كيف قضى عمر مكرم "أيام المنفى" في طنطا؟
لكن كيف كانت حياة نقيب
الأشراف في المدينة وهو في المنفى؟
كتاب "سيرة السيد
عمر مكرم"، لمؤلفه الدكتور محمد فريد أبو حديد يكشف عن تفاصيل الإقامة
الجبرية للرجل في طنطا، فيقول: "كان عمر مكرم في هذه المدة كثير الضجر
والضيق، إذ كان لا يباح له الاختلاط بالناس، وكان الحراس يلازمونه حيث سار، فكان
أشبه شيء بالسجين لما قيدت به حريته".
وماذا فعل الرجل؟ يواصل
الكتاب: "كان يحاول أن يخفف من ضجره بأن يخلق لنفسه عملا يقبل عليه، فلم يجد
إلا أن ينتقل بين حين وآخر إلى شاطئ البحر يغرق أفكاره المضطربة في أمواجه الصاخبة".
لكن عمر مكرم قرر أن
يفعل شيئًا ملموسًا حتى في منفاه، يقول "أبو حديد: "رأى أن يبني خانا
هناك لنزول التجار الذين كانوا يقصدون دمياط من سائر البلاد في سفنهم"، وهي
أماكن كان معروفة قديمة كاستراحات للتجار.
بعد ذلك، أتيح لـ"مكرم"
بعض الراحة والحرية عن أيامه الأولى في المدينة، إذ كانت الأمور استتبت لمحمد علي
في القلعة، وفرغ من القضاء على المماليك في المذبحة الشهيرة، وأرسل ابنه "إبراهيم"
على رأس جيش كبير لقتال الوهابيين في شبه الجزيرة العربية.
ويوضح أبو حديد أنه "لذلك
فإن محمد علي لم يجد بأسا في أن يبيح لصديقه القديم من الحرية ما كان يحظر عليه،
ولهذا كان مقام السيد عمر في طنطا أرفق به وأروح".
ويرجح المؤلف أن الباشا
كان مستعدًا للإفراج عن عمر مكرم شريطة أن يتلقى منه أي كلمة رجاء بذلك، لكن الرجل
الذي قاوم الفرنسيين ثم الباشا نفسه لسنوات، أبى أن يفعل، إلى أن تهيأت فرصة دون
خضوع أو طلب، عندما أعاده الوالي إلى القاهرة في يناير 1819، بعد أن هنأه على
الانتصار على الوهابيين.