موقع أمريكي يكشف دوافع الاحتلال لتنفيذ أكبر عملية في الضفة الغربية
تناول موقع المونيتور الأمريكي بالبحث والتحليل العملية العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق الجارية في الضفة الغربية، والتي أطلق عليها اسم عملية المخيمات الصيفية، وهي ليست الأولى من نوعها في الأراضي المحتلة، لكنها الأكبر منذ عقدين من الزمان. فقد شن جيش الاحتلال هذه العملية في 27 أغسطس بغارات متزامنة في أربع مناطق في شمال الضفة الغربية، واصفًا إياها بعملية مكافحة الإرهاب ضد المسلحين.
بدأت الغارات في مخيم الفارعة للاجئين في محافظة طوباس؛ وفي طولكرم ومخيم نور شمس في محافظة طولكرم؛ وفي مخيم جنين. وكانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت بحلول يوم الأربعاء من الفارعة ونور شمس، لكن الغارات استمرت في جنين وأسفرت عن وقوع ضحايا، أي ما لا يقل عن 16 فلسطينيًا حتى الآن، وفقًا لوزارة الصحة في رام الله.
ويبدو أن تصرفات جيش الاحتلال هي نسخة مستجدّة من الغارات اليومية التي يشنها في الضفة الغربية منذ بدأت حرب غزة ضد حماس في السابع من أكتوبر. وتهدف الغارات المتزايدة إلى القضاء على الخلايا المسلحة في شمال الضفة الغربية وتعطيل قدراتها لمنعها من فتح جبهة أخرى في الصراع.
ولكن لا يمكن تحقيق هدف إسرائيل بعملية واحدة واسعة النطاق، وهو ما يثير المخاوف من أن تصبح العمليات العسكرية حدثًا يوميًا في الضفة الغربية ويشير إلى ما ينتظر الضفة الغربية في الأمد القريب.
المزيد من المستوطنات الإسرائيلية؟
من خلال هذه العملية الأخيرة، تأمل إسرائيل في حل الوضع الأمني في الضفة الغربية، حيث تنتشر الجماعات المسلحة منذ بعض الوقت، حيث وصلت إسرائيل إلى مرحلة متقدمة في مشروعها الاستيطاني، حيث يعيش أكثر من 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وفقًا لعماد أبو عوض، الصحافي ومدير مركز القدس للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية ومقره رام الله.
وقال أبو عوض لموقع المونيتور الأمريكي: "يسعى الاحتلال إلى السيطرة على غالبية الأراضي غير المأهولة في الضفة الغربية ومحاصرة المدن والقرى في المنطقة".
ويعتقد أن عملية المخيمات الصيفية، في القضاء على الجماعات المسلحة، هي المرحلة الأولى من خطة تمهد الطريق لعمليات أكبر في المستقبل القريب لحل الصراع.
كما أشار أبو عوض إلى أن إسرائيل تدمر البنية التحتية في المدن والبلدات إلى حد كبير وتتحدث عن تهجير السكان في بعض المناطق. ويتوقع أن تحدث تحركات سكانية على الأرجح في المرحلة التالية من الضغط العسكري المتزايد.
وقال أبو عوض: "هذا هو السيناريو الوحيد المتوقع في الضفة الغربية". وأكد أن ما يجعل هذا السيناريو معقولًا هو الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ونفوذ وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عليها، اللذين يدعمان التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، بل ويرى أن الاحتلال سيواصل توسيع المستوطنات في غياب أي ضغوط دولية أو إقليمية أو مساءلة حقيقية.
مزيد من العمليات العسكرية؟
يعتقد ساري عرابي، المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني، أن عملية المخيمات الصيفية لن تكون حدثًا مطولًا، لأن إسرائيل لا تنوي حاليًا فرض احتلال عسكري مباشر أو السيطرة على مخيمات ومدن الضفة الغربية. وقال لموقع المونيتور الأمريكي: "لهذا السبب قد تتبع هذه العملية عمليات أكبر وأوسع نطاقًا في الفترة المقبلة".
وقال عرابي إن عملية المخيمات الصيفية ليست تتويجًا للضغوط العسكرية والتصعيد، بل كانت تهدف إلى تفكيك الخلايا المسلحة وبنيتها العسكرية وتدمير البنية التحتية. كما يعتقد أن إسرائيل تأمل في تحويل المدنيين ضد الجماعات المسلحة، مما جعل الدمار في جنين وطولكرم مثالًا على ذلك بسبب وجودها في محاولة لوقف انتشارها.
على المستوى السياسي، يعتقد عرابي أن الهدف النهائي للعملية هو تشديد السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وربما تهجير الفلسطينيين من مناطق معينة لتمهيد الطريق لمزيد من المستوطنات. "لكنني لا أعتقد أن إسرائيل ستنفذ هذه الخطة في المستقبل القريب أو الفترة المقبلة"، قال.
غزة على الضفة الغربية؟
يبدو أن الدمار الواسع النطاق للبنية التحتية في الضفة الغربية يشبه إلى حد ما تصرفات جيش الاحتلال في غزة، حيث حاصرت قواته المستشفيات وأغلقت الطرق المؤدية إلى المدن والمخيمات وجرفت الشوارع ودمرت البنية التحتية للكهرباء وشبكة المياه. نشر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في 28 أغسطس على X أن إسرائيل يجب أن تتعامل مع التهديد في الضفة الغربية تمامًا كما تعاملت معه في غزة ودعا إلى الإخلاء المؤقت لسكان الضفة الغربية وحذرت السلطة الفلسطينية من تداعيات العملية الإسرائيلية الجارية والتي وصفتها بأنها "تصعيد خطير".
وعلّق المتحدث الرسمي باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "إن العدوان الذي بدأته إسرائيل هو استمرار لحرب شاملة على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. إنه تصعيد خطير. تتحمل سلطات الاحتلال والجانب الأمريكي الذي يوفر الحماية والدعم لهذا الاحتلال لمواصلة حربه ضد شعبنا الفلسطيني المسؤولية" وأضاف أن هذه السياسة "لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، وسيدفع الجميع ثمن هذه الحماقة الإسرائيلية".
وفي الوقت نفسه، قالت حماس: "إن العملية العسكرية هي محاولة لتنفيذ خطط الحكومة الإسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية وتوسيع حرب الإبادة الجماعية الوحشية في قطاع غزة لتشمل المدن والبلدات والمخيمات في الضفة الغربية". وأضافت: "إنها نتيجة طبيعية للصمت الدولي والدعم الأمريكي".
وقال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي لموقع المونيتور الأمريكي إن إسرائيل أرادت من خلال العملية في شمال الضفة الغربية والحملة الإعلامية المرافقة لها اختبار ردود الفعل الدولية والإقليمية.
وقال الشوبكي: "إذا كان هذا الرد ضئيلًا، فإنها ستواصل سياستها في الضفة الغربية على نطاق أوسع وبسرعة أكبر. وفي المرحلة المقبلة، ستسعى إسرائيل إلى إفراغ المناطق الصغيرة غير المأهولة بالسكان في الضفة الغربية من مواطنيها الفلسطينيين لتوسيع المستوطنات. كما ستعمل على تحويل السلطة الفلسطينية إلى مجلس بلدي كبير لإدارة شؤون المواطنين وإنهاء أي طموح أو مشروع سياسي لديها".