الأربعاء 01 يناير 2025 الموافق 01 رجب 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

شهادات مروعة حول جرائم جيش الاحتلال بحق المدنيين أثناء اقتحام مستشفى كمال عدوان

الرئيس نيوز

جمع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شهادات مروعة توثق جرائم خطيرة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين خلال اقتحامه مستشفى كمال عدوان والمناطق المحيطة به شمال قطاع غزة.

ونشر المرصد عبر موقعه على الويب تقريرًا جاء فيه: "شملت هذه الجرائم القتل العمد والإعدامات الميدانية، فضلًا عن الاعتداءات الجنسية والجسدية على النساء والفتيات من الطواقم الطبية والنازحات في المنطقة".

وأضاف: "اقتحمت وحدات من قوات المشاة والمدرعات الإسرائيلية مستشفى كمال عدوان ومحيطه يوم الجمعة، بعد أسابيع من الحصار والقصف المدفعي والجوي، والهجمات المستهدفة على الطواقم الطبية والفنية العاملة في المستشفى. كما أدت الهجمات إلى تعطيل القدرات التشغيلية للمستشفى من خلال استهداف مولدات الكهرباء ومعدات إنتاج الأكسجين".

ووفقًا للشهادات التي جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي الميداني، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها للمستشفى سلسلة من الجرائم المروعة، شملت تفجير روبوتات مفخخة بالقرب من عدة منازل مأهولة بالسكان، مما تسبب في انهيارها ومقتل مدنيين بداخلها. كما شملت الجرائم إعدام جنود الاحتلال للمدنيين على الفور، بعضهم مصاب، وآخرون يحملون الرايات البيضاء.

واعتقل جيش الاحتلال عشرات النساء والفتيات، وأخضعهن لاعتداءات شديدة ترقى إلى التحرش الجنسي، إلى جانب المعاملة المهينة التي تنتهك كرامتهن الإنسانية، بما في ذلك الضرب وإجبارهن على خلع الحجاب والملابس.

كما أخلت قوات الاحتلال بالقوة كل من كان في المنطقة، وأجبرتهم على الفرار خارج محافظة شمال غزة. وخلال هذه العملية، اختطف الجيش عشرات الأفراد، بينهم أعضاء في الطواقم الطبية والخدمية، مثل الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، والصحفي إسلام أحمد.

وقال أحد المسعفين، ويدعى "أ.ع."، 41 عامًا، لفريق المرصد الأورومتوسطي: "أنا مسعف متطوع. كنت أقيم في منزل بالقرب من مستشفى كمال عدوان مع 11 مدنيًا. حوالي الساعة 12:30 من منتصف ليل الجمعة، سمعنا صوت سيارة عند الباب. أخبرت من معي أنه يبدو أن الجيش يضع روبوتات متفجرة. نظرت من النافذة، فرأيت عدة روبوتات أمام منازل في المنطقة".

وأضاف: "تركنا منزلنا وانتقلنا إلى منزل آخر قريب، على أمل النجاة من الانفجارات. بعد حوالي نصف ساعة، بدأت الروبوتات تنفجر. كانت الأصوات هائلة ومرعبة، وكأنها قنابل نووية مصغرة"، ثم تابع: "خلال هذه الأثناء أخبرنا شاب وصل إلى منزل آخر في المنطقة أن المكان الذي لجأوا إليه تعرض للقصف، مما أدى إلى إصابة عدة أشخاص، فهرعت مع آخرين للمساعدة، ولكن عندما اقتربنا من المنزل أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخًا آخر عليه، وتمكنا من إخلاء أحد المصابين ووجدنا آخر ميتًا، لكننا أصيبنا أيضًا في هذه العملية، وفي تلك اللحظة سمعنا صراخًا من منزل مجاور تعرض للقصف أيضًا، كنا في حالة يرثى لها، مصابين وغير قادرين على المساعدة".

وتابع: "عدنا إلى المنزل وسط الانفجارات المستمرة، وفي الصباح عدنا إلى منزلنا الأصلي لنجده مدمرًا بشكل شبه كامل، ورغم ذلك جلسنا في المطبخ حوالي 14 شخصًا، ثم بدأت آليات الجيش بقصف المنزل، وصرخنا بأننا مدنيون، فخرج صاحب المنزل رافعا راية بيضاء، لكن الجنود أطلقوا النار عليه على الفور من مسافة قريبة وأردوه قتيلًا، وعندما حاولنا انتشال جثته أطلقوا علينا قذيفة أدت إلى إصابة المزيد منا، وكان من بيننا طفل يبدو أنه يعاني من اضطراب نفسي تفاقم بسبب القصف المتواصل، ولاحقا أرسل الجيش مدنيا (معتقل فلسطيني) ليخبرنا أن نسلم أنفسنا، فقلنا إننا مدنيون ورفعنا راية بيضاء، واقتادونا إلى منطقة مفتوحة بالقرب من المقبرة، حيث أجبرونا على خلع ملابسنا والوقوف في البرد القارس، وعندما خرج الطفل المصاب بالاضطراب النفسي ركض باتجاه دبابة إسرائيلية، ناديت عليه لكنه لم يستجب، فأطلقوا عليه النار على الفور، كانت هناك ناقلة جند مدرعة ودبابة في المنطقة، أمرنا أحد الجنود بالتجمع في مكان محدد، وكان من بيننا خمسة مصابين أجبروا على السير أمام الدبابة، وفجأة أطلقوا النار عليهم وقتلوهم دون أي استجواب".

وأكمل: "أمرونا بعدها بالتوقف قرب الدبابة، واعتقدت أنها ستسحقنا. وبعد فترة نقلونا إلى منطقة الفاخورة، حيث تركونا مكشوفين وعراة تقريبًا حتى الساعة الثامنة مساءً. كنا نحو 300 شخص، واحتجزوا العديد منا. وخلال هذا الوقت أطلق ضابط النار فوق رؤوسنا وأمرنا بالتوجه نحو جباليا. وحلقت طائرات بدون طيار فوق رؤوسنا حتى وصلنا".

وفي نفس الاعتداء، وثق المرصد الأورومتوسطي شهادات تكشف عن تعرض الممرضات والمرضى ومرافقيهم في مستشفى كمال عدوان لأفعال ترقى إلى مستوى العنف الجنسي، وأجبر جنود الاحتلال الإسرائيلي النساء والفتيات على خلع ملابسهن تحت التهديد والإهانات والشتائم التي تستهدف شرفهن. كما أفادت عدة نساء وفتيات بتعرضهن للتحرش الجنسي.

وقالت إحدى النساء المطرودات من المنطقة لفريق المرصد الأورومتوسطي: "أجبر جندي ممرضة على خلع سروالها، ثم وضع يده عليها. وعندما حاولت المقاومة، ضربها بقوة على وجهها، مما تسبب في نزيف أنفها".

وأفادت امرأة أخرى أن جنديًا قال لامرأة في مجموعتهم: "اخلعيه، أو سننزعه عنك بالقوة".

وفي حادثة أخرى، رفضت امرأة خلع حجابها، مما دفع جنديًا إلى تمزيق ملابسها، وكشف عن صدرها. وروت إحدى الضحايا كيف جرها جندي وأجبرها على الضغط عليه، قائلًا: "اخلعيه الآن"، بينما كان يوجه إليها تعليقات بذيئة.

وبالمثل، قال أحد أفراد طاقم المستشفى لفريق المرصد الأورومتوسطي: "أمرنا الجنود بخلع حجابنا، لكننا رفضنا، ثم توجهوا إلى الفتيات دون العشرين من العمر وطالبوهن بخلع حجابهن، ولكنهن رفضن أيضًا، فقرر الجنود معاقبتنا بأخذ امرأتين في وقت واحد وإجبارهما على رفع ملابسهما وإنزال سراويلهما تحت التهديد والإكراه".

وخلال الاعتداء، دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي وأحرقت معظم أقسام مستشفى كمال عدوان بعد استهدافه بالقذائف. 

وتشير المعلومات الأولية أيضًا إلى مقتل عدد من أفراد طاقم المستشفى أثناء محاولتهم إطفاء الحرائق في أحد أقسام المستشفى، الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل، وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الهيئات الأممية المعنية بفتح تحقيق فوري في الادعاءات الواردة في شهادات الناجين من اعتداء جيش الاحتلال الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان ومحيطه، ويشدد على ضرورة تفعيل الآليات القانونية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الأفراد والقيادات السياسية والمسؤولين العسكريين المتورطين في مثل هذه الأفعال.

وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن فشل الدول في الوفاء بالتزاماتها القانونية بوقف الإبادة الجماعية في غزة على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، إلى جانب رفضها اتخاذ خطوات حاسمة لإجبار إسرائيل على وقف جرائمها، يجعلها مسؤولة دوليًا عن هذه الفظائع، حيث أصبحت بعض الدول متواطئة فعليًا.

وقال المرصد: "اختار النظام الدولي، بقيادة الأمم المتحدة، عدم تحقيق الأهداف والمبادئ الأساسية التي تأسست عليها. وعلى مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، أظهر فشلًا مخزًا في الوفاء بالتزاماته بحماية المدنيين ووقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة - وهو الهدف الذي يجب أن يكون محوريًا لمهمته ووجوده".

وكرر المرصد الأورومتوسطي دعوته لجميع الأطراف الدولية والأممية ذات الصلة إلى التحرك فورًا للوفاء بالتزاماتها القانونية بإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، وفرض حظر شامل على الأسلحة على إسرائيل، ومحاسبتها على جميع جرائمها، واتخاذ تدابير ملموسة لحماية المدنيين الفلسطينيين.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كذلك بتسهيل عودة النازحين قسرًا إلى ديارهم، والإفراج عن المختطفين الفلسطينيين، والكشف عن مصير المختفين قسرًا. 

كما يحث المرصد على إدخال كافة أشكال المساعدات الإنسانية، وخاصة المنقذة للحياة، بشكل فوري ودون عوائق، لتلبية احتياجات سكان غزة، وخاصة في المناطق الشمالية، وأخيرًا، دعا المرصد الأورومتوسطي إلى تعويض كافة الضحايا وعائلاتهم، وضمان انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة وجميع الأراضي الفلسطينية.