الجمعة 10 يناير 2025 الموافق 10 رجب 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

وزير البترول السابق يكشف لغز أزمة الغاز: مليون طن تراجع شهري.. وتراكم مستحقات الشركاء الأجانب "فاقم المشكلة" (حوار)

وزير البترول السابق
وزير البترول السابق المهندس أسامة كمال

المهندس أسامة كمال، وزير البترول السابق في حواره لـ"الرئيس نيوز":

إنتاج الحقول يتراجع من 10 -15% سنويًا بعد إنتهاء فترة الذورة 

6 مليارات قدم احتياجات السوق المحلى من الوقود 

حصة مصر من الإنتاج 5 مليارات قدم مكعب والشريك الأجنبي يحصل على 2.2 مليار

30% فاقد من الطاقة بسبب الهدر وسرقة التيار.. واستهلاك الكهرباء فى الصيف يرتفع إلى 38 جيجاوات

الحكومة تستهدف تحقيق 42% من الطاقة المنتجة من مصادر متجددة بحلول 2030 لكن لم تحقق سوى 3%

سداد 2.5 مليار دولار من مستحقات الشركاء الأجانب منذ يونيو الماضى.. والحكومة تخطط لسداد مليار دولار إضافية

 

كشف المهندس أسامة كمال، وزير البترول السابق، عن التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة في ضوء التراجع الملحوظ في إنتاج الغاز والبترول، فضلًا عن تأثيرات هذه التحديات على الاقتصاد الوطني، لافتا إلى الحلول التي تم اتخاذها لمواجهة هذه الأزمة، بما في ذلك سداد مستحقات الشركاء الأجانب، بالإضافة إلى الخطط المستقبلية للتوسع في الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأكد المهندس أسامة كمال في حوار لـ “الرئيس نيوز” أن حل أزمة الغاز والبترول يعتمد على التكامل بين زيادة الإنتاج وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، كما شدد على أهمية الاستمرار في سياسة التنوع في مصادر الطاقة ورفع كفاءة الشبكات لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري. إلى نص الحوار:

- بدايةً، كيف ترى تراجع الإنتاج البترولي والغاز الطبيعي محليًا إلى نحو مليون طن شهريًا خلال العام الماضي، وما هي أسبابه؟

بالفعل، هناك انخفاض ملحوظ في إنتاج مصر من المواد البترولية والغاز الطبيعي بحوالي مليون طن شهريًا في 2024 مقارنة بـ 2023، وهذا التراجع أمر طبيعي فى حقول الغاز والبترول، فمع مرور الوقت، يحدث انخفاض في ضغط الآبار، وعندما نكتشف بئرًا جديدًا، يبدأ الإنتاج بشكل قوي، ولكن مع مرور الوقت ينخفض الضغط، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج بشكل تدريجي. هذا التراجع يحدث بشكل تدريجي ويصل في بعض الحالات إلى 10-15% سنويًا.

- كيف يؤثر انخفاض ضغط الآبار على الإنتاج؟ وهل له تأثيرات على معدلات الاستهلاك المحلي؟

بالتأكيد، انخفاض الضغط يؤثر بشكل كبير على معدلات الإنتاج. في البداية، يبدأ الإنتاج بنشاط كبير، ويمكننا سحب حوالي 300-350 مليون قدم مكعب في اليوم لمدة 6 أشهر، ثم يصل الإنتاج إلى ذروته حوالي 3 مليارات قدم مكعب يوميًا، وهو ما حدث في عام 2019، وبعد هذه الذروة، يبدأ الضغط في الانخفاض بمعدل يتراوح بين 10-15% سنويًا، مما يؤدي إلى انخفاض في الإنتاج، هذا يشكل تحديًا في تلبية الاحتياجات المحلية، مما يفرض علينا تقليص الاستهلاك في بعض المجالات.

- حقل "ظهر" يعد من أهم حقول الغاز في مصر. كيف ترى الوضع الحالي به؟ وهل هناك تحديات في الحفاظ على مستوياته الإنتاجية؟

حقل "ظهر"، مثل أي حقل غاز آخر، ينخفض معدل إنتاجه تدريجيًا مع انخفاض الضغط، وبالتالي يقل الإنتاج، حيث تتراوح معدلات الانخفاض عادة في حدود 10% في الحقول البحرية أو حقول المياه العميقة، وفي بعض الحالات يصل هذا الانخفاض إلى 15% سنويًا، وهو ما يعني تراجعًا متوقعًا في الإنتاج إلى مليار قدم مكعب يوميًا، لكن حتى الآن، الإنتاج في حقل "ظهر" حافظ على مستويات جيدة، حيث وصل حاليًا إلى 1.7 مليار قدم مكعب يوميًا.

- إذًا، ما سبب تفاقم الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك مؤخرًا؟

إنتاج الوقود بشكل عام يرتبط بآليتين أساسيتين. الأولى تتعلق بعمل معالجة ثنائية أو ثلاثية للآبار الموجودة بالفعل، والثانية تتمثل في حفر آبار جديدة، وفي الحالتين، فإن الأمر مكلف للغاية ويتحمله الشركاء الأجانب العاملة في مجال التنقيب والاستكشاف، حيث تحصل الشركات على حصة من الإنتاج مقابل أعمال التنقيب التي قامت بها، في مصر، نحن بحاجة إلى حوالي 6-6.2 مليار قدم مكعب يوميًا، فى حين تبلغ حصة مصر من الإنتاج 5 مليارات قدم مكعب، وفى المقابل يحصل الشريك الأجنبي على 2.2 مليار قدم مكعب، مما يعني أننا نشتري من الشريك الأجنبي مليار قدم مكعب تقريبًا، لكن الآن، الإنتاج الإجمالي انخفض إلى أقل من 4.5 مليار قدم مكعب، وبالتالي انخفضت حصتنا إلى 3 مليارات قدم مكعب وأصبحنا مضطرين لشراء حصة الشريك الأجنبي واستيراد الغاز من الخارج لتغطية الاحتياجات، وهذا يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية وتراكم مستحقات الشركاء الأجانب، مما يتسبب في تعطيل عمليات الاستكشاف، وهى الأزمة التى تعرضت لها مصر خلال الفترة بين عامي 2011 حتى 2014.

- ذكرت أن الشركاء الأجانب لهم دور كبير في عمليات الاستكشاف.. كيف يتم التعامل مع مستحقاتهم المتأخرة في ضوء الأزمة الحالية؟

بالفعل، الشركاء الأجانب لهم دور رئيسي في عمليات البحث والاستكشاف. مع توقف سداد مستحقاتهم، يتباطأ البحث، وتصبح العمليات أكثر تعقيدًا، وفي هذا السياق، تم اتخاذ خطوات هامة مثل وضع جدول زمني لسداد المستحقات المتأخرة، فمن يونيو حتى ديسمبر 2024، تم سداد 2.5 مليار دولار، ونحن بصدد سداد مليار دولار أخرى خلال يناير 2025، بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق مع الشركاء على منحهم حوافز إضافية، بحيث يحصلون على حصة أكبر من المتعاقد عليها عندما يزيد الإنتاج، ورفع سعر شراء الوحدات المنتجة، هذا الأمر ساعد بشكل كبير في تحسين العلاقة مع الشركات الأجنبية وزيادة الإنتاج، وهو ما بدأ يظهر في نتائج الإنتاج الحالية.

- في ضوء هذه التحديات، كيف ترى تطور الإنتاج في المستقبل؟ وهل من المتوقع أن نصل إلى مستويات إنتاجية عالية في السنوات المقبلة؟

أنا متفائل بخصوص المستقبل، مع استمرار سداد المستحقات واتباع الخطط الحديثة لتحسين الإنتاج. من المتوقع أن نصل إلى إنتاج يتجاوز 5 مليارات قدم مكعب يوميًا، ولكن للوصول إلى المعدلات القديمة، قد نحتاج إلى حوالي سنة ونصف إلى سنتين، الأهم هنا هو أننا بحاجة إلى تقليص استهلاكنا بطريقة رشيدة، فالقطاع الأكثر استهلاكًا للغاز هو الكهرباء، ولذا قامت الوزارة بزيادة اعتمادها على الطاقة المتجددة بنحو 6 جيجاوات من مصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لتخفيف الضغط على الغاز.

- كيف يمكن أن تؤدي تلك المؤشرات إلى عودة أزمة انقطاعات الكهرباء في الصيف المقبل؟

أتمنى ألا تعود أزمة انقطاعات الكهرباء مجددًا في فصل الصيف، لكن الأمر يتطلب تكامل الجهود من الحكومة والمواطنين، خاصة مع تزايد معدلات الاستهلاك بشكل كبير بسبب استخدام أجهزة التكييف، حيث تتراوح الزيادة من 30 إلى 38 جيجاوات بسبب التكييفات، ويمثل هذا الاستهلاك العالي في فصل الصيف تحديًا حقيقيًا، ونحن بحاجة إلى التعامل معه بطرق أكثر كفاءة، بالإضافة إلى ذلك، تحاول الدولة تحسين كفاءة الشبكة الكهربائية للحد من فاقد الطاقة وسرقة التيار الكهربائي، الذي يمكن أن يصل إلى 30% من إجمالي الطاقة المنتجة.

- هل هناك خطط مستقبلية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وزيادة مصادر الطاقة المتجددة؟

نعم، هناك خطة طموحة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. الحكومة تستهدف تحقيق 42% من إجمالي الطاقة المنتجة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، لكن حتى الآن، لم تحقق سوى 3% من هذه النسبة، وهناك العديد من المشاريع الطموحة، مثل إضافة 6 جيجاوات من الطاقة المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهي خطوة هامة نحو تحقيق هذه الأهداف.

- وأخيرًا، ماذا عن دور تحسين كفاءة الشبكة الكهربائية في مواجهة الأزمة؟

تحسين كفاءة الشبكة الكهربائية يعد أحد العوامل الرئيسية في تقليل استهلاك الكهرباء بشكل عام. هناك جهود حقيقية للتحكم في استهلاك الطاقة، خاصة في فصل الصيف حيث يشهد الطلب على الكهرباء ذروته، كما أن السيطرة على الفاقد من الطاقة والحد من سرقة التيار الكهربائي يشكل تحديًا كبيرًا، وبالتالي يجب التركيز على تحسين كفاءة الشبكة وتقليل الفاقد.