صاحب فضيحة "عملية سوزانا".. قصة الجاسوس الإسرائيلي روبرت داسا الذي سجن في مصر
سلطت صحيفة التليجراف البريطانية الضوء على روبرت داسا، الجاسوس الإسرائيلي الذي سجن في مصر بتهمة التخطيط لمنع الانسحاب البريطاني من قناة السويس.
وكانت الخطة التي تورط فيها داسا تقوم على أساس زرع قنابل في منشآت بريطانية وأمريكية في مصر، مما يجعل الأمر يبدو وكأن القنابل تم وضعها هناك من قبل المصريين.
وتوفي روبرت داسا عن عمر يناهز 91 عامًا، وكان جاسوسًا إسرائيليًا أمضى 14 عامًا في سجن مصري لدوره في الفضيحة سيئة السمعة التي عُرفت في إسرائيل باسم "القضية المؤسفة" التي أدت إلى عاصفة سياسية حول من أعطى الأمر له بالعمل في مصر، ومن كان مسؤولًا عن عملية لا تصنيف مناسب لها إلا أنها من قبيل تفكير الهواة، ومن ثم انتهت بفشل محرج، وكان المشتبه به الرئيسي هو بنحاس لافون، وزير الدفاع الإسرائيلي، ومن هنا جاءت تسميتها باسم "قضية لافون".
في يوليو 1954، واجهت إسرائيل معضلة: وقعت بريطانيا ومصر بالأحرف الأولى على اتفاق بموجبه تنسحب القوات البريطانية بحلول يونيو 1956 من القواعد في منطقة قناة السويس، والتي احتفظت بها بريطانيا بموجب معاهدة عام 1936 مع مصر، وساور القلق الإسرائيليين، فإذا غادرت القوات البريطانية، فقد يتم تسليم المنشآت البريطانية، بما في ذلك 11 مطارًا عسكريًا، إلى عدو إسرائيل اللدود، مصر.
والأسوأ من ذلك، أن المنطقة العازلة العسكرية البريطانية ستزول، مما يترك القوات الإسرائيلية والمصرية في مواجهة بعضها البعض، وردًا على ذلك، توصلت المخابرات العسكرية الإسرائيلية إلى خطة تهدف إلى وقف، أو على الأقل تأجيل، إجلاء البريطانيين عن الأراضي المصرية.
كانت الخطة تتلخص في زرع قنابل في منشآت بريطانية وأمريكية في مصر، بحيث يبدو الأمر وكأن القنابل قد زرعت هناك من قبل مصريين، وكان الإسرائيليون يعتقدون أن الحكومتين الأمريكية والبريطانية سوف تستنتجان أن نظام جمال عبد الناصر المصري لا يمكن الاعتماد عليه لحماية المصالح الغربية في مصر، وبالتالي سيكون من الأفضل لبريطانيا أن تبقى في مكانها وأطلق الإسرائيليون على خطتهم اسم "عملية سوزانا"، وكان من المقرر أن تنفذها الوحدة السرية 131.
وكانت هذه الخلية النائمة قد تم تأسيسها قبل بضع سنوات من قبل جاسوس إسرائيلي يدعى أبراهام دار الذي سافر إلى مصر تحت الاسم الرمزي "جون دارلينج" لاختيار المجندين من بين الشباب الصهاينة في القاهرة والإسكندرية، وبالفعل نجح دار في تجنيد 12 عضوًا، بما في ذلك داسا، وأقنع الشاب اليهودي المصري بأن الانضمام إلى الخلية "يمكن أن يساعد دولة إسرائيل". ثم استدعى إبراهام دار المجندين وعلمهم بعض تقنيات التجسس الأساسية، بما في ذلك صنع القنابل الحارقة باستخدام الواقيات الذكرية، والتي كانت تستخدم كأجهزة توقيت بحيث لا يشتعل الحمض إلا بعد أن يمزق الواقي الذكري.
أُمر داسا بقطع أي اتصال مع حركة الشباب الصهيونية التي ينتمي إليها والابتعاد عن الأضواء وقال لاحقًا: "كنا مثاليين... كنا نؤمن بأهمية ما كنا نفعله. كنا صغارًا وأبرياء".
وفي نهاية عام 1952، تم استدعاء داسا والمجندين الآخرين إلى إسرائيل للحصول على التأشيرة اللازمة لمغادرة مصر، والتحق بالدراسة الجامعية في فرنسا، وبعد قبوله، حصل على تأشيرته وسافر إلى إسرائيل عبر فرنسا.
عند وصوله في يناير 1953، خضع داسا لبرنامج تدريبي مكثف تضمن جولات في إسرائيل لتعزيز ارتباطه بالدولة الصهيونية، وفي بداية يوليو 1954، وصل شخص يدعى أفري إيلاد سرًا إلى مصر ليتولى المهمة من أبراهام دار. وبعد أيام قليلة، عندما تم بث كلمة سرية في برنامج طبخ إذاعي إسرائيلي، كان ذلك بمثابة الضوء الأخضر للوحدة 131 للتحرك.
في 14 يوليو 1954، زرعت الوحدة بعض الأجهزة الحارقة في مكاتب وكالة المعلومات الأمريكية في القاهرة والإسكندرية وكذلك في مسرح مملوك لبريطانيا - لكن الأجهزة الهواة إما فشلت في الانفجار أو تسببت في أضرار طفيفة فقط.
في 23 يوليو، الذكرى السنوية لثورة 1952 المصرية، استهدف داسا والمجموعة دور السينما في القاهرة والإسكندرية. لكن إحدى الأجهزة المتفجرة اشتعلت فيها النيران قبل الأوان بينما كانت لا تزال داخل جيب أحد أعضاء المجموعة عندما وقف على الدرج المؤدي إلى سينما ريو في الإسكندرية، وتم القبض عليه على الفور واستجوابه، وكشف كل ما يعرفه عن الوحدة 131.
وقامت الشرطة المصرية باعتقال أعضاء الوحدة، بما في ذلك داسا، الذي تم القبض عليه عندما عاد إلى منزله في اليوم التالي. الشخص الوحيد الذي لم يتم القبض عليه هو قائدهم، أفري إيلاد، الذي، كما اتضح لاحقًا، خان مرؤوسيه وسلمهم للمخابرات المصرية.
وفي 28 يونيو 1955، أصدرت محكمة عسكرية مصرية أحكامًا على المخربين، والتي تضمنت حكمين بالإعدام وعدة أحكام بالسجن؛ وحُكم على داسا بالأشغال الشاقة لمدة 14 عامًا.