السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

فضيحة بمجلة “جويش كرونيكل” البريطانية الصهيونية بسبب يحيى السنوار (تفاصيل)

الرئيس نيوز

بسبب فبركة التقارير الإخبارية والتحليلات الأمنية، والافتراءات اللامحدودة، تواجه مجلة جويش كرونيكل البريطانية الصهيونية فضيحة مدوية بعد أن تعرضت لانتقادات بسبب نشر أحد كتابها تقارير مفبركة من أجل دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حرب إسرائيل الإجرامية ضد قطاع غزة، ودأبت المجلة على نشر معلومات مغلوطة وكاذبة عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، ما أدى لاعتراض خمسة من أبرز كتاب الأعمدة من المجلة وإعلانهم عزمهم على عدم التعاون معها مجددًا.

وأشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى أن نتنياهو وأعضاء من حكومته اليمينية المتطرقة وأفراد عائلته استشهدوا بتقارير مجلة كرونيكل كما نشر تقاريرهها مؤيدو نتنياهو عبر  وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت أكدت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تقارير مزيفة نشرت في صحف أوروبية لدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وذكرت "ذا جارديان" في مقال لبيتر بومونت، أن الكاتب المستقل إيلون بيري نشر سلسلة تقارير "حساسة" طوال الشهور الماضية عن الحرب في غزة بناء على مصادر أمنية ادعى امتلاكها، لكن عددا من وسائل الإعلام الإسرائيلية وبعض الصحفيين الذين انتابتهم شكوك بشأن محتوى تلك التقارير توصلوا إلى أنه كان "يكذب".

وأكد كاتب "ذا جارديان"  البريطانية، بومونت، أنه تابع ادعاءات خلال الأشهر الأخيرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تفيد بأن تقارير تستند إلى معلومات مزيفة أو مُحرّفة نشرت في صحف أوروبية، منها تقرير في الصحيفة الألمانية "بيلد"، في محاولة لدعم موقف نتنياهو في مفاوضات غزة.

وقال بومونت إن مجلة جويش كرونيكل التي تعدّ أقدم مجلة صهيونية في العالم أعلنت أنها أنهت "تحقيقا شاملا" مع الكاتب المستقل في بداية الشهر واعتذرت للقراء وقطعت علاقتها مع بيري، إلا أن بعض الصحفيين الذين انتقدوا بيري، ومنهم بن ريف من مجلة +972 الإسرائيلية، قالوا إن هذه الخطوات لا تحل القضية.

وكتب ريف على منصة إكس "يبدو أن جويش كرونيكل تأمل إنهاء هذه القضية برمتها بطرد إيلون بيري، كأنها لم تتخذ قرارات بتوظيف صحفي مزيف ونشر 9 تقارير مفبركة دون التحقق من مصادرها، خصوصا أن هذه التقارير استخدمت مرارا لدعم ادعاءات بيبي نتنياهو".

وأشار بومونت إلى أن تقارير بيري عادة ما كانت تؤكد ادعاءات نتنياهو، وذكر كمثال على ذلك قول نتنياهو -في مؤتمر صحفي- إن السنوار قد يهرب وبعض الأسرى الإسرائيليين خارج غزة عبر محور فيلادلفيا إذا لم يكن المحور تحت السيطرة الإسرائيلية، وفي اليوم التالي نشرت جويش كرونيكل مقالا لبيري يحوّل "ادعاء نتنياهو إلى حقيقة" -وفق الكاتب- استنادا إلى مصادر أمنية، وكذّب متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التقرير.

وذكر بومونت أن البعض شككوا في ملكية جويش كرونيكل، مشيرا إلى تعليق المحرر في صحيفة "صنداي تايمز" جابرييل بوجروند أن "عدوانية قيادة جويش كرونيكل الحالية محزنة وتضرّ المجتمع البريطاني، فلمن تعود ملكية هذه المجلة؟ وكيف لا يعرف اليهود البريطانيون من يملك ‘مجلتهم’؟ وكيف يمكن لمجلة ألا تكشف عمن يملكها؟" وتنتشر تحفظات بوجروند على نطاق واسع بين اليهود البريطانيين الليبراليين الذين يشعرون بأن هذه المجلة لم تعد تمثلهم كما كانت من قبل.

المستقيلون

كانت مجلة جويش كرونيكل قد نشرت اعتذارًا لمتابعيها بعد تقرير مفبرك عن السنوار، أعده مراسل خدم كجندي كوماندوز خلال "عملية عنتيبي" وأستاذًا جامعيًا في "تل أبيب". وفي أعقاب كشف التقرير المفبرك، استقال خمسة كُتاب من كُتاب الصحيفة، فيما أعلن كُتاب أعمدة بارزين في الصحيفة استقالتهم، وهم: جوناثان فريدلاند، وهادلي فريمان، وديفيد باديل، وديفيد آرونوفيتش، وانضم إليهم كولين شيندلر، أستاذ الدراسات "الإسرائيلية". وقالت الصحيفة عن التقرير الذي نشره الصحفي المتعاون معها إيلون بيري إن التقرير كان مكذوبًا بالكامل، في إشارة إلى مزاعم أن السنوار خطط للهروب مع بعض الأسرى إلى إيران ولكن  الجيش "الإسرائيلي" قال إنه لا علم له بمثل هذه الوثيقة - وتساءلت عدة وسائل إعلام عبرية، عن هوية بيري وخلفيته المهنية.

حملة تضليل على طريقة نتنياهو

نظرًا للتشابه بين ادعاءات بيري وتصريحات نتنياهو، فقد تكهن البعض بأن هذا قد يكون جزءا من حملة تضليل أوسع وفي خضم الجدل المتزايد، قامت الصحيفة اليهودية يوم السبت بإزالة مقالاته من موقعها على الإنترنت. وقال جوناثان فريدلاند، وهو كاتب عمود بارز في صحيفة “ذا جارديان”، إنه سيستقيل من المجلة اليهودية، التي ساهم فيها بمقالاته لمدة 26 عامًا. وقال في رسالة إلى رئيس التحرير جيك واليس سيمونز، نشرت على موقع X، إن "الفضيحة الأخيرة سببت عارًا كبيرًا للمجلة - نشر قصص ملفقة وإظهار أدنى أشكال الندم - ولكنها ليست سوى الأحدث وفي كثير من الأحيان، تبدو المحكمة الجنائية الدولية وكأنها أداة حزبية وأيديولوجية، وتكون أحكامها سياسية وليست صحفية." وأعاد الصحفي ديفيد آرونوفيتش نشر رسالة فريدلاند وقال: "لقد فعلت الشيء نفسه". وفي الوقت نفسه، اتخذ الممثل الكوميدي والكاتب ديفيد خطوة مماثلة وقال إنه "ليس لديه خطط لكتابة المزيد من الأعمدة للمجلة ولكن لا توجد تعليقات أخرى في هذه المرحلة". 
وغادرت هادلي فريمان، التي تكتب في صحيفة صنداي تايمز، المجلة الصهيونية أيضًا. وقالت لإذاعة (بي بي سي 4) صباح أمس الاثنين إنها والكتاب الآخرين الذين استقالوا "شعروا أنه لم تكن هناك معايير تحريرية" مطبقة على إيلون بيري "لأن هذا الصحفي كان ملتزما بأيديولوجية ربما كانت مماثلة لأيديولوجية هيئة التحرير" وأضافت: "يمثل اليهود نسبة ضئيلة للغاية من السكان البريطانيين، أقل من واحد في المائة، ونريد أن يكون لدينا صوت حديث ليبرالي يمثل مشاعر اليهود البريطانيين... ما شعرت به بشكل متزايد هو أن كرونيكل اليهودية كانت تمثل وجهة نظر أكثر أيديولوجية بدلًا من وجهة نظر صحفية بحتة، وكانت تصبح أكثر يمينية وأكثر انسجامًا مع نتنياهو - وهو ما لا ينطبق على معظم اليهود البريطانيين". وتابعت: "ولم يكن هذا هو السبب الذي دفعني إلى الانضمام إلى إحدى الصحف اليهودية البريطانية، لتمثيل آراء نتنياهو. بل إنني أريد أن أمثل آراء اليهود البريطانيين". 
وقال بيري، الذي كتب المقالات التي حُذفت الآن في المجلة البريطانية اليهودية بصفته كاتبًا مستقلًا، لصحيفة صنداي تايمز إن الانتقادات كانت بدافع "الغيرة". وعندما سُئل عن سبب قلة الأدلة على كتاباته السابقة، أجاب: "مقالاتي باللغة العبرية، يا عزيزتي". وفي يوم الأحد، قال محرر صحيفة "جيه سي" جيك واليس سيمونز على موقع X إن "أسوأ كابوس بالنسبة لأي محرر صحيفة هو أن يخدعه صحفي". 
وقال إن المجلة "قطعت كل العلاقات مع الصحفي المستقل المعني وتم الآن إزالة أعماله من موقعنا على الإنترنت". واللافت أن الوثائق المكذوبة تورطت بها صحف أخرى أبرزها "بيلد" الألمانية، فيما نفت صحتها وسائل إعلام إسرائيلية على غرار صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية. وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية، قالت؛ إن المعلومات المنشورة تهدف إلى تضليل الرأي العام، مضيفة أنه من بين أكثر المزاعم المثيرة للجدل التي نشرتها "جويش كرونيكل"، هي أن زعيم حركة حماس يحيى السنوار، يستعد للانسحاب من قطاع غزة مع أسرى الاحتلال. ولفتت إلى أن هذا الاقتراح قدمه أيضا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مؤكدة أن وثائق التي نشرتها المجلة اليهودية تعد واحدة من العديد من التقارير المثيرة التي أعدها في الأشهر الأخيرة إيلون بيري. 

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تحقيقًا فند فيه الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرجمان، الوثائق التي نشرتها صحيفتا "بيلد" الألمانية و"جويش كرونيكل" البريطانية، مؤكدًا أنها مشوهة، وتضمنت أكاذيب بهدف خدمة توجهات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن حماس هي التي تقف وراء تعطيل صفقة الأسرى.

وأكد بيرجمان المختص في الشؤون العسكرية والأمنية، الذي يكتب أيضا في نيويورك تايمز الأمريكية، نقلا عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، إن فحص الوثيقة المنشورة في بيلد أظهر أنها "ليست وثيقة صادرة عن رئيس حركة حماس يحيى السنوار على الإطلاق، أو مأخوذة من جهاز الكمبيوتر الخاص به، وفق ما زعمت الصحيفة الألمانية. وأشار محلل الشؤون الاستخباراتية في "يديعوت أحرونوت"، إلى أن مطالعة الوثيقة الكاملة التي استندت "بيلد" إليها يظهر صورة معاكسة تمامًا، وهذه الوثيقة عبارة عن مقترح قدمه "المستوى المتوسط" في حماس وتطرق فيه إلى مسودة اتفاق جرى تقديمه إلى إسرائيل، في ظل مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. والأهم من ذلك، يضيف بيرجمان،  أن الجزء الرئيسي الذي يفترض أن صحيفة "بيلد" اقتبسته من نفس الوثيقة، والذي يقول إن حماس غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق، ليس له أصل في الوثيقة"!. وأشار إلى، أن التلاعب بالوثائق "يثير أفكارًا جدية حول ما تم نشره في وسائل الإعلام العبرية طوال هذه الحرب". ونقل التقرير عن مصدر إسرائيلي رفيع في دائرة الأسرى والمفقودين ومطلع على تفاصيل المفاوضات مع "حماس" حول صفقة تبادل أسرى، قوله حول النشر في "بيلد "إنه حتى بمصطلحات الآلة السامة (لدعم نتنياهو) التي عممت هذه التشويهات، فإن هذه الحملة كانت ضارة وشريرة وشيطانية بشكل خاص". وأضاف المصدر أن مثالا على ذلك هو "تعميم وثائق مفبركة على وسائل إعلام أجنبية، كأنها باسم حماس أو كتلك التي زُيّفت بشكل خطير، وتقول إن حماس توشك على تهريب المحتجزين إلى إيران، كأنها من وثائق السنوار، هو تنكيل عبثي بعائلات الأسرى، وهذا كله من أجل تدعيم اعتبارات سياسية ضيقة وأنانية".

وأشار إلى، أنه "ينبغي عدم الاشتباه في أن نائب رئيس تحرير الصحيفة الأكثر انتشارًا في ألمانيا، والعضو الأكثر أهمية في المجموعة الإعلامية المؤثرة أكسل سبرينغر كان يعلم أنه كان جزءا من خدعة شريرة، ولكن النتيجة قاسية.. ليست وثيقة السنوار، ولا تعليمات حول كيفية إدارة المفاوضات، وليس قرار حماس بعدم التوصل إلى اتفاق". وتضمن التقرير ذاته، الإشارة إلى ما رددته سارة نتنياهو خلال لقائها مع عائلات الأسرى الإسرائيليين الخبر الكاذب الذي نشرته جويش كرونيكال البريطانية، وكأن حماس على وشك إخراج الأسرى من غزة إلى إيران واليمن.