اختفاء 750 نوعا| شعبة الأدوية: "الأزمة اتحلت".. و"الحق في الدواء" تكذب
على مدار الأشهر الماضية عانى السوق المحلي من أزمة نقص الأدوية، التي أثرت بشكل كبير على حياة المواطنين، خاصة الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، ورغم أن الوضع يبدو أنه يشهد انفراجة، إلا أن شكاوى المواطنين حول اختفاء الأدوية لا تزال قائمة، بينما يعول كثيرون على منظومة التتبع الدوائي التي تم الإعلان عنها حديثًا كأحد الحلول الرئيسية لإنهاء أزمة نقص الدواء وضمان جودة الأدوية المتداولة.
أزمة نواقص الأدوية
جاء الإعلان عن انفراجة أزمة نواقص الأدوية على لسان الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، الذي أكد أن نقص الأدوية كان أزمة عارضة ناجمة عن ارتفاع سعر الدولار، مشيرًا إلى أن 95% من المشكلة قد تم حلها، موضحًا أن معظم الأدوية، بما في ذلك أدوية الضغط والسكر والأمراض المزمنة والمضادات الحيوية، أصبحت متوفرة، وأن الأنسولين متاح حاليًا في الصيدليات بدون أي مشكلات.
كما نفى "عوف"، أي نية لزيادة أسعار الأدوية تأثرًا بقرار تحريك أسعار السولار والبنزين، حيث أوضح أن الزيادة التي ستنتج من ارتفاع أسعار السولار ستكون زيادة طفيفة لا تستوجب الزيادة، خاصة وأن تكلفة السولار تمثل نحو 2% فقط من إجمالي تكلفة الدواء، وهو ما سيجعل الزيادة لا تؤثر بشكل كبير على الأسعار.
بدورها، أكدت أيضًا هيئة الدواء المصرية أن أزمة نقص الأدوية شهدت تحسنًا ملحوظًا، حيث إن أكثر من 95% من الأدوية الحيوية متوفرة حاليًا، ومن المنتظر أن تشهد مزيد من التحسن مع تطبيق مشروع التتبع الدوائي الذى سيقضي على مشكلات الغش والتهريب والاحتكار في السوق المحلي، فضلًا عن التعرف على حجم الأدوية منتهية الصلاحية والمرتجعات، وسيشمل جميع الشركات والمصانع والصيدليات والمخازن.
نظام التتبع الدوائي
ويُنتظر أن يبدأ تطبيق نظام التتبع في النصف الثاني من عام 2025، حيث سيُتبع أكثر من 600 مليون علبة دواء في المرحلة الأولى، وتهدف المنظومة إلى ضمان سلامة الأدوية وجودتها من خلال مراقبة سلسلة التوريد ومنع دخول الأدوية المزيفة أو المنتهية الصلاحية إلى السوق.
وسبق أن أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة نجحت في تجاوز أزمة الدواء بنسبة 95%، مشيرًا إلى أن الوضع عاد لما كان عليه في السابق.
وقال: “الأزمة تجاوزنها بنسبة 95%، والدولة مستمرة في ضخ كل الالتزامات المالية لكل الشركات الخاصة بقطاع إنتاج الأدوية؛ لتكوين الاحتياطات المطلوبة وعدم اضطراب عجلة الإنتاج”.
رغم هذه التصريحات الإيجابية، لا يزال هناك نقص في بعض مجموعات الأدوية، كما أشار الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات، حيث أكد أن نسبة التحسن في الأزمة، وفقًا لتقديراته، لا تتجاوز 45%، مما يدل على وجود فجوات تحتاج إلى معالجة.
وفي المقابل، قال الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري لحماية الحق في الدواء، إن السوق المحلي لا زال يعاني من تداعيات أزمة نقص الأدوية، مع استمرار عدم توافر أكثر من 750 صنفا من بين 1200 صنف دوائي منذ بداية الأزمة، رغم ما تعلنه هيئة الدواء عن انفراجة تتعلق بالمواد الفعالة والأسماء العلمية، إلا أن المواطن المصري لا يمتلك الوعي الكافي حول البدائل المتاحة.
الأدوية الأكثر مبيعًا
وأشار فؤاد، في تصريح لـ"الرئيس نيوز"، إلى أن الشركات حصلت على تسهيلات كبيرة من البنك المركزي لتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة لاستيراد المواد الفعالة مع منحها إعفاءات جمركية لم تحدث من قبل، ومع ذلك، بدلًا من التركيز على الأدوية الضرورية، قامت الشركات بتصنيع الأدوية الأكثر مبيعًا لتعويض خسائر السنوات السابقة، مثل المضادات الحيوية والمسكنات وأدوية الكحة، التي يتم صرفها تلقائيًا بدون روشتة أو الرجوع للطبيب، بينما لا تزال الأدوية الأساسية مثل أدوية الأمراض المناعية والهرمونية وبعض أدوية الأورام وأدوية أمراض البحر المتوسط، التي يحتاجها حوالي 700 ألف طفل، تعاني من نقص حاد، بالإضافة إلى أدوية الأمراض النفسية والعصبية مثل أدوية مرضى الصرع والوسواس القهري.
أزمة في المستشفيات
وأوضح "فؤاد"، أن نقص الأدوية لا يقتصر على الصيدليات فحسب، بل تعاني المستشفيات أيضًا من نقص حاد في الأدوية، وقد أرسلت العديد من المستشفيات شكاوى إلى وزارة الصحة تفيد بعدم توفر الأدوية اللازمة.
وتابع: “على الرغم من ذلك، تم توفير 450 صنفا دوائيا مؤخرًا لم يكن متاحًا، منها الأدوية الأكثر مبيعًا مثل الأوجمنتين، الذي ارتفع سعره من 179 إلى 250 جنيهًا بعد توفير حوالي 2 مليون علبة من هذا الدواء حتى الآن”.
في الوقت نفسه، يتوقع فؤاد، أنه بحلول نهاية نوفمبر، قد يتم تجاوز الأزمة، مما يسمح بتحقيق انضباط أكبر في سوق الدواء واستعادة حركة التصنيع بكفاءة.