سعي إسرائيل العسكري والاستخباراتي إلى "الردع" ينذر بمزيد من التصعيد
ألقى لبنان وحزب الله باللوم على إسرائيل في الهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على معدات الاتصالات التابعة لحزب الله، والتي أسفرت عن مقتل 37 شخصًا وإصابة حوالي 3000 آخرين، مما أدى إلى إرهاق المستشفيات اللبنانية وإحداث دمار شامل في حزب الله وفي المقابل؛ ولم تعترف إسرائيل رسميًا بالهجمات. إلا أن خبراء الأمن في المنطقة يعتقدون أن العمليات نفذتها وكالة التجسس الموساد بمساعدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
ومنذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، سعى جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات إلى استعادة الثقة في "الردع" باعتباره ركيزة أساسية لعقيدتها العسكرية والأمنية،وفقًا لصحيفة تورنتو ستار الكندية.
ووصف رئيس الوزراء السابق أرييل شارون في الماضي الردع بأنه "السلاح الرئيسي للبلاد، الخوف منا" وكان مزيج الاستخبارات والتكتيكات العسكرية واضحًا بالفعل في الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة. فقبل أقل من شهرين، قتلت غارة جوية القائد الكبير لحزب الله فؤاد شكر في بيروت.
وفي اليوم التالي أعلنت إيران عن مقتل الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، ويقال إن ذلك حدث بسبب عبوة ناسفة زرعت قبل أسابيع خلال الاثني عشر شهرًا من الحرب في غزة ثم في الهجوم الأخير على أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله في لبنان، جاء السعي إلى "الردع" بالخوف وسفك الدماء.
انفجرت أجهزة اللاسلكي المحمولة التي يستخدمها حزب الله يوم الأربعاء في جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل 25 شخصًا وإصابة المئات في اليوم السابق، انفجرت مئات أجهزة النداء في وقت واحد، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا بما في ذلك طفلان على الأقل، وإصابة أكثر من 2300 شخص.
وندد رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "بالعواقب الأوسع (للهجوم) على السكان بالكامل، بما في ذلك الخوف والرعب وانهيار المستشفيات".
وبثت موجتا الانفجارات الخوف في جميع أنحاء لبنان، حيث تخلى الناس عن الأجهزة الإلكترونية. وقال الجيش اللبناني يوم الخميس إنه يفجر أجهزة النداء وأجهزة الاتصالات المشبوهة في انفجارات محكومة في مناطق مختلفة.
وحظرت السلطات اللبنانية أجهزة الاتصال اللاسلكي وأجهزة النداء على الرحلات الجوية من مطار بيروت حتى إشعار آخر وقال محللون إن حزب الله يواجه تحدي التغلب على الصدمة النفسية والاختراق الأمني لنظام اتصالاته.
وتعتقد رندا سليم، زميلة بارزة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن "هذا من شأنه أن يزيد من التعب والإرهاق الذي بدأ ينمو بالفعل داخل دائرة حزب الله"، "من ناحية أخرى، قد يزيد من المطالبات داخل الدائرة الانتخابية لحزب الله بالرد بقوة".
واعترف زعيم حزب الله حسن نصر الله في خطابه التلفزيوني، بأن حركته "تعرضت لضربة أمنية وعسكرية كبيرة غير مسبوقة في تاريخ المقاومة وغير مسبوقة في تاريخ لبنان".
وأضاف: "هذا النوع من القتل والاستهداف والجريمة قد يكون غير مسبوق في العالم" مضيفًا في كلمته أمام الحضور أن الهجمات "تجاوزت كل الخطوط الحمراء، مؤكدًا: "لقد تجاوز العدو كل الضوابط والقوانين والأخلاق".
ويبدو أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تحاول أن تخبر أعداءها من حزب الله أنه لا يوجد ند لهم من حيث الضرر الذي يمكنهم إحداثه، وخاصة بعد أن كشف جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) الأسبوع الماضي عن ما قال إنه مؤامرة من قبل حزب الله لاغتيال وزير الدفاع السابق موشيه يعلون.
ومع استعراضها لقوتها في لبنان، أشادت الولايات المتحدة وأنصار إسرائيل بالمخابرات الإسرائيلية لدورها المفترض في الانفجارات.
وقال كوبي مايكل، الباحث الكبير في معهد ميسجاف الإسرائيلي، إنه إذا افترضنا أن إسرائيل هي الجاني، فإن هذا “يشكل دفعة كبيرة للردع الإسرائيلي”.
وأضاف ان أعداء إسرائيل سوف "يفحصون أو يعيدون الفحص عشر مرات قبل وضع أيديهم على أي نوع من الوسائل أو المنصات الإلكترونية".
وقال مصدر أمني لبناني كبير لرويترز إن وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد كانت مسؤولة عن المسعى المعقد لزرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل 5000 جهاز اتصال طلبها حزب الله.
وقال مصدر أمني غربي لرويترز إن الوحدة 8200، وهي وحدة استخبارات تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلية، شاركت أيضًا في مرحلة تطوير العملية ضد حزب الله والتي استغرقت أكثر من عام في الإعداد.
وقال المصدر إن الوحدة 8200 كانت مسؤولة عن مهمة اختبار كيفية إدخال المواد المتفجرة داخل عملية التصنيع.
وبينما لم تؤكد إسرائيل تورطها قط، فقد ورد أن الوحدة 8200 كانت مسؤولة عن هجوم ستوكسنت الذي عطل أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية، فضلًا عن سلسلة من العمليات البارزة الأخرى خارج إسرائيل، وتمثل الوحدة فعليًا نظام الإنذار المبكر لإسرائيل، ومثلها كمثل معظم بقية مؤسسات الدفاع والأمن، تحملت بعض المسؤولية عن الهجوم.