على وقع أحداث سوريا.. التصريحات الكاملة لـ الجولاني مع "نيويورك تايمز"
قال زعيم ما يسمى "هيئة تحرير الشام"، الإرهابية أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، الذي يقود تقدم تحالف الفصائل المتطرفة في عمق الأراضي التي يسيطر عليها قوات النظام السوري، أن قواته كانت تستعد للعملية منذ "فترة طويلة"، وأنهم يهدفون إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، مشيرًا إلى انفتاحه على تسوية سياسية في سوريا وإنهاء الحرب نهائيًا "لكن ليس الآن، لكن غي الوقت المناسب"، على حد قوله.
وعبر الجولاني في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نُشرت، الجمعة، عن ثقته فيما أسماه بالفصائل، بأنها ستحقق المزيد من الانتصارات ضد القوات الحكومية، التي "ضعفت وانخفضت معنوياتها".
أضاف خلال مقابلة الفيديو التي استغرقت ساعة في مكان مجهول: "هدفنا هو تحرير سوريا من هذا النظام القمعي"، معتبرًا أن "هذه العملية كسرت العدو"، على حد تعبيره.
ولم يشر الجولاني، بحسب الصحيفة، إلى أنه تفاجأ بمدى "سهولة" تمكن الفصائل المسلحة من انتزاع الأراضي من القوات الحكومية، التي لديها أسلحة أفضل وداعمين دوليين أقوياء مثل روسيا وإيران.
ويقود الجولاني البالغ من العمر 42 عامًا، "هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة كانت ترتبط بتنظيم "القاعدة"، وسيطرت على معظم محافظة إدلب في شمال غرب سوريا لسنوات. ورغم الانقسام ومحاولات اكتساب "شرعية دولية"، لا تزال الجماعة مصنفة "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وشكل الجولاني تحالفًا مع مجموعة متنوعة من الفصائل المسلحة الأخرى، بعضها مدعوم من تركيا، تتبنى وجهات نظر "أكثر اعتدالًا"، بحسب الصحيفة.
وكانت مجموعته تستعد لهذا الهجوم لمدة عام، إذ دربت عناصرها وكذلك مسلحي الجماعات المتحالفة، وأصبحت مسلحة بشكل أفضل وأكثر تنظيما وانضباطًا، بحسب ما ذكره الجولاني، ومحللون للصحيفة.
وتابع الجولاني: "حتى الآن، حقق (الهجوم) نتائج هائلة"، مشيرًا إلى أن الفصائل المسلحة تستأنف الآن من حيث توقفت عن القتال، بنفس الهدف الذي بدأوا به، وهو "التخلص من الأسد".
ومضى قائلًا: "النظام أوقف جميع الحلول السياسية، واستخدم القمع والعنف والسجن والأسلحة الكيميائية"، على حد قوله.
مع ذلك، أشار الجولاني إلى أنه "سيكون منفتحًا، في نهاية المطاف، على تسوية سياسية لإنهاء الحرب الطويلة في سوريا نهائيًا. لكن الآن ليس الوقت المناسب".
وشهدت المحافظات الشرقية السورية الخاضعة لسيطرة الجيش السوري تطورات ميدانية أفضت إلى انتشار "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على امتداد طريق دمشق-بغداد.
وفي حديثه عن استراتيجية قواته، أوضح الجولاني أنهم سيحاولون السيطرة على المطارات للحد من قدرة الحكومة السورية على تنفيذ الغارات الجوية.
وسيطرت الفصائل المسلحة على مطار حلب الدولي، وخمس قواعد جوية عسكرية، لكن العديد من المطارات الأخرى لا تزال خارج نطاق سيطرتهم.
مع ذلك، اعترف الجولاني بالضرر الذي ربما يلحقه الهجوم بالمدنيين، لكنه ألقى باللائمة على الرئيس السوري، قائلًا: "بالتأكيد هناك تكلفة للحرب. لكننا ندافع عن أنفسنا ثم يأتي (النظام) وينفذ هذه الضربات".
وفي وقت سابق من العام الجاري، تظاهر بعض سكان محافظة إدلب لعدة أشهر ضد الجولاني وإدارته، واحتجوا على سجن وتعذيب منتقدين وفرض ضرائب باهظة "غير مبالين بالظروف الاقتصادية والمعيشية المزرية التي يواجهها السكان والنازحون"، وفقًا لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، وهي منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال الجولاني في المقابلة، ردًا على تلك الانتقادات: "لا توجد حكومة يقبلها كل الناس"، واتهم بعض المحتجين بـ"تدمير الممتلكات"، مضيفًا: "لا يمكنك فرض أفكارك على الناس".
وزعم الجولاني أن لديه خطه لـ"بناء سوريا"، باعثًا رسائل إلى الغرب والأقليات، قائلًا إنه "مر بفترات من التحول على مر السنين".
ووفق الصحيفة، سعى الجولاني منذ بدء الهجوم إلى طمأنة الأقليات من الطوائف والأديان الأخرى. وبعد أيام قليلة من بدء الهجوم، ومع تقدم الفصائل المسلحة نحو حلب، أمر الجولاني مسلحيه بـ"عدم إثارة الخوف" بين الناس من مختلف الطوائف. وقال لهم: "كانت حلب دائمًا، ولا تزال، ملتقى للحضارات والثقافات، ولها تاريخ طويل من التنوع الثقافي والديني".
وسوريا دولة ذات أغلبية سنية مسلمة، لكنها تضم مجتمعات كبيرة من المسيحيين والدروز، والأشخاص الذين ينتمون إلى طوائف إسلامية أخرى.
وحققت الفصائل المسلحة في سوريا، أكبر مكاسبها منذ اندلاع الحرب قبل 13 عامًا، في ضربة قوية لحكومة الرئيس بشار الأسد.
وبعد سنوات من الجمود على خطوط المواجهة، انطلقت الفصائل المسلحة من معقلها في إدلب شمال غرب سوريا في 27 نوفمبر الماضي، وفي غضون أسبوع واحد فقط، سيطروا على مدن رئيسية، في ظل تراجع القوات الحكومية بسرعة.
واستولوا على مساحة كبيرة من الأراضي تمتد على أجزاء من أربع محافظات في شمال غرب وغرب سوريا، بحسب مشروع موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث ACLED، وهي منظمة لرصد الأزمات.