إباحة محامٍ وفنانات لـ"المساكنة" يثير الجدل.. ورد حاسم من الأزهر
فجرت تصريحات المحامي هاني سامح حول "المساكنة"، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال خلال ظهوره في أحد البرامج التلفزيونية أن “المساكنة” أمر “مقبول تمامًا وصحيح من الناحية القانونية”.
ما هي "المساكنة"؟
المقصود بـ"المساكنة" هو معاشرة الرجل للمرأة معاشرة الأزواج، ولكن دون زواج لمدة من الوقت، وبعدها يقرران إذا كانا يكملان العلاقة بالزواج أو اتخاذ القرار بإنهاء العلاقة.
تصريحات المحامي هاني سامح
وقال المحامي هاني سامح، صاحب دعوة المساكنة قبل الزواج، إن “تطبيق المساكنة يرجع لأصحابه إذا اتفقا عليه، وهو لا يخالف القانون”، وفق تعبيره.
وأضاف سامح، خلال لقاء تلفزيوني ببرنامج "صالة التحرير" المذاع على قناة صدى البلد: “اللي يتجوز عرفي براحته هو حر، واللي يعمل مساكنة هو حر برضو، والمهم إننا نهتم بأنفسنا ونراعي القيم، ولا ندس أنفنا في الأمور الشخصية للآخرين”.
وتابع: “القانون المدني الحديث في مصر والعالم العربي ينص على أن العلاقات الرضائية بين الشاب والفتاة مقبولة تمامًا فهي أمر شبيه بالزواج ومنهم على سبيل المثال – اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو”.
وأكمل: “يجب أن نعلو من قيم الإنسانية بين المواطنين، فالحب ليس جريمة، والشريعة الإسلامية تنص على عدم دس الأنف في الأمور الخاصة للآخرين، ويُعاقب عليها بالجلد”.
وزعم: أن "الإمام أبو حنيفة وافق على المساكنة إذا كان هذا الأمر بمقابل، وقال إنه ليس زنا ولا يقام فيه الحد، وأباح الزنا بأجر أيضًا"، معقبًا "اللي دخلوا في المساكنة هم أخواتي وقرايبي وصحابي، وافتخر بمن قام بالمساكنة".
وزاد: “المحكمة المصرية أصدرت قرارات سابقة بالحكم لصالح بعض السيدات التي قامت بالمساكنة بوجود دلالات كثيرة ومتعددة أمام القضاء العالي، ومنحتها جميع حقوقها ومستحقاتها”.
وختم “نقابة المحامين لا تملك القرار الكامل بإنهاء توقفني عن العمل، ولا أحد له الحق في ذلك، وسألجأ للمحكمة الدستورية العليا في هذا الأمر”.
إيناس الدغيدي تثير الجدل
وكانت المخرجة إيناس الدغيدي أثارت الجدل بعد تصريحات تلفزيونية أكدت خلالها أنها ساكنت زوجها قبل الزواج، وظلت تحبه 9 سنوات.
تصريحات الراقصة دينا
وأعلنت الفنانة والراقصة دينا عن موافقتها على خوض ابنها تجربة المساكنة قبل الزواج، قائلة: “إنه حال طلب منها نجلها أن يخوض تجربة المساكنة مع فتاة يحبها قبل أن يتزوجها، ستوافق على الأمر”.
“المساكنة زنا”
وقال الداعية الإسلامي إبراهيم رضا، إن المساكنة هي زنا، وأن بعض الفنانات يتحدثن كأنهن يعملن في دار الإفتاء، وذلك تعليقًا على دعوة إيناس الدغيدي للفتيات المقتدرات بممارسة المساكنة.
وتابع رضا، خلال لقائه مع الإعلامية فاتن عبد المعبود، مقدمة برنامج "صالة التحرير"، المذاع على قناة صدى البلد، معرفا المساكنة التي يروج لها المحامي هاني سامح، قال: إنها تعني إذا اجتمع رجل مع امرأة بلا عقد ولا زواج، فهي زنا كما جاء في كتاب الله، وحذر منها قائلًا: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة".
وأوضح أن كل الأديان السماوية تقر بأن المساكنة زنا وهي من أكبر الكبائر، والله وصف العقد بالزواج والأجر بالمهر، معلقًا: "بعض الإعلاميين يأكلون حرامًا بالتريند ولا يهمهم أخلاق ولا دين".
وأشار إلى أن الإمام أبو حنيفة، صاحب مدرسة الفقه الافتراضي، وحديثه عن الزنا لم يكن توصيفًا لجريمة أو حالة بعينها ذهبت إليه، ولذا يجب التفرقة بين الجريمة والعقوبة، متابعًا: أنه جاء سارق إلى سيدنا عمر بن الخطاب ولم يقم عليه الحد لأن ما دفعه لهذا الفعل هو الجوع، وهذا لا يعني أن السرقة أمر عادي.
وأكمل أن الإمام أبو حنيفة يرى أن الزنا زنا بلا خلاف على ذلك، ولكن الحديث كان حول الإشكاليات القانونية، موضحًا أن الزنا يثبت بأحد أمرين: أولاهما اعتراف الزاني أربع مرات في أربع مجالس متفرقة، مشيرًا إلى أن الحداثة التي يدعو لها هاني سامح تروج للشذوذ الجنسي وتدعيه بالمثلية، وهناك ضغط أوروبي أمريكي لترويجه وتدليله.
وواصل أن أول دعوة لتوثيق الزواج كانت من الإمام أبو حنيفة، عندما ذهبت له سيدة وفي بطنها جنين، ووالده أنكر زواجه منها، فأطلق هذه الدعوة للحفاظ على حقوق الزوجات.
واختتم رضا، أن مشكلة المحامي هاني سامح مع الدولة المصرية وليس مع الأزهر الشريف، وأقدم بلاغًا ضده للنائب العام على دعوته للمساكنة لأنها زنا.
الأزهر يرد
وجدد مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، تأكيده على أن الدعوات البائسة إلى ما يسمى بـ"المساكنة" تَنَكُّرٌ للدين والفطرة، وتزييفٌ للحقائق، ومسخٌ للهُوِيَّة، وتسمية للأشياء بغير مسمياتها، ودعوة صريحة إلى سلوكيات مشبوهة محرمة.
وأكد فى بيانه على ما يلي: أحاط الإسلام علاقة الرجل والمرأة بمنظومة من التشريعات الراقية، وحصر العلاقة الكاملة بينهما في الزواج؛ كي يحفظ قيمها وقيم المجتمع، ويصونَ حقوقهما، وحقوق ما ينتج عن علاقتهما من أولاد، في شمول بديع لا نظير له.
وتابع: يُحرِّم الإسلام العلاقات الجنسية غير المشروعة، ويحرّم ما يوصّل إليها، ويسميها باسمها «الزنا»، ومن صِورِها ما سمي بـ«المساكنة».. التي تدخل ضمن هذه العلاقات المحرّمة في الإسلام، وفي سائر الأديان الإلهية والكتب السماوية.
وأشار إلى أن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وإن غلفت مسمياتها بأغلفة مُنمَّقة مضللة للشباب، كتسمية الزنا بالمساكنة، والشذوذ بالمثلية.. إلخ؛ -بمنتهى الوضوح- علاقات محرمة على الرجل والمرأة تأبى قيمنا الدينية والأخلاقية الترويج لها في إطار همجي منحرف، يسحق معاني الفضيلة والكرامة، ويستجيب لغرائز وشهوات شاذة، دون قيد من أخلاق، أو ضابط من دين، أو وازع من ضمير.
وأكد أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب يعتدي مرتكبها على الدين والعرض، وحق المجتمع في صيانة الأخلاق والقيم، وهبوطٌ في مستنقع الشهوات، وقد سمَّاها الله تعالى فاحشة، وبيّن أن عاقِبَتها وخيمة في الدنيا والآخرة، ساء سبيل من ارتكبها ولو بعد حين؛ قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}. [الإسراء: 32].. ولا ينحصر تحريم هذه الكبيرة على المسلمين فقط؛ ففي الوصايا العشر: «لا تزن».
وأوضح: عقد النقاشات حول قبول المساكنة على مرأى ومسمعٍ من النّاس طرح عبثي خطير، يستخفُّ بقيم المجتمع وثقافته وهُوِيَّتِه، ولا يمتُّ للحرية من قريب أو بعيد، إلا حرية الانسلاخ من قيم الفطرة وتعاليم الأديان.
وقال: إن طرح دعوات صريحة توجّه المجتمع نحو ممارسات منحرفة، وعرض المحظور في صورة المقبول، يُحطِّم كثيرًا من حصون الفضيلة في نفوس النشء والشباب، الذي هو حجر الزاوية في المجتمعات وركنها الركين، مما يُنذر بخطر الاجتراء على حدود الله ومحارمه.
وأكد أن تقديم المساكنة للمجتمع في صورة بديل الزواج أو مُقَدِّمةٍ له بزعم تعرّف كلا الطرفين على الآخر؛ إمعانٌ في إفساد منظومة الأسرة والمجتمع حقوقيًّا وأخلاقيًّا، ودينيًّا، واختزال لعلاقة الزواج الراقية بين الرجل والمرأة في متعة زائفة، واعتداء على كرامة المرأة، وإهدار لحقوق ما ينتج عن هذه العلاقة من أولاد، فالبدايات الفاسدة لا تثمر إلا الفاسد الخبيث.
ولفت إلى أن الجرأة في طرح الجرائم اللاأخلاقية، والسعي لتطبيع هذا النوع من العلاقات الشّاذة والمحرّمة، من خلال خطط شيطانية ممنهجة، تعصف بقيم الفطرة النقية، وتستهدف هدم منظومة الأخلاق، ومَسْخ هُوِيَّة الأفراد، وتعبث بأمن المُجتمعات واستقرارها؛ هذه الجرأة جريمةٌ مستنكرة ممن لا يقيمون وزنًا لهدي السماء، وحكمة العقل، ونداءات الضمير.
وتابع: يشد الأزهر الشريف على أيدي الآباء والأمهات، والمُؤسسات الثَّقافية والتَّربوية والتَّعليمية، فيما يضطلعون به من أدوار تربوية نحو النَّشء تعزِّز قِيَمَ الآداب والفضائل الأخلاقيَّة والدِّينية القَويمة والرَّاقية، وتُحَصِّنهم من الوقوع في مستنقعات الشّهوةِ والرَّذيلة.
وأهاب الأزهر الشريف بأصحاب الرأي والفكر والإعلام أن يكونوا على حذرٍ من استغلال منابرهم في الترويج لمثل هذه الدّعوات الهابطة؛ عن عمدٍ أو غير عمدٍ؛ لنشر فتنة أو رذيلة تعبث باستقرار المجتمعات وأبنائها، وتروج للفواحش المنكرة، والأفكار الوافدة، التي تحاول النيل من ثوابت ديننا الحنيف، وقيم مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
قرار نقابة المحامين بشأن تصريحات المحامي هاني سامح
من جانبها قررت نقابة المحامين إيقاف محامٍ عن العمل لإباحته المساكنة، وقرر عبدالحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، إحالة المحامي هاني سامح، إلى التحقيق مع إيقافه عن ممارسة المحاماة لحين الانتهاء من التحقيقات.
وأكد نقيب المحامين في بيان، أن قرار الإحالة إلى التحقيق جاء بناء على التصريحات المتعلقة بالمساكنة، والتي أدلى بها المحامي خلال استضافته بأحد البرامج التلفزيونية، مشيرًا إلى أن ما قاله غير مقبول نهائيًا.
وأوضح علام أن التصريحات التي أدلى بها المحامي تعبر عن نفسه ولا تمثل جموع المحامين، مشددًا على أن نقابة المحامين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يسيء لها أمام المجتمع، ويثير البلبة بتصريحات غير مسؤولة.