الدول العربية تعرب عن القلق إزاء تطورات الأحداث في سوريا وخطر عودة سيطرة المتطرفين
خلال اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الأسد، أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد على دعم الإمارات لسوريا، وتعكس ردود الفعل من عدة دول عربية قلقا إقليميا إزاء التطورات في سوريا وخطر انهيار الوضع الأمني مع سيطرة المتطرفين.
كما أكد الشيخ محمد على "تضامن الإمارات مع سوريا ودعمها في مكافحة الإرهاب والتطرف. وأكد سموه موقف الإمارات الداعم لكافة الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري في الاستقرار والتنمية، ويحافظ على وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها"، وفقًا لصحيفة تورنتو ستار الكندية، كما عبرت العراق والأردن عن موقف مماثل.
ومنذ الأربعاء الماضي، شنت الجماعات الإسلامية المتطرفة وحلفاؤها المدعومين من تركيا والمعارضين للرئيس السوري بشار الأسد هجوما كاسحا في شمال سوريا، وسيطروا خلاله على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وقطعوا الطرق السريعة واحتلوا مطار حلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد إن الجيش السوري عزز مواقعه حول حماة، رابع أكبر مدينة في البلاد، على بعد حوالي 230 كيلومترا جنوب حلب، وأرسل تعزيزات إلى شمال المحافظة المحيطة.
وقال المرصد إن الجماعات المهاجمة سيطرت على عشرات البلدات في جميع أنحاء الشمال، بما في ذلك خان شيخون ومعرة النعمان، في منتصف الطريق تقريبا بين حلب وحماة.
وقال خبراء إن الوضع قد يخرج عن السيطرة إذا وصلت الجماعات المسلحة إلى مدينة حماة، التي يقولون إنها في مرمى بصرهم، ويرى المراقبون أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات في وقت سابق من الأسبوع الجاري تعكس توافق البلدين على الحاجة إلى التحرك العاجل.
وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش إن الدعوة تعكس نهجا إماراتيا يعطي الأولوية للمنظور العربي للقضايا العربية وضرورة حماية الدولة الوطنية، "كركيزة أساسية ضد الفوضى والتطرف بكل أشكاله".
كانت الإمارات أول دولة عربية تعيد العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في عام 2018، واستأنفت المملكة العربية السعودية لاحقا العلاقات مع سوريا، بينما استمرت قطر في معارضة عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية.
وترى الإمارات والأردن والعراق أن ما يحدث في سوريا لا يقل خطورة عن التطورات الأخيرة في غزة ولبنان، كما يقول خبراء إقليميون.
بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، "التطورات الراهنة في المنطقة، وخاصة الأحداث في سوريا"، وأكد "دعم الأردن للأشقاء في سوريا ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها" وأغلق العراق، السبت، حدوده مع سوريا، فيما وصف مجلس الأمن الوطني ما يجري في سوريا بـ"الإرهاب" وقال مجلس الأمن الوطني العراقي، خلال اجتماع لمجلس المخابرات الوطني برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، الأحد، إن العراق "سيقف إلى جانب الشعب السوري وجيشه البطل في مواجهة الإرهاب".
وقال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، الأحد، إن اشتعال القتال في سوريا يشكل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي والدولي وقال بيدرسن في بيان: "أدعو إلى مشاركة سياسية عاجلة وجادة بين الأطراف السورية والدولية لمنع إراقة الدماء والتركيز على الحل السياسي وفقا لقرار مجلس الأمن 2254" المتفق عليه في عام 2015، وأكد أن "التطورات الأخيرة تشكل مخاطر شديدة على المدنيين ولها عواقب وخيمة على السلام والأمن الإقليمي والدولي".
دعم الحلفاء
وفي الوقت نفسه، يُنظر إلى الأسد على أنه يسعى إلى حشد الدعم من حلفائه وترددت التقارير حول جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية والفصائل المتحالفة معها وقيل إنها"تسيطر الآن على مدينة حلب، باستثناء الأحياء التي تسيطر عليها القوات الكردية"، أي أنه للمرة الأولى منذ بدء الحرب الأهلية قبل أكثر من عقد من الزمان، أصبحت ثاني أكبر مدينة في البلاد "خارج سيطرة قوات النظام السوري".
وسافر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى دمشق يوم الأحد للقاء الأسد، وقال قبل مغادرته إن طهران "ستدعم بقوة الحكومة والجيش السوري"، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية وبعد المحادثات، أكد الأسد على "أهمية الدعم الذي تقدمه إيران للحكومة السورية" وبعد المحادثات، أكد الأسد على "أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في مواجهة الهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج".
وصل عراقجي في وقت متأخر من يوم الأحد إلى أنقرة، حيث من المتوقع أن يلتقي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يوم الاثنين قبل محادثات مع الرئيس رجب طيب أردوغان وشنت طائرات سورية وروسية ضربات لدعم القوات الحكومية وأكد الجيش الروسي أنه يساعد القوات الحكومية السورية في "صد العدوان الإرهابي في محافظات إدلب وحماة وحلب".
واستهدفت الطائرات الحربية الروسية والسورية "تجمعا لقادة التنظيمات الإرهابية ومجموعات كبيرة من أعضائها" في محافظة حلب، مما أسفر عن مقتل "العشرات"، وفقًا لبيان عسكري نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وقالت أيضًا إن الطائرات الحربية دمرت قافلة كبيرة من المركبات تحمل ذخيرة ومعدات "إرهابية" في إدلب.
قبل هذا الهجوم، كانت هيئة تحرير الشام، بقيادة فرع القاعدة السابق في سوريا، تسيطر بالفعل على مساحات شاسعة من منطقة إدلب، آخر معقل رئيسي للمتمردين في الشمال الغربي، كما سيطرت هيئة تحرير الشام على أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة.
وأسفرت المعارك الأخيرة عن مقتل أكثر من 412 شخصا، معظمهم من المقاتلين ولكن أيضا من بينهم 61 مدنيا على الأقل، وفقا للمرصد الذي لديه شبكة من المصادر داخل سوريا.
ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها فرنسا وألمانيا وبريطانيا يوم الأحد إلى "خفض التصعيد" في سوريا وحماية المدنيين والبنية التحتية.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، في إشارة إلى قرار الأمم المتحدة لعام 2015 الذي أيد عملية السلام في سوريا، "إن التصعيد الحالي يؤكد فقط على الحاجة الملحة لحل سياسي بقيادة سورية للصراع، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254" وتحتفظ الولايات المتحدة بمئات القوات في شمال شرق سوريا كجزء من تحالف مناهض للجهاديين.
وبالتوازي مع هجوم هيئة تحرير الشام، هاجمت الفصائل الموالية لتركيا في شمال سوريا مقاتلين أكراد في محافظة حلب يوم الأحد، حيث قال المرصد إنهم استولوا على بلدة تل رفعت الاستراتيجية والقرى المجاورة.