الجمعة 01 نوفمبر 2024 الموافق 29 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"لا للاعتذار".. الرئيس الجزائري يرفض فكرة زيارة فرنسا

الرئيس نيوز

ذكرت مجلة لوفيجارو الفرنسية، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يرفض فكرة زيارة فرنسا ويقول “أنا لن أذهب إلى كانوسا”.

ورفض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في لقاء تلفزيوني، فكرة زيارة فرنسا التي تأجلت مرارا منذ مايو 2023.

وتشير تصريحات الئيس  الجزائري إلى أن تطبيع العلاقات بين البلدين ليس وشيكا، خاصة في ظل التقارب بين باريس والرباط، بعد أن أعلن قصر الإليزيه دعمه للمبادرة المغربية لحل نزاع الصحراء الغربية.

وألغى الرئيس الجزائري الزيارة التي كانت مقررة نهاية الشهر الماضي أو بداية الشهر الجاري إلى فرنسا، ردا على تقلبات الموقف الفرنسي تجاه عدد من القضايا والملفات المشتركة بين البلدين، لتعود العلاقات الثنائية إلى المربع الأول.

وكان تبون قد صرح في وقت سابق أنه لن يذهب إلى فرنسا من أجل السياحة فقط، رافضًا أي إجراء شكلي من شأنه التغطية على طبيعة الملفات العالقة والمشاكل المتراكمة بين البلدين.

"كانوسا" هي حادثة تاريخية جرت في القرن الحادي عشر في قلعة كانوسا الإيطالية، حيث كانت تمارس طقوس الإذلال والإهانة، إذ اضطر الإمبراطور هنري الرابع إلى الذهاب إلى قلعة كانوسا وقضاء ثلاثة أيام في ظروف صعبة، من أجل مقابلة البابا جريجوري واستعادة السيطرة على مملكته.

وكانت الجزائر أعلنت قبل أشهر عن زيارة لتبون إلى فرنسا نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر، حتى قبل الكشف عن نتائج الانتخابات الرئاسية، وكان يُعتقد أن الرسائل الإيجابية التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ستساهم في إذابة الجليد بين البلدين.

وكان ماكرون من أوائل زعماء العالم الذين هنأوا تبون بإعادة انتخابه، وأرسل مستشاره الخاص إلى الجزائر، إضافة إلى بيان، عبر فيه الرئيس الفرنسي عن رغبته في تسوية ملف التاريخ والذاكرة المشتركة بين البلدين حتى في ذروة التوترات.

وتبدو العلاقات الجزائرية الفرنسية متجهة نحو المزيد من التوتر والبرود، خاصة في ظل نية الجزائر إبقاء منصب سفيرها شاغرا منذ استدعاء الدبلوماسي المخضرم سعيد موسي في يوليو/تموز الماضي، عقب موافقة ماكرون على خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية.

وفي المقابلة التلفزيونية، تطرق تبون بحزم إلى التوترات المستمرة مع فرنسا، مؤكدا أن الجزائر لن تستسلم للضغوط المتعلقة بالنزاعات التاريخية والسياسية. وتحدث عن قضايا رئيسية، بما في ذلك تأجيل زيارة الدولة إلى فرنسا والذاكرة التاريخية وموقف فرنسا من الصحراء الغربية.

كما تطرق الرئيس الجزائري إلى تعثر عمل اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية بشأن القضايا التاريخية. وأشار إلى أنه في حين أحرزت اللجنة تقدمًا في البداية، إلا أنها خرجت عن مسارها منذ ذلك الحين بسبب "التصريحات السياسية التي أدلت بها أقلية فرنسية تكن الكراهية للجزائر".

وأكد تبون مجددا مطلب الجزائر بالاعتراف بالفظائع التي ارتكبت إبان الاستعمار الفرنسي، بما في ذلك المجازر التي لا تزال تطارد الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري. 

وقال: "نطالب بالحقيقة التاريخية والاعتراف بالمجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي"، مضيفا أن الجزائر "لن تقبل الأكاذيب التي تحاك حول تاريخنا".

كما تطرق تبون إلى الجدل الدائر حول الاتفاقية الثنائية لسنة 1968 التي تنظم تنقل الأشخاص بين الجزائر وفرنسا، وهي الاتفاقية التي أصبحت موضع جدل حاد في الخطاب السياسي الفرنسي ووصف تبون الاتفاق بأنه "شعار سياسي" يستخدمه المتطرفون في فرنسا لإثارة المشاعر المعادية للجزائر.

وقال تبون إن "اتفاقية 1968 هي مجرد قشرة فارغة، راية يتجمع خلفها المتطرفون، وليس لها تأثير حقيقي على الهجرة أو الأمن الفرنسي"، مشددا على أن الاتفاقية تم مراجعتها عدة مرات ولا تحمل أي وزن كبير في العلاقات المعاصرة. 

كما أدان "أقلية العنصريين" في فرنسا الذين يروجون لروايات كاذبة لتأجيج الكراهية ضد الجزائر، مشيرا إلى أن "60 في المائة من الجزائريين في فرنسا يحملون جنسية مزدوجة".

واغتنم تبون الفرصة أيضًا للفت الانتباه إلى الإرث الاستعماري الفرنسي الذي لم تتم معالجته، وخاصة العواقب المدمرة للتجارب النووية التي أجرتها فرنسا في المناطق الجنوبية من الجزائر وقال إن "القضايا الخطيرة هي مسؤولية فرنسا عن التجارب النووية التي لا تزال تودي بحياة الناس في جنوب الجزائر. هذه هي القضايا الحقيقية التي يجب معالجتها، وليس الجدل الزائف حول اتفاقيات 1968".

وفي رده على سؤال حول منظمة البريكس، قال الرئيس الجزائري: "في الوقت الراهن لا نخطط للانضمام إلى هذه المنظمة، ومصلحتنا تكمن في الانضمام إلى بنك البريكس الذي لا يقل أهمية عن البنك الدولي".

وبخصوص اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، كشف الرئيس الجزائري أنه سيتم مراجعتها "ابتداء من 2025"، مؤكدا أن هذه المراجعة، التي أصبحت "ضرورية"، ستتم "بمرونة وبروح ودية، دون الدخول في صراع مع الاتحاد الأوروبي".

ودعا بعد ذلك إلى "إصلاح شامل" لمنظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فضلًا عن استخدام حق النقض، مؤكدًا على ضرورة منح المزيد من السلطة للجمعية العامة للأمم المتحدة وفي هذا الصدد، أعرب عن أسفه لغياب القانون الدولي حيث يسوده مبدأ قانون الأقوى.