من رفح إلى المطرية.. محطات من رحلة العائلة المقدسة في مصر
يستطيع السائحون والمسافرون إلى مصر أن يتتبعوا المسار الذي سلكه المسيح وهو بعد طفل والعائلة المقدسة في هذه الأرض الطيبة، وذلك بفضل اكتمال مشروع طال انتظاره من قبل وزارة السياحة والآثار المصرية.
وفي الخامس والعشرين من ديسمبر، يحتفل المسيحيون في جميع أنحاء العالم بالأحداث المحيطة بميلاد السيد المسيح وسنواته الأولى، مثل هروب العائلة المقدسة إلى مصر.
ويروي إنجيل متى وكذلك أسفار العهد الجديد قصة مريم عليها السلام ويوسف النجار والطفل عيسى الذين فروا إلى مصر هربًا من "مذبحة الأبرياء" التي ارتكبها الملك هيرودس.
وكان المشروع، الذي يربط بين 25 موقعًا في رحلة العائلة المقدسة عبر البلاد، قيد التطوير منذ عام 2013 وتم إطلاقه في مايو 2022، عندما تم فتح المواقع النهائية للمسار للجمهور.
الروايات المحيطة بمسار العائلة المقدسة في مصر
وفقًا لإنجيل متى، عندما جاء المجوس بحثًا عن المسيح، ذهبوا إلى هيرودس الكبير في القدس ليسألوا أين يجدون المولود الجديد "ملك اليهود"، وأصبح هيرودس مرتابًا من أن الطفل سيهدد عرشه، وسعى إلى قتله، ولكن لأنه لم يستطع معرفة من هو الطفل، أمر بإعدام جميع الأطفال الذكور الذين تبلغ أعمارهم عامين أو أقل في محيط بيت لحم، وطبقًا لرواية الإنجيل، ظهر ملاك ليوسف في المنام وحذره من اصطحاب المسيح وأمه إلى مصر خارج نطاق سيطرة الملك هيرودس.
على الرغم من أن تاريخية الأحداث غالبًا ما تكون محل جدل، ولا يمكن تأكيدها على أنها صحيحة، إلا أن المسار المفترض للعائلة المقدسة بقي في الذاكرة الجماعية من خلال التقاليد المسيحية الأرمنية والقبطية ويُعتقد أن رحلة يوسف ومريم والطفل المسيح عبر مصر بدأت من شمال سيناء حتى وصلت إلى الفرما، بالقرب من مدينة بورسعيد المصرية الحالية، وقد بُنيت الكنائس والأديرة على المعالم التي يقول الرواة جيلا بعد جيل إن العائلة المقدسة أقامت فيها، مرورًا بدلتا النيل والقاهرة، ومواصلة رحلتها عبر صعيد مصر.
ومن أهم المعالم على طول الطريق الآبار التي باركها السيد المسيح، وبصمة قدم الطفل المقدس، وحوض الجرانيت الذي استخدمته العذراء مريم للعجن.
محطات من رحلة العائلة المقدسة في مصر
تربط رحلة العائلة المقدسة من أسيوط إلى سيناء التي يبلغ طولها 3500 كيلومتر بين محطاتها الخمس والعشرين المذكورة في التقاليد المسيحية الأرمنية والقبطية.
وفقًا لوزارة السياحة والآثار المصرية، فإن العائلة المقدسة مرت أولًا عبر رفح في شمال شرق مصر، مرورًا بتل الفرما شرق بورسعيد. ثم وصلت إلى كفر الشيخ في الدلتا ومرت بتل بسطا في الشرقية وسمنود في الغربية، وانتقل يوسف ومريم والمسيح إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية، حيث تم تأسيس أديرة الأنبا بيشوي والسيدة العذراء مريم والسريان (دير السريان) وبراموس والقديس أبو مقار، ويقال أن يوسف ومريم والمسيح توقفوا في المواقع المستقبلية لهذه الكنائس أثناء رحلتهم في مصر، ثم أخذتهم رحلتهم إلى مسطرد والمطرية، حيث توجد شجرة العذراء مريم.
ومن هناك، انتقلت العائلة المقدسة إلى كنيسة زويلة في القاهرة الفاطمية، مرورًا بالقرب من الموقع المستقبلي لكنيسة القديسين سرجيوس وباخوس في ما يُعرف اليوم بالمجمع الديني في القاهرة القديمة.
المعالم المرتبطة بالسيد المسيح في القاهرة القديمة
تعد كنيسة زويلة وكنيسة القديسين سرجيوس وباخوس والكنيسة المعلقة من أشهر محطات درب السيد المسيح الطفل.
وتقع هذه المحطات الثلاث في القاهرة القديمة، مما يجعلها في متناول الزوار الأجانب بسهولة.
تم بناء الكنيسة المعلقة، المعروفة أيضًا باسم "كنيسة الدرج" أو "كنيسة العمود"، في أواخر القرن الرابع، وأصبحت مقرًا للبابوية في القرن الحادي عشر، وسميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم لأنها بنيت بين برجين من أبراج حصن روماني قديم يعرف باسم "حصن بابليون" ويبلغ ارتفاعه 13 مترًا عن سطح الأرض، وربما حصل يوسف لنجار على عمل في الحصن، وعلى مسافة قريبة، بُنيت كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس حول القبو الذي لجأت إليه العائلة المقدسة.
أول كنيسة في العالم
بعد مغادرة القاهرة، اتجهت العائلة المقدسة إلى المعادي، حيث عبرت النيل ويعتقد أن كنيسة العذراء مريم بالمعادي تمثل الموقع الدقيق الذي عبرت منه العائلة المقدسة النيل إلى ميت رهينة، ومن هناك سافرت إلى صعيد مصر، وفي هذا الجزء من النيل ظهرت على سطح الماء صفحة من الكتاب المقدس تحتوي على العبارة الشهيرة "طوبى لشعب مصر"، كما يعتقد المؤرخون، ووصل يوسف ومريم والمسيح إلى جبل الطير بالمنيا، ثم توجهوا إلى أسيوط، حيث يقع دير المحرق. ووفقًا للأسطورة، فإن هذا هو موقع أول كنيسة مسيحية كرسها المسيح نفسه، ويقال إن الموقع الذي حددته كنيسة العذراء مريم في القرن الأول الميلادي في دير المحرق كان المحطة الأخيرة في رحلة العائلة المقدسة في مصر.
ومن هناك، عادوا إلى بيت لحم، بعد أن ظهر ملاك ليوسف مرة أخرى وقال له: "قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلى حيث جئتم، فقد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي".