طوفان 7 أكتوبر| بالأرقام.. كيف تغيرت أنماط الهجرة من وإلى إسرائيل؟
تاريخيًا ارتفعت معدلات الهجرة إلى إسرائيل إلى أعلى مستوياتها عام 2022، مع وصول 73 ألف مهاجر، معظمهم قدموا من روسيا وأوكرانيا، في أعقاب اشتعال الحرب في أوروبا الشرقية ويقول المراقبون إن ارتفاع أعداد المهتمين بالانتقال إلى إسرائيل والعيش فيها خلال الأشهر القليلة الماضية، كان سببه الرئيسي: موجة من ما يسمى بـ "معاداة السامية" اجتاحت أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وفي المقابل، انخفض عدد الإسرائيليين الذين غادروا إسرائيل منذ بدء حرب غزة، بعد أن بلغ ذروته في صيف 2023 عندما اشتدت الاضطرابات بسبب مشروع بنيامين نتنياهو للسيطرة على القضاء والمحكمة العليا المعروف باسم "الإصلاح القضائي" المتنازع عليه والمثير للجدل، وفقًا لتقرير نشرته شبكة سكاي نيوز.
وانتقل حوالي 30 ألف شخص إلى إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي، وفقًا لما أعلنته المنظمة الصهيونية العالمية أمس الثلاثاء وكانت آخر مجموعة من المهاجرين تتألف من 150 شخصًا قادمين من فرنسا، وقد وصلوا إلى إسرائيل يوم الثلاثاء، حسبما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وبموجب “قانون العودة” الذي صدر في إسرائيل عام 1950، يحق لليهود وبعض أقاربهم الانتقال إلى إسرائيل والحصول على جنسيتها ويبلغ عدد سكان إسرائيل حاليًا حوالي 10 ملايين شخص، وفقًا للإحصاءات الرسمية لعام 2024.
وانخفضت أعداد المهاجرين إلى إسرائيل بشكل ملحوظ في الأشهر التي تلت هجوم حماس، لكن المنظمة الصهيونية العالمية، التي تشجع اليهود على العيش في إسرائيل، وحكومة البلاد، تؤكدان أن هذه الأعداد بدأت في الزيادة مؤخرًا.
ففي أكتوبر 2023، هاجر 1163 شخصًا فقط إلى إسرائيل، مقارنة بـ2364 شخصًا في سبتمبر من نفس العام، و6091 في أكتوبر 2022، وفقًا للمكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل.
ومن أكتوبر 2023 إلى أبريل 2024، انتقل أكثر من 12 ألف مهاجر إلى إسرائيل، وفقًا للأرقام الحكومية وإحصاءات الوكالة اليهودية التي تسهل عمليات الهجرة.
ويقول المراقبون إن هذا التطور يعكس عدة عوامل سياسية واجتماعية في المنطقة مضيفين أن زيادة الهجرة إلى إسرائيل بعد هجوم حماس يمكن أن تكون نتيجة لعدة أسباب:
الوضع الأمني: الهجمات والصراعات في المنطقة قد تدفع بعض اليهود إلى البحث عن الأمان في إسرائيل.
السياسات الحكومية: الحكومة الإسرائيلية والمنظمات الصهيونية تشجع الهجرة إلى إسرائيل من خلال برامج ومساعدات مختلفة.
قانون العودة: هذا القانون يسهل عملية الهجرة لليهود وأقاربهم، مما يجعل الانتقال إلى إسرائيل خيارًا جذابًا.
التوترات الإقليمية: التوترات المستمرة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى زيادة الهجرة كوسيلة للبحث عن الاستقرار.
وفي وقت مبكر من العام 2024، تحدثت مصادر إسرائيلية رسمية وتقديرات لباحثين ومراقبين مصريين عن مغادرة نحو مليون يهودي لإسرائيل بعد هجوم “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي. وإذا كان بن جوريون، مؤسس إسرائيل، قد ربط وجود الدولة اليهودية بالهجرة الواسعة إليها، فإن الهجرة العكسية في عهد نتنياهو تهدد بقاء الدولة.
وقد تفتح الهزيمتان الاستراتيجية والتكتيكية للجيش الإسرائيلي في غزة بوابات الهجرة العكسية للإسرائيليين، على غرار ما حدث بعد حرب أكتوبر 1973، وكان بن جوريون قد صرح بأن “انتصار إسرائيل النهائي سيتحقق عن طريق الهجرة اليهودية الكثيفة، وإن بقاءها يتوقف فقط على توفر عامل واحد؛ هو الهجرة الواسعة إلى إسرائيل”.
وتكمن خطورة هذا التصريح في أن الوضع في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو يواجه هجرة عكسية واسعة لنحو مليون يهودي منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، مما يهدد “وجود إسرائيل”، حسب تحذير مؤسسها.
وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل جاهدة لتهجير 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى صحراء سيناء المصرية، تواجه بالمقابل تهديدًا وجوديًا لكيانها بفعل تسارع الهجرة اليهودية العكسية من أراضي فلسطين التاريخية منذ إطلاق حركة حماس عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر.
وتخفي الحرب الإسرائيلية على غزة بين طياتها “حربًا ديمغرافية” حول من يكون له التفوق البشري والعددي، خاصة في ظل الحروب التي لا تتوقف إلا لتشتعل بين الطرفين.
و في ظل النقص العددي ليهود إسرائيل، تضطر تل أبيب للاعتماد على جنود الاحتياط بنسبة 65%، إلا أن ذلك يكلفها على الصعيد الاقتصادي أموالًا طائلة، مما يجعلها تفضل الحروب القصيرة حتى تستطيع تسريحهم للعودة إلى مهنهم المدنية وتحريك عجلة الاقتصاد ثانية.
ويرى بعض المراقبين أن إسرائيل تنزف ديمغرافيًا؛ فنحو مليون شخص غادروا إسرائيل إلى الخارج في الأشهر الأخيرة بحسب إعلام عبري، وهو ما يفوق بكثير عدد من تجلبهم الوكالة اليهودية إلى داخل إسرائيل. ناهيك عن النازحين من مستوطنات غلاف غزة وفي الشمال على حدود لبنان.
وبعد مرور حوالي 70 يومًا على الحرب على غزة، لا يزال الجيش الإسرائيلي غير قادر على وقف إطلاق الصواريخ من القطاع ومن جنوب لبنان. هذا الوضع يجعل النازحين الإسرائيليين مترددين في العودة إلى منازلهم حتى بعد انتهاء الحرب، ما لم تتوفر لهم “ضمانات أمنية” مثل إنشاء مناطق عازلة. وإلا، فإن جزءًا منهم قد يضطر إلى الهجرة العكسية نحو دول أخرى أكثر أمانًا.
وفقًا لما نقلته صحيفة “زمان إسرائيل” عن سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية (حكومية)، فإنه منذ بداية الحرب وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، غادر حوالي 370 ألف إسرائيلي البلاد. بالإضافة إلى ذلك، سافر 600 ألف إسرائيلي إلى الخارج خلال العطلات وبقوا هناك حتى 7 أكتوبر، ليصبح المجموع نحو 970 ألفًا.
من بين الفئات التي سافرت إلى الخارج ورفضت العودة، هناك شباب تم استدعاؤهم للتجنيد والمشاركة في حرب غزة لكنهم تخلفوا، ويواجهون عقوبات، خاصة في ظل ارتفاع معدل التخلف عن التجنيد ويؤكد هذا الرقم الباحث المصري في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، في حديث مع الكاتب الصحفي سيد جبيل على قناته على اليوتيوب (نعرف).
ويعتبر الدكتور أنور، أستاذ العبري الحديث بجامعة الإسكندرية، أن الهجرة العكسية من إسرائيل تفوق مليون شخص، غادروا البلاد “بلا رجعة” منذ بداية الحرب، استنادًا إلى تقديرات باحثين مصريين حللوا سجلات الطائرات المغادرة لمطار بن غوريون في تل أبيب.
وفقًا لموقع “فلايت رادار 24”، فإن معدل الرحلات المغادرة لمطار بن غوريون بلغ 120 رحلة يوميًا، وهو المعدل الأكبر المسجل في المطار على مدى الأشهر والسنوات الأخيرة، بمعدل 24 ألف مسافر يوميًا، وفقًا للمصدر الذي استند إليه أنور.
إذا أضيفت الرحلات المغادرة من مطار بن غوريون، ورحلات مطاري إيلات (جنوب) وحيفا (شمال)، والمغادرين عن طريق البحر من ميناءي حيفا ويافا (وسط)، فإن المجموع يصبح نحو 40 ألف مسافر مغادر يوميًا وبناءً على هذه التقديرات، يعتبر المصدر أن “رقم مليون من الهجرة العكسية في هذه الفترة (11 نوفمبر ـ 11 ديسمبر) منطقي للغاية.
وتُعد هذه الأرقام أكبر قليلا من الأرقام الرسمية الإسرائيلية التي عادة ما تخضع للرقابة العسكرية زمن الحرب، لكن في جميع الحالات سواء كان الرقم 370 ألفا أو 970 ألفا أو 1.2 مليون (خلال شهر) أو 2.8 مليون (في 70 يوما) من الهجرة العكسية، فإنها كلها أرقام ضخمة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه اليهود 7.14.