حكايات "وطنية" من سجل الأهلي والزمالك.. استقبال المهجّرين وإلزام الأعضاء بحمل السلاح
لأنهما تأسسا في بدايات القرن العشرين، فمن الطبيعي أن يرتبطا بتاريخ مصر، ليس الكروي فحسب، ولكن السياسي والاجتماعي أيضًا.
الأهلي والزمالك تاريخ كبير يتخطى المائة
سنة لكل منهما، إذ عاصرا مصر في كل فتراتها الحديثة، منذ الملكية إلى الجمهورية، مرورا
بما الثورات والحروب
في السطور التالية، وبمناسبة مباراة القمة 117 بين قطبي الكرة في مصر، نسرد قصصًا "وطنية" ارتبطت بعالم السياسة، من تاريخ الفريقين الذين يجتمعان السبت المقبل في ديربي القاهرة، أحد أقوى الديربيات العالمية للساحرة المستديرة.
النكسة| الزمالك يفتح أبوابة للدراويس المهجّرين.. والأهلي يدرب أعضاءه على المقاومة
في كتاب "زملكاوي.. ألبوم مئوية الجماهير" لعمر طاهر، والذي صدر في الاحتفال بمئوية نادي الزمالك في 2011، يحكي موقفًا لإدارة "ميت عقبة" عقب نكسة يونيو 1967، عندما جرى تهجير سكان محافظات خط القناة خلال حرب الاستنزاف.
يقول: "كان ضمن المهجرين خارج الديار فريق نادي الإسماعيلي الذي رفضت كل الأندية استضافته بما فيها الأهلي لعدم وجود ملاعب تستوعب فرق الأهلي إضافة إلى النادي الإسماعيلي!!".
ويستكمل: "هنا جاء موقف نبيل من نادي الزمالك، فقد اتصل المهندس محمد حسن حلمي "حلمي زامورا" سكرتير عام النادي والقائم بأعمال الرئيس بالمهندس عثمان أحمد عثمان رئيس النادي الإسماعيلي - وقتئذ - وأبلغه أن أعضاء وجماهير نادي الزمالك يفتحون أبواب النادي بالورد والزهور للاعبي الدراويش مع توفير مكان يتسع لخمسين فردا تحت مدرجات المقصورة مع وجود غرف لخلع الملابس، وكل إمكانات نادي الزمالك تحت تصرف أبناء الإسماعيلية".
نتيجة لذلك، كما يحكي عمر طاهر، أنه "في الفترة التي تلت النكسة كان الإسماعيلي يمثل مصر في بطولة كأس الأندية الإفريقية، ولما تحقق له الاستقرار في نادي الزمالك استطاع أن يحصل على كأس إفريقيا في يوم تاريخي 9 يناير 1970 حيث احتشد باستاد القاهرة أكثر من 120 ألفا ومثلهم خارج الأبواب، وفاز الإسماعيلي على الإنجليز بطل الكونغو 3\1، وحصل على كأس إفريقيا ليكون أول نادي مصري وعربي في التاريخ يحقق هذا الإنجاز".
النادي الأهلي أيضا كان له موقفًا يسجله
الناقد الرياضي حسن المستكاوي في كتابه "الأهلي.. بطولة في الرياضة والوطنية"،
والذي صدر أيضا في مناسبة الاحتفال بمئوية النادي في 2007.
بحسب "المستكاوي" فإن الأهلي "بدأ يوم 5 أغسطس 1967 تدريب أعضائه عسكريًا.
وينقل خبرًا كتبته جريدة الأهرام تحت عنوان: "شباب الأهلي مستعد للمعركة"، جاء فيه: "كانت أمس الدروس الأولى للفوج الأول من أعضاء النادي رياضيين وغير رياضيين ويضم 300 عضو تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و35 سنة، شملت الدروس تمرينات اللياقة البدنية والدفاع والاشتباك ومهارات الميدان، وسيقضي كل فوج أسبوعين في التدريب الذي سيشمل أيضا الموانع وضرب النار وغيرهما من أساليب المقاومة والقتال لاسيما في المدن. وتتلقى آنسات النادي وسيداته تدريبات مماثلة بعد الظهر".
بعد نحو شهرين، كما ينقل "المستكاوي"
اجتمع مجلس إدارة الأهلي، في 11 أكتوبر، وقرر فرض التدريب العسكري على جميع الأعضاء
الرياضيين بالنادي وضرورة تطوعهم في أعمال المقاومة الشعبية، وكذلك الآنسات من حيث ضرورة تطوعهن في أعمال التمريض
وغيرها من الأعمال التي يمكن أن يقمن بها في هذه المناسبة الوطنية وذلك بالنسبة للعضوات
الرياضيات من سن 20 سنة إلى 40 سنة.
بالإضافة إلى جمع ترعات باسم النادي من أعضاء النادي وجمهور المشجعين لصالح المجهود الحربي، والاتصال بالجهات المسؤولة لتنظيم هذه العملية.
ضد الاحتلال.. المقاومة تكمن في التفاصيل
يحكي عمر طاهر تحت عنوان "الزمالك يحمي كرامة مصر الكروية"، كيف حصد النادي الأبيض أول ألقاب بطولة كأس مصر عام 1922، وهي أول بطولة رسمية مصرية.
يقول: "لم يرض الزمالك بأقل من أن يحمل لقب كأس مصر فريق مصر الأول وانتزعها انتزاعا من فريق الشرودرز أحد الفرق الإنجليزية المشاركة في البطولة بعد أن وصلا سويا للمباراة النهائية".
من اللحظة الأولى، كما يحكي "طاهر"،
أدرك نجوم الزمالك معنى أول لقب مصري وماذا سيكتب التاريخ لو نقش فريق أجنبي اسمه على
أول بطولة مصرية.
لذلك "قاتل رجال الزمالك وقهروا الخواجات ومصّروا كأس مصر وكتبوا اسم ناديهم كأول ناد يحصل على كأس مصر"، إذ أقيمت المباراة النهائية على ملعب الزمالك القديم في أرض القضاء العالي وانتهت المباراة بفوز الزمالك 2-1 في الوقت الإضافي بعد انتهاء وقت المباراة الأصلي بالتعادل 1-1.
بسحب كتاب "المئوية" فإن الأهلي رفض المشاركة في البطولة لأنه لا يود اللعب مع أندية الحلفاء، "كن في العالم الثاني للمسابقة وبعد أن أصبح الزمالك بطلا لها أصبحت البطولة مصرية خالصة واقتنع الأهلي بضرورة المشاركة وكخطوة جديدة للمقاومة والتحدي وإثبات وجود للمصريين".
في تلك الفترة، فقًا لما يرويه "المستكاوي"
في كتاب الأهلي، فإن الفريق الأحمر عندما شارك في مباريات كأس السلطان حسين التي تقام
على الأرض الخضراء بالعباسية، كانت المباراة تتحول إلى تظاهرة شعبية كلما حقق الفريق
فوزرًا على فريق الجيش البريطاني".
يسجل "المستكاوي" أنه عندما أحرز الأهلي هذه الكأس لأول مرة في موسم 1922\ 1923 حملها الجمهور وحمل اللاعبين من العباسية إلى مقر النادي في الجزيرة، في تظاهرة داخل شوارع القاهرة، وكانت التظاهرة تحرص على المرور أمام معسكرات قصر النيل ليرقبها الإنجليز! وكانت ذلك نوعا من المقاومة الشعبية والرفض الجماهيري للاحتلال".