كشف حساب معرض الكتاب.. ومستقبل الثقافة في مصر!
![الرئيس نيوز]( /UploadCache/libfiles/22/6/600x338o/106.jpg)
مع انتهاء الدورة 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، الأربعاء الماضي؛ أصدرت وزارة الثقافة بيانا أكدت فيه أن هذه الدورة سجلت رقمًا من الزيارات «غير مسبوق مقارنة بدورات المعرض السابقة». كما أشار البيان على لسان رئيس الهية العامة للكتاب إلى أن «ما حققه المعرض من حضور جماهيري كبير، يُعد رقمًا غير مسبوق؛ قياسًا على الدورات السابقة للمعرض؛ وهو شيء يدعو للفخر والسعادة؛ حيث أشارت هذه المعدلات الجماهيرية المكثفة؛ أن هذه الدورة تحتل المرتبة الأولى جماهيريًا؛ على صعيد تاريخ الدورات السابقة».
وبالتالي فإن المسؤولين في وزارة الثقافة يتحدثون عن «نجاح غير مسبوق» بناء على «معدلات» لديهم. وهذا أمر يدعو للفخر طبعا. ومؤشرات تحتاج للتوقف والدراسة للبناء عليها وتعظيم جدواها.
هذا «النجاح غير المسبوق» للدورة 56 من معرض الكتاب يطرح أسئلة أكثر ما يقدم إجابات. أسئلة جميعها تتعلق بمستقبل الثقافة في مصر. طرح هذه الأسئلة قد يخلق مساحة ثقافية أوسع ومستهدفات أكثر في الدورة القادمة من معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ حفاظا على تصنيفه الدولي ودوره الثقافي وتأثيره الواسع. وإيمانا أن جروح «ملف الثقافة» لا تشفى إلا في ضوء الشمس.
![](/Upload/libfiles/22/6/104.jpg)
ربما لم يذكر البيان أي ملاحظات ترددت حول فعاليات هذه الدورة من المعرض الذي غاب عنه وجود أي حدث جماهيري مؤثر وفعال، رغم وجود هذا الجمهور المليوني المعلن عن حضوره.
في البداية نقف عند تصريح أن عدد زوار المعرض هذا العام كسروا حاجز الـ5 مليون زائر في «رقم قياسي» و«غير مسبوق» عن الدورات السابقة.. وهو بالفعل رقم لم يحدث طوال الـ10 سنوات الأخيرة، في 2015 مثلا لم يكسر عدد الزوار حاجز الـ2 مليون، وحتى عندما اقترب عدد الزوار من هذا الرقم في 2018 مسجلا 4.5 مليون زائر؛ تراجع العدد في الدورة التالية (2019) لـ 2.9 مليون زائر فقط. فيما استعاد المعرض جمهوره المليوني في الدورة السابقة مسجلا 4.8 مليون زائرا. لكن المشرتك بين كل هذه الدورات والأرقام –زادت أو انخفضت- هو وجود طريقة واضحة لإحصائها والاعتماد عليها كمؤشرات واضحة.
أما عدد الزوار الذي سجلته الدورة الأخيرة وهو (5،547،970 زائرا)؛ يطرح سؤالا عن كيفية إحصائه وعدّه خصوصا بعد إزالة «الباركود» من كل تذاكر المعرض سواء التذاكر المباعة أو حتى الدعوات المجانية هذا العام بشكل لافت. وذلك بناء على قرار رئيس الهيئة العامة للكتاب د.أحمد بهي الدين. ما يطرح سؤالا آخر عن سر غياب وسيلة القياس والإحصاء الوحيدة من تذاكر معرض الكتاب؟ ولمصلحة من؟
![](/Upload/libfiles/22/6/105.jpg)
وهل يعني الرقم المعلن أن هيئة الكتاب دخل في حسابها 25 مليون جنيه (5 جنيه سعر التذكرة مضروبا في 5 مليون عدد الزوار).. أو حتى 20 مليون بافتراض أن الهيئة طبعت مليون دعوة مجانية؟ هذا مجرد سؤال!.. نحن لا نشكك في الرقم ولكن نسأل عن كيفية قياسه فقط!
بالطبع.. فإن مستقبل الثقافة في مصر يتعلق بشكل كبير بطريقة إدارة إحدى أهم الهيئات في وزارة الثقافة (الهيئة العامة للكتاب) وذلك لسببين.. الأول: أنها الهيئة المنظمة للحدث الثقافي الأهم «معرض الكتاب». أما السبب الثاني: كون رئيس الهيئة الحالي أحد الأسماء المرشحة لتولي حقيبة الثقافة في المستقبل القريب.
أما فيما يخص الشؤون الداخلية لإدارات هيئة الكتاب.. هل من الممكن أن نسأل لماذا أغلب الإدارات والقطاعات الموجودة داخل الهيئة يقوم على إدارتها «قائمين بأعمال»؟ كما عرفنا من عدد من المصادر داخل هيئة الكتاب. ما يعني غياب هيكل واضح بأسماء مكلفة بمهام معينة لمدة معروفة لتنفيذ خطة واضحة ومعلنة.. هذا سؤال نظن أن إجابته ستحل الكثير من مشاكل وتحديات الهيئة والثقافة بشكل عام.
ربما يكون السؤال الأهم: لماذا لم يتم تعيين نائبا لرئيس الهيئة العامة للكتاب رغم أن الهيكل الإداري به وظيفة شاغرة اسمها النائب. رغم أنه قبل أقل من عامين كان د. هيثم الحاج علي يتولي منصب رئيس الهيئة، ود.أحمد بهي الدين نائبا له.
لكن منذ تكليف «بهي الدين» برئاسة الهيئة في أكتوبر 2022 منصب النائب شاغرا دون إبداء أسباب. رغم أنه تعيين نائبا لرئيس الهيئة ربما سيقطع الطريق على كل ما يتردد في الوسط الثقافي وداخل الهيئة نفسها بأن رئيسها يريد أن يكون منفردا في الصورة ومفردا في تحقيق النجاحات «غير المسبوقة» وسيحقق في نفس الوقت فاعلية في إدارة الملف الثقافي الذي يقوم على التعددية بالأساس.
من الملفات المهمة أيضا؛ الانخفاض الكبير في أعداد بيع الكتب. وذلك بعد قرار بتخفيض عدد كتب الطبعة الواحدة لتصبح 300 نسخة بدلا من ألف نسخة في السابق. وأيضا المجلات الصادرة عن هيئة الكتاب فعلى مدار الـ3 شهور السابقة لم لم تتجاوز مبيعات أيا منها الـ50 نسخة، وهو ما يطرح سؤالا عن الأسباب التي أدت لذلك وعن وجود رؤية أو مشروع متكامل لإنقاذها. كما يطرح تخوفات أن يتم التعامل مع إصدارات الهيئة بمنطق «توفير النفقات» كما حدث من إلغاء لنشرة معرض الكتاب، رغم أهميتها وإمكانية استثمارها بشكل فعال سواء ثقافيا وحتى اقتصاديا.
السؤال الأخير.. والحقيقة أنه طلب وليس سؤالا: هل يمكن أن تبدأ الهيئة العامة للكتاب استعدادها للدورة القادمة من معرض القاهرة الدولي للكتاب من شهر فبراير الجاري أو مارس بدلا من الانتظار إلى شهر أكتوبر القادم كما يحدث كل عام؟.. فالأكيد أن فاعلية بأهمية معرض القاهرة الدولي للكتاب تحتاج إلى ترتيب واستعداد واهتمام أكبر. كما أن مستقبل الثقافة في مصر يحتاج لحوار أوسع ومشاركة من كل الكوادر الثقافية والرموز الفكرية.