عاجل| كيف يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على اقتصاد مصر والشرق الأوسط؟
ارتفعت سندات مصر الدولية ترتفع بعد وقف إطلاق النار في غزة ما يعده الخبراء مؤشرا إيجابيا للغاية.
وتوقعت شركة الأبحاث البريطانية "كابيتال إيكونوميكس" أن تبدأ التداعيات الاقتصادية التي أثرت على مصر ودول الشرق الأوسط بصفة عامة في التلاشي حال إتمام اتفاق وقف إطلاق النار.
وتوصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار يوم الأربعاء، وبدأ صباح اليوم الأحد تسليم حماس قائمة الرهائن، انتظارا لبدء سريان اتفاق وقف إطلاق الناء والذي سيمثل خطوة كبيرة نحو تهدئة التصعيد، بحسب ما قالته "كابيتال إيكونوميكس" في تقرير جديد.
وكشف استطلاع للرأي أجرته رويترز يوم أمس الاثنين أن الاقتصاد المصري من المتوقع أن ينمو بنسبة 4.0 بالمئة في العام حتى نهاية يونيو حزيران مع استمرار إجراءات صندوق النقد الدولي في المساعدة على تحسين البيئة الاقتصادية.
وتوقع متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي أجري في الفترة من 9 إلى 20 يناير/كانون الثاني وشمل 19 اقتصاديا أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.7% في 2025/2026 و5.0% في 2026/2027.
وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.4% في 2023/2024 من 3.8% في العام السابق، وفقًا لأرقام البنك المركزي، بسبب أزمة العملة والحرب في غزة المجاورة، والتي خفضت إيرادات قناة السويس وأبطأت السياحة.
وقعت مصر في مارس الماضي حزمة إصلاحات مالية بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، بعد تأمين 24 مليار دولار من صندوق الثروة السيادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير للاستثمار العقاري على ساحل البحر المتوسط.
وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس، الذي توقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 5% هذا العام: "نحن متفائلون بشأن آفاق الاقتصاد المصري على مدى السنوات القليلة المقبلة.
وتشير بيانات المسح إلى أن ضعف الجنيه بدأ يعود بالنفع على الصناعات الموجهة نحو التصدير من خلال تحسين القدرة التنافسية الخارجية".
وفي تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره هذا الأسبوع، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان بنسبة 3.6% في السنة المالية الحالية وبنسبة 4.1% في 2025/2026، في حين توقع البنك الدولي نموا بنسبة 3.5% هذا العام و4.2% في العام المقبل.
وتوقعت وزارة التخطيط المصرية نموًا بنسبة 4.0% في 2024/2025.
وقالت مونيكا مالك من بنك أبوظبي التجاري في أبوظبي، الذي توقع نمو الاقتصاد المصري 4.5% هذا العام، إن تخفيف السياسة النقدية واستئناف تدفقات قناة السويس من شأنه أن يساعد النمو، لكن عوامل أخرى من شأنها أن تثقل كاهل مصر.
وتابعت مونيكا مالك "ما زلنا نرى عددا من التحديات التي تواجه آفاق النمو في مصر، بما في ذلك خلفية السياسة المالية الصارمة ومستويات الاستثمار الضعيفة".
وتوقع استطلاع رويترز أن يبلغ معدل التضخم السنوي العام 20.4% في 2024/2025 و12.4% في 2025/2026 وانخفض معدل التضخم من أعلى مستوى قياسي له عند 38.0% في سبتمبر 2023، ليصل إلى 24.1% في ديسمبر وبحسب متوسط توقعات المحللين للعملة، من المتوقع أن يتراجع الجنيه المصري إلى 52.0 جنيها للدولار بحلول نهاية يونيو 2025، و54.75 بحلول نهاية يونيو 2026.
وقبل السماح له بالهبوط كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي في مارس 2024، أبقى البنك المركزي سعر الجنيه ثابتًا عند 30.85 جنيهًا للدولار. ويتداول الجنيه الآن عند حوالي 50.3 جنيهًا للدولار.
ومن المتوقع أن ينخفض سعر الإقراض لليلة واحدة لدى البنك المركزي إلى 24.00% بنهاية يونيو من 28.25% حاليًا، وإلى 17.75% بنهاية يونيو 2026، وفقًا لتقديرات المحللين، وهو معدل انخفاض أبطأ مما توقعوه في أكتوبر.
وأعلنت كل من قطر والولايات المتحدة، وهما الوسيطان الرئيسيان، عن اتفاق متعدد المراحل مساء أمس، والذي من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد، شريطة الموافقة النهائية.
وتشمل المرحلة الأولى وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، يتم خلالها تبادل الأسرى والرهائن، وستنسحب إسرائيل تدريجيًا من غزة وتسمح بدخول المساعدات، أما المرحلة الثانية، فستهدف إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، ووقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل لإسرائيل، بينما ستركز المرحلة الثالثة على إعادة إعمار غزة، وستقوم الولايات المتحدة ومصر وقطر بدور الضامن لتنفيذ الاتفاق.
قناة السويس
وقالت "كابيتال إيكونوميكس" إنه بالتركيز على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن الاقتصادات المجاورة للصراع – مثل مصر والأردن ولبنان – تأثرت بالتداعيات أكثر من غيرها.
وأفقدت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر التي في أكتوبر 2023، قناة السويس نحو 7 مليارات دولار من إيراداتها خلال 2024. فيما سجلت الإيرادات خلال 2023 نحو 9.6 مليار دولار مقارنة بنحو 10.5 مليار دولار كانت متوقعة قبل الأحداث.
وتعتبر القناة مصدرًا رئيسيًا للعملات الأجنبية لمصر، وفقدان عائداتها لعب دورًا رئيسيًا في إبرام اتفاقات رأس الحكمة وصندوق النقد الدولي مع تصاعد الضغوط الخارجية، بحسب "كابيتال إيكونوميكس".
ورغم ترحيب الحوثيين بوقف إطلاق النار، إلا أن المجموعة ليست مشمولة بالاتفاق، مما قد يعني استمرار خطر تعطيل حركة الملاحة بحسب "كابيتال إيكونوميكس".
طريق أوضح للتعافي في لبنان
واستفاد لبنان بالفعل من تهدئة التصعيد بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في نوفمبر، ومع تراجع نفوذ الحزب، نجح لبنان في انتخاب جوزيف عون رئيسًا الأسبوع الماضي،كما تم تعيين نواف سلام رئيسًا للوزراء، وكلاهما يحظى بقبول من الغرب ودول الخليج العربي.
كما أن القائدين، عون وسلام، ينظر إليهما الغرب ودول الخليج بنظرة إيجابية، وقد أعلنا عن نيتهما السعي نحو إصلاحات اقتصادية في إطار "فصل جديد" للبنان، بحسب التقرير.
وأضافت "كابيتال إيكونوميكس" أن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه، ولكن مع تراجع التوترات في المنطقة وتشكيل الحكومة، يبدو أن طريق لبنان للخروج من أزمته أصبح أكثر وضوحًا.
الخطط المالية لمصر ستعزز ثقة المستثمرين
تستعد الحكومة المصرية للإعلان عن حزمة حماية اجتماعية جديدة تتضمن زيادات في الحد الأدنى لأجور القطاع العام، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وزيادة في مساهمات المعاشات.
وذكرت "كابيتال إيكونوميكس" أنه من غير الواضح حتى الآن التكلفة الإجمالية لهذه الخطوة على الحكومة، لكنها إشارة واضحة إلى أن الحكومة تسعى لطمأنة الأسر ذات الدخل المنخفض من خلال الدعم المالي، في ظل استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
ونوهت أنه في السابق، ربما أثارت مثل هذه السياسات المالية الميسرة قلق المستثمرين نظرًا لهشاشة المالية العامة لمصر وديناميكيات الديون، لكن الجهود المبذولة لتشديد السياسة المالية ساعدت في تحقيق فائض أولي كبير يتجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
أضافت أنه علاوة على ذلك، من المقرر أن يتم تقديم ميزانية جديدة لمدة ثلاث سنوات بحلول أبريل، تتضمن حدودًا صارمة للإنفاق، كما سيتم الإعلان عن سياسة جديدة للديون العامة، تركز على تمديد آجال استحقاق الديون وضمان استمرار نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مسارها التنازلي، ما يساهم في تحسين استدامة المالية العامة وكسب رضا المستثمرين.
السياحة
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إن مصر والأردن، الأقرب إلى النزاعات، وهما من الدول التي تعتمد بشكل كبير على السياحة ولديها قطاعات تعتمد على الاستثمار الأجنبي لدعم النمو.
أضافت أن التهدئة الجيوسياسية المستدامة في المنطقة، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة وتمديد وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل ولبنان في نوفمبر 2024، يمكن أن يحسن البيئة الائتمانية بشكل عام.
وأوضحت أن الانتقال السلمي في سوريا يمكن أن يؤدي مع الوقت إلى عودة اللاجئين من لبنان والأردن وتركيا ولبنان إلى بلادهم.