"بشرط الحياد".. تحويل دور العبادة لمراكز اقتراع في الانتخابات الأمريكية 2024
سواء أكان مسلمًا أو مسيحيًا، يستطيع المواطن الأمريكي أن يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية في نفس المكان الذي يؤدي به صلواته، ويمكنه أن يدلي بصوته وأن يدلي كذلك ابن منطقته، حتى وإن كان لا يعتنق نفس الدين، بصوته في الانتخابات الأمريكية الرئاسية والنيابية، التي انطلقت فجر الثلاثاء في كافة الولايات.
وبهدف تيسير وصول الناخبين لمراكز الاقتراع، تم إنشاؤ بعضها في مختلف الأماكن التي توفر خدمات عامة للجمهور، مثل المدارس والمراكز المجتمعية والدينية ودور العبادة وعدد من أقسام ومراكز الشرطة ومحطات الإطفاء والمكتبات، وغير ذلك الكثير من مرافق ومراكز الخدمات العموميية.
وذكرت صحيفة واشنطن تاييمز، نقلا عن مسؤول بهيئة المحاسبة الحكومية الأمريكية (GAO)، قوله إن اعتماد هذه المرافق الدينية يأتي لتوفير مواقع ملائمة للتصويت دون تأييد دين بعينه.
كما تقدم لجنة المساعدة الانتخابية الأمريكية إرشادات توجييهية مخصصة وشاملة بشأن اختيار مقرات مراكز الاقتراع، مؤكدة على ضرورة الحيادية وتيسير الوصول إليها، وضمان أن تكون أماكن العبادة أو المراكز الدينية متاحة للجميع بغض النظر عن خلفايتهم الدينية، وألا تعرض رموزًا دينية قد يُفهم منها أنها محاولة تأثير على قرارات الناخبين.
ونظرًا لكون المباني الدينية مجهزة في الغالب بتسهيلات الوصول لذوي الإعاقة، يجعلها ذلك مؤهلة لأن تُتخذ مراكز اقتراع، إذ تتطلب القوانين الفيدرالية مثل قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة أن تكون مراكز التصويت مُتاحة للجميع.
إطار قانوني
ينص التعديل الأول للدستور الأمريكي على "ألا يصدر الكونجرس أي قانون يحترم تأسيس دين أو يمنع الممارسة الحرة له"، ما يعني أن الحكومة يجب أن تظل محايدة تجاه الأديان دون تفضيل دين على آخر أو منع الممارسة الدينية.
وفي بند التأسيس للتعديل، فإنه يُمنع على الحكومة تأسيس دين رسمي أو دعم دين بعينه، لذلك تم تفسير هذا الموقف المحايد بأنه قد يسمح باستخدام منشآت دينية لأغراض مدنية، ذلك أنه لا يُظهر تفضيلًا لدين معين.
مع ذلك، لم يكن من المألوف أو الشائع تحويل المساجد أو المراكز الإسلامية أو الإسلامية المجتمعية، لمراكز اقتراع، كما هو الحال مع الكنائس والمعابد اليهودية، وتداول مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، أمس الثلاثاء، يُظهر اصطفاف عشرات الناخبين في طابور أمام المركز الإسلامي في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو، بانتظار دورهم للإدلاء بأصواتهم في مركز اقتراع أقيم داخل المركز، كما أظهرت صور لوكالة رويترز توافد ناخبين إلى أحد المساجد في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا المتأرجحة.
وبالبحث داخل جداول وقوائم مراكز الاقتراع الرسمية وغير الرسمية التي تصدرها جمعيات ومؤسسات ولجان خاصة بالأقليات لتحفيز جمهورها على التصويت واختيار أقرب نقاط اقتراع في مناطقهم، تعجّ هذه القوائم بأسماء كنائس ومراكز مسيحية، وعدد قليل من المراكز إسلامية والمساجد، متوزعة بين تكساس ونيويورك وأوهايو.
وفي قائمة ولاية تكساس لمراكز الاقتراع في انتخابات 2024، هناك أسماء مساجد ومراكز إسلامية، هي: "إسلاميك أسوسييشن أوف نورث تكساس" و"ماس إسلاميك سنتر أوف دالاس"، و"مسجد مكة IDA" و"مسجد المدينة في كارولتون".
التصويت بالمساجد
وفي مقابلة أجرتها صحيفة باكستانية ناطقة بالإنجليزية مع أئمة مساجد في مدينة دالاس، قالوا إنها المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأمريكية، التي تشهد استضافة المساجد في تكساس مراكز الاقتراع، وبيّن أحدهم أن الغاية من ذلك "تشجيع المسلمين على ممارسة حقهم الانتخابي"، وكذلك "إتاحة الفرصة لغير المسلمين بالدخول لمرافق إسلامية والتعرف عليها".
ونقل تقرير لوكالة أسوشيتد برس، خلال انتخابات 2016 التي كسبها الجمهوري دونالد ترامب أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، في حينه، قرار العدول عن جعل مسجد مركزًا للاقتراع في مدينة بالم بيتش في ولاية فلوريدا، إلى جانب السماح لـ 80 كنيسة وأربعة معابد ومراكز دينية يهودية.
وتم إلغاء التصويت في المسجد، بعد تلقي المشرفة على الانتخابات في المقاطعة نحو 50 شكوى، بينها تهديدات بالعنف حال الاستمرار في عدّه مكانًا للاقتراع، ليتم بعدها نقل المركز لمكتبة قريبة منه. هذا القرار لاقى اعتراضات في حينه من أعضاء كونغرس ديمقراطيين، رفضوا التمييز الديني.
وأعلنت "المؤسسة الوطنية للحرية الدينية" في الولايات المتحدة، في تصريحات لأسوشيتد برس، أن دور العبادة والمرافق الدينية بالأساس "يجب ألا تستضيف مراكز الاقتراع" ولكن "إذا سُمح للكنائس والمعابد الدينية ذلك فيجب أن يُسمح به للمساجد أيضًا".
وفي عدد قليل من دول العالم، تفتح المرافق الدينية وغالبًا الكنائس، لصالح التصويت الانتخابي، مثل المملكة المتحدة وكندا وآيرلندا ونيوزلندا وأستراليا، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية ويقدّر مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" عدد الناخبين المسلمين في انتخابات 2024 بنحو 2.5 مليون، معتبرًا أنهم في وضع يسمح لهم بلعب دور حاسم في تشكيل المشهد السياسي، خاصة مع وجودهم الكبير في الولايات المتأرجحة.