الأربعاء 19 فبراير 2025 الموافق 20 شعبان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

السعودية تسعى للتوسط بين ترامب وإيران بشأن الاتفاق النووي الجديد

الرئيس نيوز

ذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية أن المملكة العربية السعودية منفتحة على الوساطة بين إدارة ترامب وإيران سعيًا للتوصل إلى اتفاق جديد للحد من برنامج طهران النووي.

وتشعر السعودية بالقلق من أن إيران قد تكون أكثر ميلًا إلى السعي للحصول على سلاح نووي الآن بعد أن تم إضعاف وكلائها الإقليميين ــ الذين كانوا ينظر إليهم منذ فترة طويلة على أنهم رادع ضد الهجمات الإسرائيلية ــ بشكل كبير، وتأمل المملكة في الاستفادة من علاقاتها الوثيقة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لتزويد إيران بجسر دبلوماسي إلى البيت الأبيض.

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الرياض قد قدمت عرضًا رسميًا، لكن هذه الخطوة تؤكد رغبة الرياض في البناء على علاقاتها المحسنة مع خصمها السابق وتأمين مقعد على طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد محتمل، وفي حين قال ترامب إنه يريد الدخول في محادثات للتوصل إلى اتفاق جديد، فإن الرسالة الواردة من إيران كانت مختلطة، حيث قال المرشد الأعلى، علي خامنئي، الأسبوع الماضي إن المحادثات مع الولايات المتحدة "ليست ذكية".

ولم تستجب وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخارجية السعودية لطلبات “سي إن إن” الإخبارية للتعليق، وفي حين قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك إنه ليس لديها تعليق.

ورحبت السعودية علنًا بالاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، لكنها كانت غاضبة سرًا بسبب فشل إدارة أوباما في معالجة مخاوفها بشأن أنشطة طهران الإقليمية - وخاصة برنامجها الصاروخي ومجموعاتها الوكيلة من اليمن إلى العراق ولبنان، والتي اعتبرتها الرياض تهديدًا للاستقرار الإقليمي. ورحبت لاحقًا بانسحاب ترامب من الصفقة عام 2018.

وبعد مرور عام على انسحاب ترامب، تعرضت منشآت النفط السعودية لهجوم كبير بطائرات بدون طيار وصاروخ أدى إلى خفض إنتاج النفط الخام لأكبر مصدر للنفط في العالم إلى النصف مؤقتًا، وأعلنت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران مسؤوليتها، لكن الولايات المتحدة ألقت باللوم على إيران - ولم تصل في نهاية المطاف إلى حد القيام بعمل عسكري دفاعا عن حليفتها السعودية.

لكن التوترات بين السعودية وإيران تراجعت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين. وفي مارس 2023، أصدر البلدان إعلانًا مفاجئًا لتطبيع العلاقات في اتفاق توسطت فيه الصين. وينظر المسؤولون السعوديون إلى الصفقة على أنها نجاح كبير، معتقدين أن الرياض قد حصدت فوائدها – فقد توقفت هجمات الحوثيين على الأراضي السعودية، وسلمت المملكة من الضربات المتبادلة في العام الماضي بين إسرائيل وإيران، رغم المخاوف من أن طهران قد تضرب منشآت النفط العربية في الخليج إذا تعرضت منشآتها للقصف من قبل إسرائيل.

وعلى مدار الخمسة عشر شهرًا الماضية، أضعفت إسرائيل بشكل كبير الجماعات المتحالفة مع إيران في لبنان وغزة، وضربت أهدافًا في سوريا والعراق وحتى اليمن. وإلى جانب سقوط نظام الأسد في سوريا، وجهت هذه التطورات ضربة خطيرة لقدرة إيران على إبراز قوتها خارج حدودها.

ويرى المسؤولون السعوديون أن المشهد الإقليمي الحالي يمثل فرصة تاريخية لتهدئة التوترات مع إيران وتحسين العلاقات، ويصرون على أنهم لا يريدون أي دور في أي مواجهة أمريكية أو إسرائيلية مع إيران.

كما أنهم يشعرون بالقلق من أن طهران المحاصرة قد تكون أكثر استعدادًا لتطوير قنبلة نووية وينظرون إلى اتفاق نووي جديد كوسيلة لمنع ذلك. وهم لا يعتقدون أن إيران الضعيفة بشدة تخدم مصالح السعودية، حيث أعادت الرياض ضبط سياستها الخارجية لإعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية وترى أن المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي يمثل عقبة أمام التقدم.

ونقلت "سي إن إن" عن زميل معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فراس مقصد، قوله إنه في حين أن السياسة الخارجية السعودية ترتكز على شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، فإن السياسة الخارجية للرياض "سعت إلى تنويع خياراتها، على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يسمح بالمرونة والبراغماتية عندما تملي الظروف".

وأوضح مقصد لشبكة ”سي إن إن” الإخبارية أن "الإشارة إلى الاستعداد للتوسط بين الرئيس ترامب وإيران تسمح للمملكة بأن تنأى بنفسها ضمنيًا عن حملة الضغط الأقصى التي يمارسها ترامب ضد طهران"، ومع ذلك، قال مقصد إنه ونظرا لانعدام الثقة المستمر بين السعودية وإيران، "فمن غير المرجح أن يتطور هذا إلى ما هو أبعد من الإشارات الدبلوماسية".

ومن المرجح أن يتم اختبار علاقات الرياض مع ترامب، ومدى تأثير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عليه، من خلال خطة الرئيس المثيرة للجدل المتمثلة في "الاستيلاء" على غزة وطرد سكانها الفلسطينيين، وقد يؤدي هذا الاقتراح إلى عرقلة التطبيع السعودي الإسرائيلي، وهو الأمر الذي سعى إليه كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بقوة.

وفي الأسبوع الماضي، أبدى ترامب ملاحظة متفائلة بشأن التطبيع السعودي الإسرائيلي، مدعيا أن الرياض لا تطالب بدولة فلسطينية مستقلة في المقابل، وسرعان ما استجابت المملكة، ورفضت بشدة أي خطة تنطوي على تهجير الفلسطينيين، وأكدت من جديد أنه لن يتم التطبيع دون إقامة دولة فلسطينية.

ومع ذلك، لا تزال علاقة السعودية مع ترامب قوية، وفي حين أن حلفاء الولايات المتحدة الآخرين يتعاملون بحذر لتجنب استفزازه، فمن المرجح أن يستمر نفوذ المملكة ومكانتها الدولية في النمو في عهد ترامب.

حتى أن ترامب أشار إلى أن السعودية يمكن أن تكون الوجهة لرحلته الخارجية الأولى كرئيس – مرة أخرى – حيث يجد محمد بن سلمان نفسه في دور الوسيط غير المتوقع بين الولايات المتحدة وإيران.