الحراك الشعبي في الجزائر إلى أسبوعه الرابع.. والمعارضة مُنقسمة
دخل حراك الشعب الجزائري أسبوعه الرابع وسط تعديلات وإجراءات جزئية، أقرها
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لامتصاص غضب الشارع، الذي يستمر في التظاهر كل يوم جمعة،
دون استجابة السلطة لكامل مطالبه، لذلك يدعو البعض إلى تأطير الحراك باقتراح شخصيات
توافقية.
ويجد "تأطير الحراك" مؤيدين ومعارضين، خاصة بعد تداول عدّة
أسماء معروفة في الوسط الإعلامي والسياسي الجزائري، على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي،
خاصة 'الفيسبوك".
ووسط هذا الجدل لم يخرج اجتماع المعارضة الأخير في العاصمة باتفاق، حيث
شارك في الاجتماع أحزاب سياسية ووجوه ثورية معروفة مثل رئيس حزب حمس عبد الرزاق مقري
ورئيسة حزب العمال لويزة حنون، ورئيس حزب "طلائع الحريات" علي بن فليس، وكذا
السياسي كريم طابو العضو السابق في حزب "جبهة القوى الاشتراكية" (أقدم حزب
معارض في البلاد)، المجاهد لخضر بورقعة، الذين انسحبا من اللقاء التشاوري.
المشاركون اكتفوا في لقائهم الذي شهد مشاركة 15 حزباً و4 نقابات عمالية
مستقلة وشخصيات وطنية ونشطاء سياسيين وأكاديميين بالدعوة إلى التمهيد لتهيئة المناخ
والإطار القانوني لتوفير الشروط الضرورية لتثبيت حرية الشعب في الاختيار.
وحاولت المعارضة ركوب موجة الحراك الشعبي، رغم رفض الشعب لها بدليل ما
حدث في المظاهرات حيث طالب متظاهرون رؤساء أحزاب خرجت إلى الشارع بالرحيل وعدم ركوب
موجة الحراك وترك القيادة والقرار للشعب.
قوائم لقيادة الحراك على "الفيسبوك"
ومنذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي، تعالت أصوات على مواقع
التواصل الإجتماعي بترشيح ثلة من الوجوه المعروفة منها السياسي والحقوقي المعارض مصطفى
بوشاشي، والإعلامي حفيظ دراجي، والمحامية والسياسية زبيدة عسول، والخبير الاقتصادي
فارس مسدور، والناشط السياسي فضيل بومالة، رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور، السياسي
كريم طابو، وآخرين.. إلى قيادة الحراك ولكن حدث جدل واسع بين مؤيد ورافض لها.
وعقب رواج هذه القوائم على "الفيسبوك" اعتذر المحامي والنائب
البرلماني السابق عن حزب "الأفافاس" عن قيادة الحراك، كما يرشح البعض زبيدة
عسول المحامية المعروفة لكن لم تقبل أو ترفض حتى الآن.
في المقابل، أكد ممثلو جمعيات وطنية، في لقاء عقد السبت الماضي، على ضرورة
فتح حوار وطني جامع هدفه تأطير الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر في إطار منظم وفعال
ويدعو إلى تغيير النظام وبناء جزائر جديدة.
وبشأن هذا اللقاء كتب الإعلامي سماعيل طلاعي على صفحته بالفيسبوك:
"على ما يبدو، بدأت محاولات اختراق الحراك الشعبي". وأضاف: " من يكونون؟
من فوضهم؟ متى أعلنوا عن اجتماعهم؟ ومن مول ونظم اجتماعهم؟، كما حذر السياسي والناشط
الحقوقي حسين جيدل من مناورة النظام لاستغلال الحراك الشعبي قائلا: " كل من يشارك
في مثل هذه المناورات سيكون في نظر الشارع عميلاً للسلطة التي انتفض الشعب لإسقاطها".
إلى ذلك، كتب جيدر لى في منشور له على
"الفيسبوك": "بعد فشل لقاء فندق الأوراسي، ها هو لقاء فندق الرياض بسيدي
فرج".
وقالت الحقوقية والمحامية نبيلة بن حمدين سليمي إنّ " كل الشعب يريد
الحراك مؤطراً ولكن المعارضة وبالأخص الأحزاب التي لديها مصالح تريد أن تكون في الواجهة
في ظل رفض الشعب".
وأردفت سليمي في تصريح لـ"الرئيس نيوز" أنّ "الجمعيات
ونخبة المحامين مثلا يريدون اقتراح حلول لهذا المشكل بالتوافق إلى شخصيات معينة".
وحول تحركات الدبلوماسي الأسبق الأخضر الإبراهيمي الذي عينته السلطة بصورة
غير مباشرة أكدّت المتحدثة أنّ الشعب لا يريده لعلاقته الوطيدة بالرئيس ودعمه للسلطة.
وأوضحت: "الإبراهيمي مجرد وسيط جاء
ليخدم مصالح السلطة وهناك فرق واسع بين الشباب الجزائري والسلطة التي تقترح أشخاصا
تجاوز سنّهم الثمانين سنة".
وشددت المتحدثة على أنّ الشعب لا يزال يؤمن بوجود أشخاص يستطيعون تمثيله،
وقائمة المقترحين لا تزال مفتوحة".
مؤكدة في السياق أنّ "البحث ما يزال
قائماً عن إيجاد نخبة في شتى الميادين ولديها احتكاك مع المواطن البسيط وتعلم حقيقة
ما تعيشه البلاد اليوم والوسط الشعبي الجزائري".
من جهته، قال المدون والنشاط صالح كحول لـ"الرئيس نيوز":
"ما يتم تداوله من أخبار ومقترحات عن موضوع تأطير الحراك وتمثيله هو سبق للأحداث
وحرق للمراحل؛ فالحراك يوم انطلق لم يستشر أحدا وامتدت أيامه للأسبوع الثالث ومع كل
جمعة يزداد قوة وتنظيماً".
وأضاف كحول: " ومن نقاط قوته أنّ مخابر النظام السابق لم تعد تملك
عنه معلومات كافية حول خط السير وعدد محطاته؛ وهذا أحد أسباب استمراره؛ والرأي أن الحراك
لم يصل مرحلة التأطير والتمثيل؛ ولا حاجة للشعب أن يخرج للسلطة شجعانه فتنال منهم وتبطئ
سرعة الحراك أو توقفه".
وأشار المتحدث إلى أنّ سعي النظام لاختراق الحراك بأي طريقة أمر متوقع
منذ البداية؛ فقد أبانت القيادة الحالية عدم استيعابها لهذا الحراك وجديته؛ فجاءت بخطط
مكشوفة ومكررة عن أنظمة أخرى؛ كمحاولة منها لبعث الفرقة بين أفراد الحراك؛ ".
ولفت إلى أنّ "خطط السلطة تفتقر لروح المسؤولية؛ وهي في الحقيقة
مشتتة وقطعت خيط الود والثقة بينها وبين الشعب؛ وكل المؤشرات والمعطيات تدل على هذا؛
وأي مبادرة مهما كانت تأتي من طرفها فالشعب يرفضها رفضاً قاطعاً".
يشار إلى أنه في العاشر من فبراير الماضي، أعلن الرئيس عبد العزبز بوتفليقة
ترشحه لولاية رئاسية خامسة، خرجت على إثرها الجزائر احتجاجات شعبية عارمة رافضة
ترشحه، بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الـ18 أبريل المقبل، حيث
شارك مئات الآلاف في مسيرتي الجمعة 8 مارس والجمعة 15 مارس الجاري."..
المعروف
أن كثيراً من ثورات الربيع العربي واجهت عقبات ضخمة في بداية انطلاقتها، بسبب عدم
اتفاق جماهير المحتجين على وجود ممثلين لهم للدخول في مباحثات مباشرة مع الأنظمة
المتداعية، لافتين
إلى أن أولوية الحراك الشعبي هي إسقاط النظام، بينما استطاعت الأنظمة المتداعية دوماً استغلال الارتباك في صفوف
المتظاهرين، لتمديد بقائها في السلطة لأطول وقت ممكن.