الأربعاء 19 فبراير 2025 الموافق 20 شعبان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

قمة القاهرة الطارئة اختبار حقيقي للمواقف العربية والإقليمية

الرئيس نيوز

على الرغم من علامات التحدي الواضح التي أعربت عنها العديد من الدول العربية، وأهمها مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن، لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتطهير العرقي في غزة، والتي تصور التهجير القسري لنحو مليوني فلسطيني، "تطهيرًا... لبناء ريفييرا الشرق الأوسط"، فإن الأسبوع المقبل سيوضح ما إذا كانت كلمات القادة العرب مجرد كلمات أم ستترجم إلى أفعال أكثر واقعية، وهذا في الواقع ما يترقبه العالم أجمع، وفقًا لتحليل موجز نشره موقع الفجر، "دوون"، الأمريكي.

وفي يوم الخميس المقبل، ستناقش مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية المضيفة "الخطة العربية" التي قيل للعالم إن مصر أعددتها قبل القمة العربية في 27 فبراير في القاهرة كمقترح مضاد يهدف إلى السلام وإعادة الإعمار في غزة دون تشريد أو تهجير للفلسطينيين.

وتثار في أمريكا الشكوك حول موقف العالم العربي، وحول البدائل التي قد لا تعجب تل أبيب، وتتضخم هذه الشكوك بحقيقة أن بعض الأطراف العربية هم كذلك من الأعضاء العرب الرئيسيين في منظمة التعاون الإسلامي التي كانت شريكة لإسرائيل في اتفاقيات إبراهام؛ وأن بعض الدول العربية هي أيضًا وجهة يذهب إليها جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي للراحة والاستجمام دون خوف من أي ملاحقة قانونية تذكر.

ويشير أولئك الذين ما زالوا يحملون الشكوك حول الموقف الحقيقي للعالم العربي والإسلامي الأوسع إلى عدد من العوامل فيما يتصل بمخاوفهم. الأول هو أنه على الرغم من التصريحات القوية ضد القتل الجماعي الإسرائيلي في غزة، فقد ظلت الأمور على حالها المعتاد بالنسبة للعديد من هذه الدول، أما ما لا يمكن التنبؤ به، فهو إرادة الفلسطينيين في القتال من أجل تحرير أرضهم.

بينما فرضت إسرائيل إغلاقًا وحشيا على قطاع غزة ولم تسمح إلا بدخول قدر ضئيل من الإمدادات والمواد الإغاثية إلى الفلسطينيين المحاصرين، فإن السعودية والأردن، وفقًا للمزاعم الإسرائيلية التي ينفيها الأردن، تركت طريق الإمدادات البري لإسرائيل دون عوائق من موانئ الخليج عبر أراضيها إلى إسرائيل.

كما انتقدت تركيا في العلن حملة إسرائيل على غزة بكلمات قاسية، لكن إمدادات النفط من أذربيجان عبر جورجيا وميناء جيهان التركي عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان استمرت إلى دولة الفصل العنصري، وباتت تركيا تزود إسرائيل بنحو 30% من احتياجاتها النفطية. وكان هذا أمرًا بالغ الأهمية خلال حملتها العسكرية.

كما سهلت حكومة أردوغان صعود إدارة هيئة تحرير الشام التابعة لها في سوريا، الأمر الذي مكن إسرائيل من ابتلاع أجزاء إضافية من مرتفعات الجولان بما في ذلك جبل الشيخ المهم استراتيجيًا والذي تستطيع إسرائيل من خلاله مراقبة جنوب لبنان ووادي البقاع، معقل حزب الله، وكذلك دمشق إلى الشمال الشرقي.

وعلى الرغم من هذه الأمثلة، فمن الصحيح أيضًا أن المملكة العربية السعودية (التي تنظر مثل جميع الدول العربية والخليجية تقريبًا إلى الإسلاميين مثل تنظيم الإخوان الإرهابي باعتبارهم تهديدًا للوضع الراهن وحكمها) دعت باستمرار إلى حل الدولتين كجزء من "تطبيع" العلاقات مع إسرائيل قبل أن تدخل في اتفاقيات إبراهيم.

كما شهدت حرب غزة انخفاض التجارة السنوية لتركيا مع إسرائيل والتي بلغت 7 مليارات دولار إلى أقل من النصف وتقول مصادر التجارة والصناعة التركية إن الحجم المتبقي لا يرجع إلى الصفقات الحكومية، التي تم حظرها ولكن بسبب الاتفاقيات بين الشركات المملوكة للأجانب في تركيا ودولة الفصل العنصري.

إن هذه الحقائق لابد وأن تؤخذ في الاعتبار، ولكن من أجل إجراء تحليل متوازن فمن المهم أيضًا أن ننظر إلى العوامل المقنعة التي تدفع الدول العربية إلى معارضة التهجير.

وأشار التحليل إلى معارضة مصر بشدة التهجير من غزة إلى أراضيها لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ولا يقل عن ذلك أهمية مخاوف مصر من أن أي عمل مستقبلي من جانب المقاتلين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة قد يجلب انتقام إسرائيل إلى أراضيها ويجرها إلى صراع جديد، والذي قد يمزق اتفاقيات كامب ديفيد للسلام التي أبرمتها مع إسرائيل تحت رعاية أمريكية في عام 1978.

وموقف الأردن أكثر خطورة حيث أن حوالي 35٪ من سكانه البالغ عددهم 11 مليون نسمة يتألفون بالفعل من الفلسطينيين، وكثير منهم غاضبون من الإبادة الجماعية في غزة، وتوسع المستوطنات في الضفة الغربية، وإسرائيل تعيث فسادًا وجبروتًا بالعديد من المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية وقد يؤدي تدفق آخر للفلسطينيين إلى إشعال فتيل برميل البارود الذي هو غير مستقر للغاية على الرغم من ذلك.

وهناك إشارة مشجعة تأتي مما قالته الحكومة السعودية ووسائل الإعلام والشخصيات العامة والأكاديميون داخل البلاد وأيضًا أثناء التحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية، فجميعهم لديهم نفس الرسالة: حل الدولتين شرط أساسي لأي تطبيع وقد نقلت تقارير عن الأكاديمي السعودي مطلق المطيري من جامعة الملك سعود قوله إن المملكة العربية السعودية ستدعم الخطة العربية حتى لو كان ذلك يعني تعويض مصر والأردن عن المساعدات التي هدد ترامب بقطعها.

وأشار التحليل إلى إن الرئيس الأمريكي معروف باتخاذه لمواقف بغيضة واستبدادية من أجل بدء المفاوضات وإبرام الصفقات. كما أن تصرفاته وقراراته لا تزال غير قابلة للتنبؤ إلى حد كبير. ولكن ما لم يكن متوقعًا هو إرادة الفلسطينيين في النضال من أجل الحرية وتحرير أرضهم كما سمع العالم أجمع من أولئك الجالسين على أنقاض منازلهم التي ترقد تحتها رفات أحبائهم، فهؤلاء قالوا إنهم لن يذهبوا إلى أي مكان.