ترامب الأولوية لخفض الإنفاق الحكومي. ومن المرجح أن يؤدي استئناف الحرب إلى زيادة المساعدات الأميركية لإسرائيل: فمنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، تلقت إسرائيل ما لا يقل عن اثني عشر مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة. ولا يشمل هذا التقدير تكلفة العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط الأوسع (بما في ذلك حول البحر الأحمر) أو أي مساعدة اقتصادية لإسرائيل. وسوف تكون خطة ترامب مكلفة أخلاقيا وسياسيا وماليا، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل وأي طرف آخر قد يتعاون لتنفيذ هذه الخطة. وبما أن البيت الأبيض أعلن أن الولايات المتحدة لن تدفع ثمن هذه الخطة، فسوف يكون من الصعب العثور على شركاء لتمويلها.
وعكست تعليقات ويتكوف على الخطة المصرية الأسبوع الماضي نقطتين رئيسيتين للخلاف بالنسبة لإدارة ترامب. الأولى هي الجدول الزمني. ففي حين حددت الخطة المصرية إعادة الإعمار التي ستتم على مدى خمس سنوات دون تشريد سكان غزة، اقترح ويتكوف فترة أطول تتراوح بين عشرة وخمسة عشر عامًا وأكد مخاوف الإدارة من أن القطاع سيكون غير صالح للسكن خلال تلك الفترة. ويمكن للجنة فنية مشتركة من المهندسين من غزة وأطراف أخرى أن تساعد في حل هذه القضية من خلال التوصية بما هو ممكن من حيث الجدول الزمني وعملية إعادة الإعمار. والنقطة الثانية هي مستقبل حماس.
ويشعر ويتكوف بالقلق بشأن مستقبل حماس كجماعة مسلحة. ولم تتناول الخطة المصرية هذه النقطة، لكنها اقترحت عملية سياسية في غزة تؤدي إلى عودة السلطة الفلسطينية. وينبغي للمسؤولين الأميركيين أن يتعاملوا مع مختلف الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، كما فعلوا مع حماس. وقد يحمل هذا وعدًا بترتيب أمني طويل الأجل بالتوازي مع أفق سياسي لتسوية هذا الصراع.
كما رفضت إسرائيل الخطة الأسبوع الماضي، بحجة أنها "تفشل في معالجة حقائق الوضع "، في بيان ركز على المستقبل السياسي والأمني لقطاع غزة. ورغم أن الخطة المصرية تؤكد على الملكية الفلسطينية لهذه العملية، فإنها تتداخل مع رؤية زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد لتولي مصر المسؤولية عن غزة لمدة تتراوح بين ثمانية إلى خمسة عشر عامًا. وهذا يعكس طلبًا إسرائيليًا من عام 2005 ــ عندما قالت إسرائيل إنها انسحبت من غزة ــ بعدم تحمل المسؤولية عن قطاع غزة. ومع الخطة المصرية، تولت الدول العربية دورًا قياديًا من المرجح أن يرقى إلى تحمل المسؤولية الفعلية عن غزة، حتى لو كانت السلطة الفلسطينية في السلطة.
وتوفر الخطة المصرية قاعدة لتأمين مصالح العديد من الأطراف المعنية وخلق الاستقرار الإقليمي المطلوب لكسب الوقت للدبلوماسية. ومن شأن الدعم الأميركي أن يساعد في تنفيذ الخطة وفي معالجة التهديدات التي تواجهها الخطة مثل استئناف الحرب في غزة، والتوترات الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ورفض إسرائيل للسلطة الفلسطينية في غزة بعد انتهاء الحرب، ورفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية. ويتعين على ترامب أن يدعم الخطة المصرية أو على الأقل أن يتفاعل معها، سواء من أجل الفوائد السياسية والمالية التي تقدمها الخطة أو من أجل السلام الإقليمي.