الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

"ملوك السين".. رحلة الراب من صعوبة البدايات إلى الانتشار في الوطن العربي (1)

الرئيس نيوز

تغيرات كبيرة طرأت على ساحة الغناء وعالم الموسيقى، ليس في مصر فقط ولكن في الوطن العربي، إذ ظهر مؤخرا جيل جديد من الموسيقيين الشباب يحملون أفكارا جديدة، ويقدمون موسيقى مبتكرة تتناسب مع الأجيال الحالية، هي موسيقى الراب في شكلها المتطور، والتي لاقت نجاح ورواج كبير خلال السنوات الأخيرة في مصر والوطن العربي.

يعتبر البعض من الأجيال السابقة أن ما يقدمه هؤلاء الشباب موسيقى بعيدة عن الموسيقى التقليدية التي عهدناها لسنوات طويلة، ولكن بمرور الوقت أثبتت موسيقى الراب نفسها على الساحة، وأصبح "ملوك السين" أو الرابر العرب والمصريين "رقم مهم جدا ومؤثر" في عالم الموسيقى العربية، لما حققوه من شهرة واسعة وانتشار بين الأجيال الجديدة.

لا يمكن إنكار نجاح موسيقى الراب بشكلها الجديد، ومتغيراتها التي طرأت على عالم الموسيقى، ليس في مصر فقط، ولكن في الوطن العربي كاملا، ولهذا يخترق "الرئيس نيوز" عالم الراب، ويفتح خزائن أسرار "نجوم السين" من خلال هذا الملف الذي ينشر تباعا على عدة حلقات.

نكشف من خلال هذا الملف لأول مره، أسرار الرابر العرب والمصريين، وأسباب نجاحهم وانتشارهم بين الشباب والأطفال من شرائح وطبقات اجتماعية مختلفة، كما نكشف أسمائهم الحقيقية، وما وراء أسماء الشهرة "الغريبة" التي عرفوا بها، ونتعرف على طرق صناعتهم للموسيقى من داخل غرف صغيرة وأجهزة كمبيوتر، دون الحاجة إلى ألات موسيقية وعازفين.

كما نرصد أفكارهم وتفاصيل حياتهم الشخصية، وأسرار كثيرة نكشفها لأول مره عن عالم الراب.

يرى البعض أن ما يقدمه الرابر الحاليين بعيد عن واقعنا الفني، ويرى البعض الأخر أن الموسيقى التي يقدمها هؤلاء "سهلة" غير مبتكرة، ولا تعتمد على الموهبة الفنية ولا الدراسة، إلا أن الواقع أثبت أن هذه النوعية من الموسيقى، دخلت قلوب الملايين وحققت انتشار واسع في الوطن العربي، وأصبح مقدموها نجوما في عالم الموسيقى، بل أنهم أتاحوا المجال لغيرهم من الشباب ووفروا الفرص، لتقديم أغاني وتراكات مصنوعة في المنزل، دن الحاجة إلى موسيقيين وعازفين، إذ يكتب هؤلاء الرابر لأنفسهم ويقوموا بوضع الألحان والتوزيع لأغنياتهم والتراكات التي يقدموها، دون الحاجة لما يتطلبه صناع الموسيقى التقليدية التي عهدناها.

ما لمسناه خلال العمل على هذه الحلقات، من خلال التواصل المباشر مع "ملوك السين" أو نجوم الراب المصريين والعرب، هو مدى الثقافة والوعي الذي يتمتع به هؤلاء، فجميعهم لديه أفكار إيجابية، وإطلاع على الثقافات الأخرى ومتابعة جيدة للموسيقى حول العالم، والأهم من ذلك أن لديهم "نوايا طيبة" تجاه بعضهما البعض، ودعم لفنهم وإيمان بما يقدموه.

خلال سنوات صعود موسيقى الراب أو "السين" العربي، وحتى استقرارها في منطقة متقدمة لدى اهتمامات الشريحة الأكبر من الجمهور، تضاربت الأراء واختلفت حولها، بداية من من الهيب هوب إلى الراب الجديد.

فكان لعدد من الموسيقيين أراء متعددة في موسيقى الراب وتطورها، وحتى في مؤديين هذه النوعية من الفن الذي غزى سوق الموسيقى بالوطن العربي، كما كان هناك جولات صراع مع الجهات المعنية بالموسيقى، وأبرزها نقابات الموسيقيين سواء في مصر، أو حتى ببعض الدول العربية الأخرى، وبمرور السنوات وبعد أن أصبح لها جمهور عريض يتفاعل معها ومع صناعها ومؤدييها، هدأت الأمور مع النقابات والمؤسسات المعنية بالموسيقى، وأصبحت موسيقى الراب ونجومها أمر واقع بالمجتمعات العربية.

النقابات الموسيقية من الرفض إلى القبول 

قبل مواجهة نجوم الراب، والحديث معهم حول ما يقدموه من موسيقى وكلمات وحتى إطلالات غريبة في الأزياء واللوكات، وقبل اختراق هذا العالم الموسيقى بتفاصيله، كان علينا أن نرصد موقف نقابات المهن الموسيقية في مصر وعدد من الدول العربية بشأن الرابر.

نقابة الموسيقيين المصرية دخلت في أكثر من خلاف مع نجوم الراب خلال السنوات الأخيرة، وكانت أشهر أزمة عام 2022، عندما ألزم نقيب المهن الموسيقية المصري مصطفى كامل، مُطربي الراب، بالغناء على المسرح بصحبة فرقة موسيقية لا تقل عن 6 أعضاء، تشمل عازفين غربيين، والعديد من الآلات مثل "كيبورد"، ودرامز وجيتار أسباني.

ورأى مصطفى كامل، أن هذه القرارات الجديدة، تُسهم في تقليل نسبة البطالة بين أعضاء الجمعية العمومية، وتوفر المزيد من فرص العمل، فضلًا عن الارتقاء بالذوق العام، وأعرب قطاع من جمهور الراب عن استياءه الشديد، من قرارات مصطفى كامل، الخاصة بفرض غرامات، ليتصدر هاشتاج "إقالة مصطفى كامل" موقع "إكس" على مستوى مصر، ليعود مصطفى كامل بعدها للتأكيد على اطلاعه وانفتاحه على نموذج الراب العالمي، لتطبيقه في الساحة المحلية، بما يضمن الارتقاء بالذوق العام، متابعًا "لست ضد أي "رابر"، لكن لن أسمح لهم بالغناء بواسطة "الفلاشة" ويكفي أنني تغاضيت عن وجود 6 أعضاء فقط في الفرقة الموسيقية".

شدد النقيب على مطربي الراب، بضرورة انتقاء كلمات الأغاني والألحان، قائلا: "النقابة ستدعم الملتزمين بشكلٍ قوي"، وقد التزمت الشريحة الأكبر من الرابر بقواعد النقابة منذ ذلك الحين.

نفس الأزمات واجهت عدد من مطربي الراب في المغرب والجزائر وتونس خلال السنوات الأولى لظهورها وانتشارها، ولكنها سرعان ما تبددت هذه الأزمات وأصبح الرابر متواجدين على الساحة الغنائية بقوة، ومنتشرين في المهرجانات الموسيقية والحفلات والفعاليات الفنية الكبيرة.

طرحنا عدة أسئلة على نخبة من صناع الموسيقى الذين أثروا الحياة الموسيقية لسنوات طويلة، من خلال الدراسة والممارسة والخبرات والصناعة والانتاج، بما يؤهلهم لتقييم موسيقى الراب ونجومها من جيل الشباب.

 "لغة الجيل الجديد"

حميد الشاعري الملقب بـ"رائد موسيقى الجيل"، علق على ظهور وانتشار الراب في الوطن العربي، إذ قال: "دى لغة الجيل الجديد، مفردات مختلفة عن أجيالنا، وحقهم يكون لهم مفرداتهم وألفاظهم، والأغنية دايما الغرض منها بيكون تواصل الأجيال مش صراع الأجيال".

أضاف الشاعري، أنه قدم أغنية "شاب شاب" مع الرابر مروان موسى، وحققت نجاح كبير، برغم فرق السن والخبرة واختلاف الأجيال والأشكال الموسيقية، إلا أنه تحمس لتقديم أغنية تجمعه برابر شاب وموسيقي مبدع، لاستكشاف أفكار هؤلاء الشباب وموسيقاهم الحديثة. 

وقال: "بالطبع موسيقى الراب خلال السنوات الأخيرة شهدت طفرة في الوطن العربي، وهي الأقرب حاليا لأجيال الشباب لأنها تعبر عن مشاكلهم وحياتهم بتفاصيلها، وحتى الأطفال أحبوها ويحفظوها جيدا، ولذلك يجب أن ندعمها ولا نقف أمام صناعها، بل نمدهم بخبراتنا وندعم إنتاجاتهم".

تابع  الشاعري، أنه عند بداياته مع جيل التسعينات، واجه صعوبات كبيرة جدا واتهامات بإفساد الفن والذوق العام، ولكن بمرور الزمن تبددت كل هذا الاتهامات، وفرضت نوعية الموسيقى التي قدمها وجيله تفسها على الساحة الموسيقية، واستمرت حتى يومنا هذا. 

وأشار إلى أنه "مهما حاول البعض التقليل من موسيقى الراب أو التضييق على الرابر، فلن يفلح هذا وستنتشر أعمالهم الجيدة، وتنمو وتظهر تجارب جديدة".

"تكنيك مختلف عن المهرجانات"

بينما الملحن والموسيقار محمد رحيم تحدث عن موسيقى الراب، قائلًا: "الراب تكنيك مختلف عن المهرجانات، ولا يجب أن نضعهما معا في نفس الحيز، فموسيقى الراب عالمية وهي نوع صعب مش سهل خالص".

وأضاف رحيم: "موسيقى الراب فيها تكنيك وفيها تقطيعات وفيها وفيها وأول أشكال طبعًا ظهرت اللي بالإقاعات بتاعت الراب، زي مثلا رميني وناسيني وكويني ومليني أنا عملتها لـ هشام عباس، مثلًا دي غنوه أنا عاملها من 20 سنه، حتى صبري قليل  بتاعة شيرين، كل دي تقطيعات راب، بس تقطيعات راب لمطربه بتعرف تغني مش بتقول كلام متقطع على البيت وخلاص".

وتابع الموسيقار الذي تعاون مع كافة نجم الوطن العربي: "المهم هنحط كلام بيقول ايه، دي مهمه جدًا، لازم نخاف شويه على المحتوى اللي بنقدمه للناس، علشان دي مسئولية كبيرة جدًا، علشان كده لازم الكلام يكون في رقي وميبقاش خارج عن السياق والقيم، وحقيقي بشوف ده في الموسيقى اللي بيقدمها الرابر في السنين الأخيرة، أصبحوا بيقدموا موضوعات تمس الشباب ومفيهاش كلمات ولا ألفاظ خارجة".

أكمل أنه سعيد بالصحوة التي حدثت في موسيقى الراب خلال السنوات الأخيرة بالوطن العربي، مؤكدا أننا كنا نتابع لسنوات طويلة نجوم الراب الغربي في أوروبا وأمريكا، والأن أصبح لدينا رابر نجوم وعالميين ولديهم أعمال تتمتع بانتشار كبير ونجاح متصاعد، معتبرًا أن "السين العربي" في تصاعد مستمر، ولذلك علينا إتاحة الفرصة لهؤلاء الشباب لانتشار أكبر وأوسع، مع الحفاظ على قيم المجتمع وتجنب الكلمات الخارجة.

هؤلاء يكشفون.. من أين جاءت أسمائهم الغريبة! (2)
ويجز - عفروتو - سمارا - الجراندي طوطو - مروان نوردو - سمول اكس - ستورمي - كازو - جنجون - منصور أناون