من سيخلف حسن نصر الله على رأس حزب الله؟
في 19 من سبتمبر الجاري، كانت الإطلالة الأخيرة لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، بعد قضائه أكثر من ثلاثة عقود على رأس حزب الله اللبناني، حين خلف سلفه عباس الموسوي، الذي قضى هو الآخر بعملية اغتيال إسرائيلية.
جاء اغتيال حسن نصر الله في غارة جوية كبيرة شنها جيش الاحتلال على بيروت الجمعة، ضربة قاصمة لحزب الله الذي ترأسه منذ أكثر من 32 عامًا تعاظم فيها دوره وقوته محليًا وإقليميًا.
وأثار اغتيال نصر الله تساؤلات حول: من سيكون خليفته؟ ليس من الواضح تمامًا من هو التالي في الترتيب لخلافته كزعيم للحزب، خاصة وأن إسرائيل قتلت عدة مستويات من التسلسل الهرمي للجماعة.
الوريث المحتمل وصهر سليماني
يتصدر هاشم صفي الدين ابن خالة نصر الله وصهر القائد السابق لـ فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الأسماء المرشحة لقيادة الحزب.
يرأس صفي الدين المجلس التنفيذي للحزب، إذ يشرف على كامل الشؤون السياسية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية للحزب مما جعله على تماس مع قيادات حزبية من الصف الثاني والثالث، كما أنه يتمتع بعلاقات قوية مع الجناح العسكري.
وُلد في عام 1964 في بلدة دير قانون النهر بجنوب لبنان، وتلقى تعليمه الديني في النجف وقم، مثل نصر الله، وكان جزءا من النواة المؤسسة لحزب الله عام 1982.
يشبه صفي الدين ابن خالته في الشكل والجوهر وحتى في لثغة حرف الراء، أُعد لخلافته منذ 1994، وجاء من قم إلى بيروت، ليتولى رئاسة المجلس التنفيذي الذي يعتبر حكومة الحزب، وأشرف على عمله القائد الأمني السابق للحزب عماد مغنية.
ظل نصر الله
كان هاشم صفي الدين الذي تربطه علاقات قوية بإيران، "ظل" نصر الله والرجل الثاني داخل الحزب.
وعلى مدى ثلاثة عقود، أمسك بكل الملفات اليومية الحساسة، من إدارة مؤسسات الحزب الى إدارة أمواله واستثماراته في الداخل والخارج، تاركا الملفات الاستراتيجية بيد الراحل حسن نصر الله.
اسم صفي الدين طرحته صحيفة إيرانية لخلافة نصر الله قبل 16 عاما، لكن المطلعين على كواليس الحزب يقولون إن القرار اتخذ قبل ذلك بكثير، ووفقا لما أكده قيادي سابق بارز في حزب الله آنذاك، فإن اختيار صفي الدين تم بعد نحو سنتين من تولي نصر الله منصب الأمين العام في 1992، خلفا لعباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل.
نائب نصر الله: الشيخ نعيم قاسم
ارتبط رجل الدين نعيم قاسم بعلاقة مباشرة مع حسن نصر الله لأكثر من 35 عاما، كما أنه معروف بولائه لولاية الفقيه في قم، وترددت أنباء حول توليه قيادة الحزب بشكل مؤقت.
ولد نعيم قاسم في فبراير 1953، في منطقة البسطا التحتا من مدينة بيروت، والده محمد من مواليد بلدة كفرفيلا في إقليم التفاح من الجنوب اللبناني، وهو متزوج وله ستة أولاد، أربعة ذكور وبنتان.
تخرج من الجامعة عام 1977 وحصل على شهادة الماجستير في الكيمياء، ثم تابع دراسته الدينية الحوزوية عند عدد من العلماء منهم الشيخ أسعد فنيش، والشيخ محسن عطوي، والشيخ مصطفى خشيش، والسيد عباس الموسوي، والشيخ حسن طراد، والسيد علي الأمين، ثم درس على يد محمد حسين فضل الله بحث الخارج في الفقه والأصول.
كما أنه أسهم في تأسيس الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين مع مجموعة من الشباب خلال حياتهم الجامعية في أوائل السبعينيات، بهدف العمل الطلابي والتبليغ بالأفكار الإسلامية داخل الجامعات وفي المدارس.
وشارك في حركة أمل (يتزعمها اليوم نبيه بري رئيس مجلس النواب)، عند تأسيسها على يد موسى الصدر عام 1974، وقد حضر الاجتماعات الأولى في جميع مناطق لبنان لإطلاق الحركة، وتسلّم فيها مهمة نائب المسؤول الثقافي المركزي، وبعدها أصبح مسؤول العقيدة والثقافة إذ كان أحد الأمناء في مجلس قيادة الحركة بعد اختفاء الصدر في ليبيا، وعند تسلم حسين الحسيني عام 1978 رئاسة الحركة.
ويعتبر نعيم قاسم شخصية ذات مكانة مرموقة وقوية داخل الحزب ومعروف بخبرته السياسية والدينية وصاحب حظوظ كبيرة في أن يتولى هذا المنصب.
شبح حزب الله: طلال حمية
طلال حمية من مواليد 27 نوفمبر 1952، ينحدر من بلدة طاريا الواقعة في البقاع الأوسط، وهو من الشخصيات القليلة التي كانت تتواصل بشكل مباشر مع حسن نصر الله، ويتزعم وحدة العمليات الخارجية للحزب.
ينتمي حمية للجناح العسكري للحزب، لذا فهو متوار عن الأنظار ويعمل في الخفاء وبعدة أسماء مستعارة منها عصمت مزرعاني.
يعتبر حمية من الجيل الأول لحزب الله، إذ انضم إليه في منتصف الثمانينيات حين تولى مسؤولية تنشئة عناصر في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية، ويطلق عليه الموساد الإسرائيلي لقب "الشبح".
خلف طلال قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر جهاد مغنية وخليفته الذي قُتل أيضا في سوريا عام 2016، وقد عمل إلى جانب كل من بدر الدين ومغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، ووفق معلومات الموساد كان حمية مسؤولا عن نقل ترسانة حزب الله الصاروخية عبر سوريا.
ووفقا لموقع المكافآت من أجل العدالة الأمريكي يعتبر حمية مسؤولا عن تخطيط وتنسيق وتنفيذ الهجمات خارج لبنان، لا سيما تلك التي استهدفت في المقام الأول إسرائيليين وأمريكيين، وارتبط اسمه بالعديد من الهجمات، وهو متهم بالمشاركة في خطف طائرة TWA في يونيو 1985.
المدير المالي: محمد يزبك
عمره 74 عاما وهو رئيس الهيئة الشرعية وعضو مجلس الشورى في حزب الله وهو أحد مؤسسي الجماعة وممثل المرشد الإيراني الأعلى -خامنئي- في لبنان ومسؤول عن توزيع المنح المالية المخصصة من قِبَل خامنئي لحزب الله.
ويُلقِي خُطب جمعة وخطابات توجيهية بانتظام وله الكثير من النشاطات الحزبية والدينية والسياسية، فمثلًا: حث مقاتلي حزب الله عام 2014 على مواجهة الجهاديين في سوريا دفاعًا عن نظام بشار الأسد.
وكان الإعلام اللبناني نقل عام 1999 عن افتتاح مركز القرض الحسن في بعلبك برعاية الوكيل الشرعي العام للإمام خامنئي في لبنان محمد يزبك الذي قال آنذاك إن ما هو مطلوب هو التعاون في بذل الأموال.
وفرضت الولايات المتحدة عام 2021 عقوبات على أعضاء في حزب الله مرتبطين بمؤسسة القرض الحسن، بينهم رجل قالت إنه المدير المالي ولقبه "يزبك" واتهمته الوزارة باستخدام حسابات شخصية في بنوك لبنانية غطاءً لتفادي العقوبات المفروضة على مؤسسة القرض الحسن، وبتحويل 500 مليون دولار نيابةً عن شركة مدرجة على القائمة السوداء الأمريكية.
وإبان حرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل تعهد القيادي بالحزب الشيخ محمد يزبك بالحفاظ على سلاح المقاومة.
المرشح الخامس: إبراهيم أمين السيد
كان السيد أول رئيس للمجلس السياسي لحزب الله وأحد الشخصيات القيادية القديمة، وله دور بارز في بناء شبكة العلاقات السياسية في لبنان خاصة مع القوى السياسية الأخرى مثل حركه أمل والتيار الوطني الحر وغيرهما.
تعتبر فرصة إبراهيم السيد في شغل منصب أمين عام حزب الله ضئيلة مقارنة بالمرشحين الآخرين.
إجراءات تنصيب الأمين العام لحزب الله
وفقا النظام الداخلي لحزب الله، فإن مجلس الشورى في الحزب هو الذي ينتخب الأمين العام، وفي حالة وصوله إلى طريق مسدود، فإن القائد الأعلى للجمهورية الإيرانية يرجح قرار التصويت.
ومجلس الشورى في الحزب اللبناني هو القيادة العليا، ويتم انتخاب أعضائه من هيئة ناخبة تضم المئات وتسمى المؤتمر العام، ويترأس المجلس، الأمين العام الذي يُنتخب لولاية مدتها 3 سنوات باتت قابلة للتجديد بعد تعديل النظام الداخلي للحزب، ما سمح لإعادة انتخاب نصر الله مرات عدة.
ويتألف المجلس من 7 أعضاء يتخذون القرارات الكبرى، أبرزها انتخاب الأمين العام، فيما تتخذ القرارات داخل المجلس بالأغلبية، كما يتولى كل منهم ملفا خاصا، ويدير قطاعا من قطاعات الحزب.
ويضم مجلس الشورى، إضافة إلى نصر الله، نائبه الشيخ نعيم قاسم، والمعاون السياسي حسين خليل، ورئيس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد، ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، ورئيس الهيئة الشرعية محمد يزبك، ومدير عام مؤسسة الشهيد جواد نور الدين.