عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. إلى أين يتجه الصراع بالشرق الأوسط في 2025؟
بعد أكثر من عام من القتال على سبع جبهات، وسعت إسرائيل نطاق الحرب إلى لبنان وإيران. فمع بداية عام 2025، لن ترى الحرب نهاية في الأفق على الأرجح، وفقًا لتحليل موقع "أني" الجنوب آسيوي المتخصص في الشؤون الجيوسياسية.
حكومة نتنياهو تعرضت لضغوط داخلية متواصلة لإعادة الرهائن. كما برزت انقسامات داخل حكومة نتنياهو الحربية، حيث دعا بعض الوزراء وزعماء المعارضة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، في حين أكد زعماء اليمين المتطرف في الحكومة بقوة على ضرورة استمرار العمليات العسكرية الانتقامية في غزة، وبما أن الهجوم أدى إلى اندلاع صراع شامل، فقد دخلت عوامل خارجية أخرى إلى ساحة المعركة الدائرة، بما في ذلك حزب الله من لبنان، والحوثيون من اليمن، وكلاهما وكيلان لطهران، في شن هجمات جديدة على إسرائيل.
المخاوف الإنسانية الناجمة عن الحرب
وأثار الصراع المحتدم أيضًا العديد من المخاوف الإنسانية وسط تزايد الخسائر بين المدنيين. ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 45 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال في غزة. كما وردت أنباء عن سقوط ضحايا في لبنان، ورغم أن التعاطف مع إسرائيل كان كاذبًا بعد السابع من أكتوبر، إلا أن بعض هذا التعاطف تبدد تدريجيًا وتحوّل وسط تقارير عن مخاوف إنسانية في غزة. فقد أثارت العديد من مقاطع الفيديو والروايات التي تظهر الهجمات الإسرائيلية على المدنيين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة دهشة العالم.
واتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بمواصلة عرقلة المساعدات إلى غزة "بشكل منهجي". وذكرت قناة الجزيرة أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قالت إن المساعدات ليست كافية على الإطلاق وأن وقف إطلاق النار ضروري بشدة لتحقيق ذلك في ظل اقتراب المجاعة.
وفي ظل البرد القارس، قالت منظمة اليونيسيف إن سبعة أطفال رضع لقوا حتفهم بسبب انخفاض حرارة الجسم في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة. ووفقا للأمم المتحدة، فإن ما لا يقل عن 1.9 مليون شخص (أو تسعة من كل عشرة أشخاص) في جميع أنحاء قطاع غزة نازحون داخليا، بما في ذلك الأشخاص الذين نزحوا مرارا وتكرارا.
وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى نزوح نحو 85% من سكان غزة وسط نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية، في حين تضررت أو دمرت 6% من البنية الأساسية، وفقًا للأمم المتحدة. حتى أن خبراء الأمم المتحدة أعلنوا أن تصرفات إسرائيل في غزة ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف عملياتها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة والانسحاب من القطاع، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن". وأصدرت المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة ومقرها لاهاي بهولندا الأمر في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، مشيرة إلى "خطر هائل" يهدد السكان الفلسطينيين، وتقدمت المحكمة الجنائية الدولية كذلك بطلب لإصدار مذكرات اعتقال ضد كبار القادة الإسرائيليين وحماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة.
وفي ضربة أخرى لإسرائيل، اعترفت بعض الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا، رسميا بالدولة الفلسطينية يوم الثلاثاء، وهو ما أكد الضغوط المتزايدة على إسرائيل من أوروبا بسبب حربها المستمرة مع حماس في غزة.
ماذا قد تعني رئاسة ترامب بالنسبة للصراع؟
وصف رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذات مرة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه "أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق"، وخلال فترة ولايته السابقة، كان ترامب قد توسط في "اتفاقيات إبراهام"، التي كانت تهدف إلى استقرار العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وخلال حملته الرئاسية، قال ترامب إنه يريد أن يعود الشرق الأوسط إلى "السلام الحقيقي، السلام الدائم".
وكان ترامب قد زار مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، المعروفة باسم "عاصمة" العرب الأمريكيين. وتحدث مباشرة إلى الأمريكيين من أصل لبناني الذين أعربوا عن خشيتهم على عائلاتهم في الخارج، كما أصدر الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب تحذيرا شديدا لحماس بشأن أزمة الرهائن المستمرة في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن "الثمن سيكون باهظا" في المنطقة إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير/كانون الثاني 2025، أي قبل تاريخ توليه منصبه في البيت الأبيض.
وتعهد ترامب بأن المسؤولين عن احتجاز الرهائن سيتلقون "ضربة أقوى" من أي إجراءات سابقة اتخذتها الولايات المتحدة ضد كيانات أجنبية. وأضاف في المنشور: "سيتلقى المسؤولون عن هذا الهجوم ضربة أقوى من أي ضربة أخرى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل والحافل. أطلقوا سراح الرهائن الآن!"، إلا أن التحليل حذر من أن رئاسة ترامب المقبلة - كما كانت رئاسته الأول – لا تزال مشوبة بعدم القدرة على التنبؤ فيما يتعلق بسياسته بشأن أزمة الشرق الأوسط.