الصين تبني تحالفات فضائية في أفريقيا بينما يخفض ترامب المساعدات الخارجية
سلطت صحيفة جابان تايمز اليابانية الضوء على النتائج التي نشرت عن دراسة لمعهد "الولايات المتحدة للسلام" للأبحاث، وأشارت تلك النتائج إلى أن الصين لديها 23 شراكة ثنائية في مجال الفضاء أبرمتها مع دول متعددة في قارة أفريقيا، بما في ذلك تمويل الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية لجمع صور الأقمار الصناعية والبيانات.
ووفق ما ذكرت وكالة "رويترز"، فإنه "كان من المفترض أن يكون مختبر الفضاء المتطور هو الأول في أفريقيا الذي ينتج أقمارًا صناعية محلية الصنع"، مشيرة إلى أن "مختبر الأقمار الصناعية المصري هو أحدث تقدم في برنامج الفضاء الصيني السري في الخارج".
وأضافت الوكالة أن "بكين تبني تحالفات فضائية في أفريقيا لتعزيز شبكة المراقبة العالمية الخاصة بها وتعزيز محاولتها لتصبح القوة الفضائية المهيمنة في العالم"، كاشفة أن "ما لم تناقشه الصين علنًا هو أن بكين لديها إمكانية الوصول إلى البيانات والصور التي تم جمعها من تكنولوجيا الفضاء هذه"، وأن "الموظفين الصينيين يحافظون على وجود طويل الأمد في المرافق التي تبنيها في أفريقيا".
ومن جانبه، قال ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق والخبير في عمليات التجسس الصينية، نيكولاس إفتيميديس، إن "المعدات الفضائية التي تضعها بكين في الدول النامية تساعد الصين في إنشاء شبكة مراقبة عالمية".
ولفت إلى أن "الصين عملت على إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء لتعزيز قدراتها الاستبدادية... وهي تفعل ذلك بفعالية كبيرة" بحسب زعمه.
من جهته، قال قائد قيادة الفضاء الأمريكية في البنتاجون، ستيفن وايتنج، لـ"رويترز"، إن "التوسع السريع للصين في البنية التحتية الفضائية على الأرض هو مثال على اتجاه أوسع نطاقًا تلحق فيه بكين بالولايات المتحدة في كل شيء بدءًا من الأقمار الصناعية إلى الهبوط غير المأهول على القمر إلى الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية".
وأوضح وايتنج أن بلاده تشهد "تقدمًا مذهلًا من جانب الصين في مجال الفضاء"، لافتًا إلى أن "البنتاجون ينتبه إلى شراكات بكين مع الدول النامية".
ومن غير المرجح أن يعطي فريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأولوية لبناء علاقات فضائية ثنائية بالطريقة التي فعلتها بكين في أفريقيا، وفقًا لثلاثة من قدامى المحاربين في سياسة الفضاء الذين قدموا المشورة لفريق انتقال الرئيس السابق.
ويرى الخبراء أن "التوسع الفضائي للصين في أفريقيا يبرز بوضوح غياب أمريكا. ففي العام الماضي بدأت وكالة ناسا في بناء محطة أرضية في جنوب أفريقيا، وهي الأولى لها في القارة، للتواصل مع المركبات الفضائية في برنامج القمر الأمريكي. وتتكون شراكاتها في الأساس من شبكة من 36 جهاز استشعار جوي بحجم صندوق الأحذية منتشرة في 14 دولة أفريقية، وفقًا لاتفاقيات دولية لوكالة ناسا".
وقال المدير الإداري لشركة "سبيس إن أفريكا"، تيميدايو أونيوسون، وهي شركة استشارية مقرها نيجيريا، إن "بعض الحكومات الأفريقية سئمت تحذيرات واشنطن الأمنية بشأن الصين، وأصبحت أكثر اهتمامًا بالدولة التي ستوفر المال وتكنولوجيا الفضاء".
وأضاف أنه "كان لدى الولايات المتحدة عقود من الزمن لمساعدة أفريقيا في تطوير برامجها الفضائية، لكنها لم تفعل ذلك قط. لقد أدركت هذه البلدان أن الولايات المتحدة لا تضع مصالحها في المقام الأول".
وقال مصدران على دراية مباشرة بالتعاون لـ"رويترز"، إن "فنيين ومهندسين مصريين سافروا في الفترة ما بين نوفمبر 2017 ويناير 2018 للتدريب في الصين في مواقع فضائية وعسكرية.
وعندما بدأت أعمال البناء في مصنع الأقمار الصناعية، كان السفير الصيني في مصر، لياو لي تشيانغ، موجودًا في الموقع. ووفقًا للمصدرين، فإن لياو سيشرف عن كثب على تطوير المختبر.
وقال شخصان مطلعان للوكالة إن معظم بناء القمر الصناعي "مصر سات-2" تم بواسطة شركة "كاسك" في الصين، وتم شحن الأجزاء إلى القاهرة، وتم تجميعها واختبارها بواسطة مهندسين من كاسك ومصر، ثم شحنها مرة أخرى إلى الصين للإطلاق. وقال الشخصان إن القمر الصناعي الذي تبلغ تكلفته 72 مليون دولار ينتمي تقنيًا إلى مصر، لكن "كاسك" لا تزال تراقب البيانات والصور التي يجمعها.
وقال شريف صدقي الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات لرويترز إن منشأة التجميع والقمر الصناعي مصر سات-2 "هدية" من الصين ولا نتوقع أي شيء في المقابل. وأضاف صدقي أن البيانات الواردة من الأقمار الصناعية المصرية مملوكة للقاهرة وتخضع لسيطرتها. وقال صدقي إن مصر لا تنحاز لأي طرف في سباق الفضاء من خلال الشراكة مع الصين.
وقال صدقي في مقابلة أجريت معه في مكتبه بمدينة الفضاء المصرية، وهي مجمع مغلق يستضيف أيضًا وكالة الفضاء الأفريقية الجديدة التي أنشأها الاتحاد الأفريقي: "نحن محايدون، ونتعامل مع الجميع. إذا تلقينا عرضًا، فسنقبله".
ولم يعلق ليو المتحدث باسم السفارة الصينية على الدوافع المحددة التي دفعت الصين إلى الاستثمار في برنامج الفضاء المصري. وقال "إن دعم التنمية في أفريقيا مسؤولية مشتركة بين المجتمع الدولي". وقال إن بلاده محايدة ولن تنجر إلى التنافس بين الولايات المتحدة والصين. لكنه قال إن المنافسة قد تساعد في تعزيز التطور التكنولوجي، تماما كما فعلت المنافسة بين الشرق والغرب في زمن الحرب الباردة.