الجزائر.. هل تعود الأحزاب الإسلامية للحياة السياسية؟
لا زالت أحداث العشرية السوداء وما خلفته من معاناة للشعب الجزائري وما لحق بالدولة ومقدراتها من دمار عالقا في الأذهان.
فبحذر شديد، سعى الحراك الشعبي إلى تغيير نظام الرئيس
عبدالعزيز بوتفليقة تجنبا لمآلات ثورات الربيع العربي والحرب الأهلية عام 1991.
كما لم يغفل الجزائريون عن محاولات البعض سواء كان
فردا أو حزبا لسرقة تظاهراتهم السلمية و مكتسباتها أو أحداث فرقة في المجتمع الذي خرج نتيجة لتردي
الأوضاع الاقتصادية وتزايد معدلات البطالة وتفشي الفساد.
"الأحزاب الإسلامية تسعى للعودة للعمل السياسي"
كان موقف الشارع الجزائري واضحا وقويا منذ البداية،
في الرد على كل المحاولات التي وصفها البعض بأنها مساع لسرقة مكتسبات الحراك الشعبي
الرافض لولاية خامسة للرئيس، فقاموا بطرد زعيم حزب العدالة والتنمية المنتمي لجماعة
الإخوان، عبدالله جاب الله في 15 من مارس.
وفي الأول من أبريل، شاركت حركة مجتمع السلم (حمس)
المحسوبة على التيار الإخواني ببيان ترفض فيه الحكومة الجديدة التي عينها " بوتفليقة"
قبل أن يعلن استقالته في 3 أبريل.
ويعتبر عبدالله جاب الله من أبرز الساسة الإسلاميين
في الجزائر خلال العشرين عاماً الماضية، كما أنه ترشح في الانتخابات الرئاسية الجزائرية
مرتين، إلا أنه مني بهزيمة ساحقة وكان ذلك عامي 1999 و2004 ولم تتعد نسبة الأصوات التي
حصل عليها الــ 5 في المائة.
"الأحزاب الإسلامية مهترئة"
ورداً على سؤال "الرئيس نيوز" للناشط
السياسي والحقوقي الجزائري صالح حجاب حول إمكانية عودة الأحزاب الإسلامية، قال:
"علينا أن نمر إلى فترة انتقالية تحكم فيها كل الأيديولوجيات كي نبني المؤسسات
للديمقراطية ونبني مواطنين يختارون من يحكمهم على أساس الكفاءة، لا على أساس طول اللحية
أو نوعية القميص، وهذا تفادياً لما حدث سنة 1991".
وأضاف: "الأحزاب الإسلامية في الجزائر تهرأت،
الجبهة الإسلامية تراجعت رغم ظهور حركة رشاد التي تحاول أخذ مكان الجبهة، وحزب حمس
ممقوت جملةً وتفصيلاً لتقلبه المستمر ولمشاركته في السلطة التي ينعتها بالمافيا، خرج
سنة 2011 من السلطة طمعاً في الرجوع إليها عبر الباب و لكنه لم يرجع و لم يصل الربيع
العربي عل الطريقة التونسية/المصرية للجزائر".
وتابع: "حزب الإصلاح ساند علنا العهدة الخامسة
فهو موالي، كما أن حزب تاج موالي جهاراً نهاراً و ممقوت لدرجة كبرى، و حزب العدالة
والتنمية لديه بعض المصداقية رغم أن لديه نواب في البرلمان الصوري لا يريدون الاستقالة
رغم ما يحدث قي البلاد.
واختتم "إذا كان لإسلاميي الجزائر رجاحة وحنكة
إسلاميي تونس فعليهم الاقتداء بهم".
"التعامل مع بحذر مع الأحزاب الإسلامية"
ومن جانبها، قالت الإعلامية الجزائرية هدى فتوان
لــ"الرئيس نيوز": "انتفاضة الشعب الجزائري لم تكن ضد بوتفليقة كشخص
فقط و إنما طالبت بالتصليحات السياسية الجذرية ولم ير الشارع في أحزاب المعارضة البديل
المناسب، إذ أن معظم الأحزاب لم تنزل إلى الشارع لمساندة الحراك.
وشددت فتوان: "العشرية السوداء في الجزائر
جعلت الشعب الجزائري يتعامل بحذر مع الأحزاب الإسلامية التي لديها حظوظ ضئيلة أو منعدمة
في العودة مجددا للساحة السياسية لان الشعب يطالب
بالتغيير الشامل و بوجوه جديدة وشابة".
"العشرية السوداء حاجز منيع ضد الجماعات
الإسلامية"
وفي حديث خاص لـ"الرئيس نيوز"، قال أشرف
العشري، مدير تحرير صحيفة الأهرام ومديرمكتب الأهرام في الجزائر سابقا: "من الصعب
جدا عودة الجامعات الإسلامية للمشهد السياسي لأن المؤسسة العسكرية استطاعت السيطرة
عليهم، حتى مع وصول بوتفليقة عام 1999 للحكم وصدور مبادرة الوئام المدني عام 1999 ومبادرة
الصلح الوطني 2005 تم القضاء على الجماعات الإرهابية وتهميشهم ولم يعد سوى حزب
"حمس" وهي حركة محسوبة على الإخوان،
إلا أنها كانت مدجنة لأنها دخلت في تحالف ثلاثي مع (الحزب الحاكم والحزب الوطني
الديمقراطي) لمدة عشرة سنوات.
ويضيف العشري "المعطيات لا توحي بان هناك مساحة
لحرية الحركة لمن يوصفون بجماعة الإسلام السياسي لاعتلاء صدارة المشهد لان الحراك يقوده
الأغلبية الشعبية إضافة إلى جيل الشباب الذي يمثل قوامه 60 في المئة.
ويقول العشري: "تجربة العشرية السوداء والتي أدت إلى مقتل ما لايقل عن 200 ألف جزائري بمآسيها وكوارثها خلقت حاجزا منيعا بمصدات وقائية للجزائرين لعدم الرهان على جماعة الإسلام السياسي كما أن قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ متمثلة (عباس مدني/علي بلحاج/ حشاني عبد القادر) اختفوا من المشهد تماما.