الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

ترميم معبد إدفو يكشف عن نقوش ملونة ترى لأول مرة

الرئيس نيوز

كشفت بعثة أثرية مصرية ألمانية مشتركة، تعمل على ترميم معبد إدفو بأسوان، عن اكتشافات مذهلة. فقد تمكنت البعثة من الكشف عن الألوان الأصلية التي كانت تزين جدران المعبد، والتي كانت مخفية تحت طبقات من السناج والاتساخات المتراكمة على مر العصور، وفقًا لمجلة “هيرتدج دايلي” المتخصصة في التراث العالمي.

وأوضحت البعثة، التي تعمل بتمويل من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية، أن هذه الألوان تعكس مدى تقدم الفن المصري القديم. كما عثرت البعثة على نصوص ديموطيقية فريدة، كانت مخفية تحت الأوساخ، وتتحدث عن طقوس دخول الكهنة إلى قدس الأقداس.

وأشارت الدكتورة أماني كرورة، المتخصصة في الترميم، إلى أن معبد إدفو كان يستخدم ملاذًا للأقباط خلال فترة الاضطهاد الروماني، مما أدى إلى تراكم السناج على جدرانه.

من جانبه، أكد الدكتور مارتن أ. شتادلر، رئيس قسم المصريات بجامعة يوليوس ماكسميليان بڨورتسبورج، أن هذه النقوش المكتشفة ستساهم في إعادة كتابة بعض جوانب التاريخ الديني المصري القديم.

ويعد معبد إدفو، المكرّس لعبادة الإله حورس، أحد أفضل المعابد المحفوظة في مصر. وقد بدأ بناؤه في عهد البطالمة واستمر لعدة عقود وأشاد المسؤولون المصريون بهذه الاكتشافات، مؤكدين أنها ستساهم في تعزيز السياحة الثقافية في مصر، وستساعد الباحثين على فهم أعمق للحضارة المصرية القديمة.
وكانت جهود البعثة المصرية الألمانية، المعنية بترميم معبد إدفو بأسوان (جنوب مصر)، قد كشفت عن الألوان الأصلية التي تزيِّن رسومات جدران المعبد، بالإضافة إلى عدد من النقوش التي تظهر للمرة الأولى.

وذكرت البعثة المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار بمصر، وجامعة «ڨورتسبورج» الألمانية، أن مشروع الترميم الذي بدأ عام 2021 بتمويل من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية، توصّل إلى الألوان الأصلية التي كان يستخدمها المصريون القدماء في المعبد.

من جانبها، أوضحت عميدة كلية الآثار بأسوان سابقًا، المتخصصة في الترميم، الدكتورة أماني كرورة، أن "معبد إدفو من أكبر معابد العصر البطلمي"، مضيفة أن جدران وأسقف هذا المعبد كانت مغطّاة بالسناج، وهو الكربون الناعم (الهباب)، نتيجة استخدام الأخشاب في الطهي والإنارة، خلال فترة ظهور الديانة المسيحية في مصر، وخلال عصر الاضطهاد المسيحي عن طريق الرومان، حيث لجأ إليه الأقباط للاختباء فيه.

وذكر المشرف على المشروع، أحمد عبد النبي، أن «فريق العمل أزال الاتساخات العالقة بالأسطح، وفضلات الطيور، والأتربة والسناج، وتكلّسات الأملاح، فظهرت بقايا الألوان الأصلية التي كانت تغطّي النقوش البارزة بأكملها، ويتم حاليًا فحص وتحليل الألوان المستخدمة وترميمها؛ لعودة المناظر إلى صورتها الأصلية عند تشييد المعبد»، وفق بيان للوزارة، الأحد.

وأشارت عميدة آثار أسوان سابقًا إلى أن «ما يحدث الآن في معبد إدفو يشبه إلى حد كبير ما حدث من قبل في معبد دندرة، فقد كانت جدرانه مغطّاة بالسناج، إلى أن تولى الدكتور زاهي حواس المجلس الأعلى للآثار، ثم وزارة الآثار، واعتمد ميزانية لتنظيف جدران معبد دندرة، والكشف عن رسومه وصوره، والألوان الزاهية والكتابات التي يضمّها، وكان كشفًا علميًا أبهر العالم كله وقتها، وأعتقد أن القصة نفسها تتكرّر الآن مع معبد إدفو.

بينما قال رئيس المشروع، رئيس قسم المصريات بجامعة يوليوس ماكسميليان بڨورتسبورج، الدكتور مارتن أ. شتادلر: "إن جودة الألوان بالمعبد تعكس مدى تقدّم الفن المصري"، لافتًا إلى «العثور على نص ديموطيقي فريد مرسوم بالحبر، كان مختفيًا تحت العوالق، يتحدث عن دخول الكهنة إلى قدس الأقداس"، موضحًا أن "الكتابات الشخصية تظهر دائمًا في المحيط الخارجي للمعبد، أو على المداخل، وليس في المقصورة الرئيسية أو قدس الأقداس؛ حيث يوجد القارب المقدّس وتمثال الإله"، مؤكدًا أن هذه النصوص المُكتشَفة، "ستُسهم في تشكيل رؤى جديدة حول الممارسات الدينية للكهنة آنذاك".


ويُعدّ معبد إدفو "حورس بحدتي" أحد أفضل المعابد المحفوظة في مصر، وثاني أكبر المعابد حجمًا، وقد بدأ بناؤه في عهد الملك بطليموس الثالث، واكتمل في عهد بطليموس الثاني عشر، ويضم مجموعة من النقوش والرسومات التي تسجّل معلومات مهمة عن اللغة المصرية القديمة والأساطير والعقائد وممارسات العبادة.


وأشاد وزير السياحة شريف فتحي بالدور الذي يقوم به المرمّمون، لا سيما المصريون، في الحفاظ على تراث مصر الحضاري، وما يبذلونه من جهد رائع، ومحاولتهم الدؤوبة للكشف عن جميع النقوش الموجودة بالمعابد المصرية، واستعادة الألوان الأصلية التي كانت تزيّنها منذ آلاف السنين.


وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، إلى أن "مشروع ترميم المعبد يأتي في إطار استراتيجية وزارة السياحة والآثار للحفاظ على تراث مصر الحضاري والثقافي، بوصفه إرثًا للإنسانية جمعاء، ويهدف المشروع إلى تنظيف جدران المعبد، وإعادة نشر النصوص والمناظر الخاصة بها، وتوثيقها توثيقًا رقميًا في إصدارات جديدة، فضلًا عن تثبيت الألوان، وإزالة السناج، وعمل دراسات مفصَّلة للنصوص والمناظر الموجودة بجدران قدس الأقداس والغرف المجاورة لها»، لافتًا إلى أن هذا الأمر "من شأنه الحفاظ على المعبد ونقوشه، والمساهمة في تحسين التجربة السياحية لزائري المعبد".


وأكّد مدير متحف مكتبة الإسكندرية، المتخصص في الحضارة المصرية القديمة، الدكتور حسين عبد البصير، أن "اكتشاف النقوش الملوّنة الأصلية في معبد إدفو هو بالتأكيد اكتشاف أثري مهم ونادر".


تجدر الإشارة إلى أن  النقوش المكتشفة أخيرًا تحمل أهمية كبيرة؛ لأنها تكشف عن الألوان الأصلية التي كانت تُزيّن جدران المعبد، وهو أمر نادر؛ لأن الكثير من الآثار المصرية فقدت ألوانها بمرور الزمن، بسبب العوامل البيئية والعوامل البشرية.
ويساعد اكتشاف الألوان الأصلية الباحثين وعلماءَ الآثار على فهم أعمق لكيفية استخدام اللون في المعابد، والرمزية التي كانت تحملها الألوان في الديانة المصرية القديمة.

 وفقًا لتصريحات عبد البصير، مضيفًا: "كما يُسهم هذا الاكتشاف في دراسة الفنون الدينية، والتقنيات التي استخدمها المصريون القدماء في زخرفة معابدهم، ويعزِّز فهمنا للعقائد الدينية، وطبيعة الممارسات الطقسية التي كانت تتم داخل هذه المعابد، والحياة الدينية للكهنة".