اغتيال نصر الله يشكل تحولًا جوهريًا لحزب الله في لبنان
قال المحلل سام هيلر من مؤسسة سينتشري البحثية الأمريكية إن "موت نصر الله يمثل نهاية حقبة" وبداية حقبة مختلفة.
وبالفعل شكل مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله قبل شهر تحولا جوهريا للحركة اللبنانية المدعومة من إيران وأعاد إحياء الدعوات لها لتسليم ترسانتها الضخمة من الأسلحة، وفقا لصحيفة تورنتو ستار الكندية.
وأضاف هيلر أنه بعد عقود من الزمن في قيادة الحزب، فإن مقتل نصر الله "سيمثل بالضرورة تحولًا بالنسبة للمنظمة".
وامتد نفوذ نصرالله إلى ما هو أبعد من قاعدة دعمه الشيعية في لبنان وكان سليماني ركيزة أساسية في "محور المقاومة" الإيراني ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي يضم جماعات مسلحة أخرى في الشرق الأوسط وكذلك سوريا.
وجهت إسرائيل ضربة زلزالية لحزب الله عندما اغتالت حسن نصر الله في 27 سبتمبر في غارة جوية ضخمة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مما دفع الحركة إلى عصر جديد.
وكان حزب الله قد انخرط بالفعل على مدار عام في تبادل إطلاق النار عبر الحدود مع إسرائيل، والذي بدأه دعمًا لحليفه الفلسطيني حماس بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وفي الشهر الماضي، صعدت إسرائيل من غاراتها على معاقل حزب الله وأرسلت قوات برية بينما قتلت عضوا تلو الآخر من القيادة العليا للجماعة.
وكان نصر الله، الذي قاد الجماعة منذ عام 1992، رأس حربة العمليات ضد إسرائيل على مدى عقود من الزمن، واكتسب مكانة عبادة بين مؤيديه خلال حرب عام 2006.
وبحسب هيلر، "كان هو صانع القرار الأول في المنظمة حيث برزت في لبنان والمنطقة". ولم يعين مجلس الشورى الحاكم في الجماعة خليفة له حتى الآن.
وتم اغتيال هاشم صفي الدين، رجل الدين المرشح لتولي المنصب، على يد إسرائيل بعد أيام قليلة من اغتيال نصر الله.
وأصبح حزب الله يديره الآن مجموعة من القادة، بحسب نائب رئيس الحزب نعيم قاسم وقال مسؤولون لبنانيون، بمن فيهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إن اتصالاتهم مع الجماعة مقطوعة منذ أسابيع.
وقال قاسم في خطاب ألقاه مؤخرا إن نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني الذي يرأس حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، مكلف بالتحدث نيابة عن الحركة.
ويعتقد أن بري يسعى إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار، بحسب تقارير إعلامية محلية ولطالما ربط حزب الله بين وقف إطلاق النار في لبنان وانتهاء القتال في غزة، وهو الموقف الذي لم يتراجع عنه رسميا بعد.
ورغم أن الحزب يبدو في موقف دفاعي، فإن مقاتليه يواصلون إطلاق العشرات من الصواريخ يوميا على إسرائيل، ويصل بعضها إلى مدن كبرى مثل حيفا وتل أبيب.
هذا الأسبوع، أعلن حزب الله مسؤوليته عن هجوم بطائرة بدون طيار على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة قيسارية الساحلية.
وتقول الجماعة إن القوات الإسرائيلية لم تتمكن من السيطرة الكاملة على أي قرية في لبنان بعد أسابيع من الغزو البري.
وقال مصدر مقرب من حزب الله إن القوات الإسرائيلية العاملة في لبنان "تواجه مقاومة شرسة للغاية وتضطر إلى التراجع تحت ضربات ثقيلة".
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل حساسة إن "أقصى عمق وصل إليه الإسرائيليون يقدر بنحو كيلومترين".
وأضاف أن حزب الله يتمتع بالميزة لأنه يقاتل على أرضه، وهو يعرف أي "الأشجار والصخور" يختبئ خلفها.
ويعتقد على نطاق واسع أن حزب الله مسلح بشكل أفضل من الجيش الوطني اللبناني، ويظل المجموعة الوحيدة التي لم تتنازل عن أسلحتها بعد الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
بعد سنوات من الهيمنة على الحياة السياسية في لبنان، يواجه حزب الله دعوات جديدة من منتقديه داخل البلاد للتغيير.
وقال مهندس الكمبيوتر اللبناني إيلي جبور لوكالة فرانس برس إنه يعتقد أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو أن يتخلى حزب الله عن أسلحته.
وأضاف أن "الحرب لا يمكن أن تنتهي قبل نزع سلاح حزب الله".
وأضاف الشاب البالغ من العمر 27 عاما: "عندما يحدث ذلك، فإنه يمكن الانضمام إلى مؤسسات الدولة كحزب سياسي فقط".
يرتبط وقف إطلاق النار في لبنان بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي أنهى الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006.
وينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 على أن الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فقط ينبغي أن تنتشر في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، وهي المنطقة التي يعمل فيها حزب الله منذ فترة طويلة.
لكن لبنان يعاني من أزمة مطولة، مما يترك البلاد بلا دفة تقودها حتى يتم انتخاب رئيس بعد فراغ دام عامين ويلقي كثيرون في لبنان باللوم على حزب الله في منع التصويت.
وقال سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية ومعارض حزب الله منذ فترة طويلة، إن أي رئيس جديد يجب ألا "يترك أي جماعة أو سلاح خارج إطار الدولة".
وأكد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الخميس أن الدولة وحدها يجب أن تحمل السلاح ولكن في بلد مزقته الانقسامات منذ فترة طويلة، فإن محاولات "تهميش حزب الله سياسيا سوف تؤدي إلى رد فعل عنيف" من جانب الجماعة، كما قال هيلر الذي أضاف أن "هذا الأمر سينتهي بصراع داخلي لبناني".