"الرئيس المؤقت" في الجزائر.. أزمة لا تنتهي أبدا
لم يكن يخفى على الجميع أنه بمجرد أن يتقدم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة باستقالته من رئاسة البلاد، ستؤول إدارة شئون البلاد لرئيس مجلس الأمة الجزائري عبدالقادر بن صالح وفقاً للدستور.
واندلعت مظاهرات شعبية واسعة في 22 من فبراير الماضي مناهضة لترشح "بوتفليقة
لولاية خامسة"، واستجاب لها في الثاني من أبريل الحالي بتقديم استقالته لرئيس
المجلس الدستوري بعد 20 عاماً قضاها في الحكم.
وأعلن البرلمان الجزائري في 9 من أبريل تنصيب "بن صالح" رئيساً مؤقتاً
للجزائر لمدة 90 يوماً وفقاً للمادة 102، وهو القرار الذي خرج على إثره آلاف المتظاهرين
في الشوارع رفضاً له، قبل أن يصدر الرئيس المؤقت مرسوماً يقضي بإجراء انتخابات رئاسية
في 4 يوليو من العام الجاري.
لم يأت الرؤساء المؤقتون للجزائر في ظروف طبيعية باستثناء رئيسها الأول المؤقت
"رابح بيطاط" رئيس المجلس الشعبي الوطني آنذاك، والذي تولى رئاسة الجمهورية
بالنيابة عقب وفاة "هواري بومدين" في 27 ديسمبر 1978 لمدة 45 يوماً.
وبعد فترة "بيطاط" الانتقالية، تولى "الشاذلي بن جديد" الرئاسة في 9 فبراير 1979، وشهدت فترة حكمه أزمات اقتصادية وسياسية أنهت حقبته في 11 يناير 1992 بعد 12 عاماً قضاها في سدة الحكم، وسط تضارب في الأقوال بين كونها "إقالة" أو "استقالة" لرفض "بن جديد" إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت بها "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" وقتها، وهو ما قام به المجلس الأعلى للأمن.
انتهت حقبة الشاذلي، وأنشئ المجلس الأعلى للدولة لتولي مهام ما سُمي بـ"الفراغ
الدستوري"، وبدأت حرب أهلية لمدة 10 سنوات عرفت باسم "العشرية السوداء"،
ظهر مع اندلاعها الرئيس محمد بوضياف الملقب بــ "السي الطيب الوطني" لتولي
رئاسة الجزائر في 16 يناير 1991، بعد نحو 28 عاماً قضاها منفياً في المغرب بسبب معارضته
انفراد "أحمد بن بلة" بالحكم، ومغادرته حزب جبهة التحرير الوطني، وتأسيس
حزب الثورة الاشتراكية المعارض عام 1963، وهو ما أغضب "بن بلة" الذي زج به
في السجن وحكم عليه بالإعدام قبل أن يتدخل الوسطاء لإطلاق سراحه، ثم يفر هارباً إلى
أوروبا.
عاش "بوضياف" حياة السجن والمطاردة والمنفى قبل أن يتم اغتياله برصاصات
غادرة في 29 يونيو 1992 أثناء إلقائه خطاباً
في دار الثقافة بمدينة عنابة على الهواء مباشرة، أثناء حديثه عن "العلم وبناء
الدولة والإسلام المعتدل".
واستمراراً للفراغ الدستوري، تولى "علي كافي" لفترة رئاسية انتقالية
بعد تنصيبه رئيساً للمجلس الأعلى للدولة خلفاً لــ "بوضياف"، قبل أن يعين
المجلس الأعلى للأمن "اليمين زروال" في 30 يناير 1994 رئيساً لمرحلة انتقالية
كان من المفترض أن تكون ثلاث سنوات، إلا أن "زروال" أجرى أول انتخابات رئاسية
تعددية في الجزائر في 16 نوفمبر 1995، وفاز فيها بولاية رئاسية أمام ثلاثة مرشحين.
واعتبرت المعارضة أن "الانتخابات مزورة"، قبل أن يتخذ "زروال" قراراً باجراء انتخابات رئاسية مبكرة انتهت بها ولايته، وجاء عبدالعزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر في 27 أبريل 1999، حتى استقالته مؤخرا تحت الضغط الشعبي.