هل تتأثر مصادر الطاقة الجزائرية بعد بوتفليقة؟
مع تداعيات الأزمة السياسية التي تشهدها الجزائر بداية من تظاهرات الـ 22 من فبراير الماضي الرافضة لترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة وحتى استقالته في 2 أبريل، دخلت قطاعات الطاقة على خط الأزمة بانضمام عمال حقول النفط والغاز الطبيعي للحراك الشعبي للضغط على النظام.
يقدر الانتاج المحلي الجزائري من النفط بنحو 1.2 مليون برميل يوميا مماوضعها في المرتبة الثالثة افريقيا، فيما بلغ إنتاجها من الغاز نحو 135 مليار متر مكعب احتلت بها المركز التاسع عالميا.
الأزمة الاقتصادية الجزائرية
تمتلك الحكومة الجزائرية شركة سوناطراك وهي المسؤولة عن تسويق المحروقات والتي تحولت فيما بعد الى مجموعة بترولية وغازية ضخمة.
في البداية، نفت شركة سوناطراك تلك الاحتجاجات العمالية المؤيدة للحراك الشعبي قبل أن يؤكد مدير إدارة الاتصالات بالشركة منير صخري، وقوع احتجاجات في حقل حاسي الرمل، الذي يعد أكبر حقول الغاز في البلاد، نافيا في الوقت نفسه تأثر الانتاج.
ويمثل قطاع الطاقة بالنسبة للاقتصاد الجزائري شريان الحياة ، حيث تساهم المحروقات فيما يقرب من 95 في المائة من مداخيل البلاد وتؤمن نحو 60 في المائة من عائداتها في الموازنة.
ومن جانبها قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، في 28 من مارس الماضي ان الأزمة السياسية في الجزائر ستعمق التحديات الاقتصادية والمالية في البلاد وستشكل خطرا على التقييم الائتماني للبلاد.
المخاوف الاقتصادية هي الثانية بعد أزمة انخفاض اسعار النفط عام 2014 والتي اثرت على الأوضاع الاقتصادية للبلاد، مما نتج عنه عجزا في الميزانية قدر بنحو 15 في المائة، قامت الحكومة بمواجهته بالعزوف عن اجراء اصلاحات اقتصادية تجنبا للسخط الشعبي.
وعلى الرغم من تحسن أسعار النفط تدريجيا، الا أن "مجموعة الأزمات الدولية" أكدت في نهاية العام 2018 على ضرورة اجراء اصلاحات لتنويع الاقتصاد مشيرة الى أنه رغم تحسن أسعار النفط، فإن الأزمة الاقتصادية يمكن ان تضرب البلاد اعتبارا من 2019.
تاثير الأزمة السياسية خارجياً
المخاوف من الأزمة السياسية ألقت بظلالها على كوبا، حيث تخشى هافانا من تاثر صادراتها من الخدمات الصحية للجزائر مقابل النفط والمال.
علاقة كوبا بالجزائر، ليست وليدة اللحظة، ولكنها تعود الى أوائل الستينات عندما أرسل الزعيم السابق فيدل كاسترو أطباء وقوات الى الجزائر بعد تخلصها من الاستعمار الفرنسي.
ومع الأزمات الاقتصادية التي عصفت بكوبا في السنوات الأخيرة، لجأت هافانا إلى استيراد النفط من الجزائر مقابل تلك الخدمات الصحية.
ومن جانبه، قال خورخي بينون مدير برنامج الطاقة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بجامعة تكساس في أوستن "أن كوبا أحد قد تفقد أحد حلفائها السياسيين القلائل الذين يتمتعون بقدرة إنتاجية وتصديرية للنفط والدخول في اتفاقية مقايضة للخدمات مثل الأطباء والمدرسين مقابل النفط.
أزمات سياسية أثرت على مصادر الطاقة:
"خسائر الاقتصاد العراقي"
يتكبد الاقتصاد العراق خسائر كبيرة تقدر بمليارات الدولارات جراء عمليات السرقة والتهريب للنفط التي بدأت إبان الغزو الأمريكي للبلاد وسقوط النظام عام 2003.
ويعد العراق هو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة ، الا انها تواجه عمليات سرقة وتهريب للنفط، تحدثت عنها تقارير دولية عديدة.
"الاقتصاد الليبي مازال يعاني"
يتعرض الاقتصاد الليبي الى عمليات نهب وتهريب كبيرة للحقول النفطية منذ اندلاع الثورة الليبية عام 2011 وتفاقمت منذ عام 2013، حتى وصل الأمر إلى اغلاق الموانئ النفطية.
الحرب اليمنية تعصف بالاقتصاد
مابعد الثورة اليمنية والانقلاب على الشرعية من قبل ميليشيات الحوثي، كبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة أثرت بشكل كبير على المجتمع اليمني، وذلك نتيجو لعمليات النهب والتهريب للنفط والاغلاق للموانئ النفطية.
وفي تصريحات خاصة لــ "الرئيس نيوز، قال الباحث في العلوم السياسية الدكتور مصعب حمودي، إن من أسباب خروج الشعب إلى الميادين كان نتيجة للأوضاع الاقتصادية المهترئة، مشيرا إلى أن الأوضاع قد تزاد سوءا قليلا وهذا أمر طبيعي.
وأوضح حمودي أن من بين الأسباب الرئيسية التي ستحدد تأثر مصادر الطاقة هو المسارات التي سيتم اتخاذها في مرحلة مابعد بوتقليقة، فان كانت المسار هو تجديد النظام فمن المؤكد أن الأوضاع ستزداد سوءا، وإن كان وفقا رغبات الشعب المتمثلة في إنشاء مجلس تأسيسي يقود إلى مجلس دستوري فسيكون هناك فترة ركود قليلا ولكن تتحسن الأوضاع بعدها".
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي نايل فالح الجوابرة لــ "الرئيس نيوز" إن إنتاج الجزائر للنفط لم يتأثر بسبب الأزمة السياسية مضيفا أن خفض منظمة أوبك للإنتاج ساعد في ارتفاع الأسعار.
كما أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى البزركان " أن الأزمة السياسية التي تشهدها الجزائر لاتؤثر على النفط والغاز في ظل وجود شركة تدير عملية الانتاج وهي سوناطراك".
وتابع البزركان "من الحكمة أن تبقى مصادر الطاقة بعيدا عن الأزمة السياسية" مشددا على ضرورة تعامل مراكز القيادة والعاملين بالشركة بحكمة بالغة فيما يتعلق بهذا الملف و أن يحافظوا على الانتاج حتى لايتاثر المجتمع الجزائري".