الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عاجل| "مبادرة العفو مقابل الاعتزال".. خبراء يشككون في نوايا الإخوان

الرئيس نيوز

شكك الباحث في الشؤون الجماعات الأصولية، مصطفى أمين، في الرسالة المنسوبة إلى القيادي الإخواني، حلمي الجزار، والتي نقلت عبر الإعلامي الإخواني ماجد عبدالله، المقيم في إسطنبول التركية، ونصت الرسالة على رغبة تنظيم الإخوان في المصالحة مع الدولة المصرية، على أن تنسى الجماعة ما حدث لها من إزاحة عن الحكم في مقابل الإفراج عن جميع أعضاء الجماعة، واعتزال مؤقت لسياسة تصل لنحو 15 عاما، موضحا أن الجزار نفى في بيان رسمي نية الجماعة اعتزال العمل العام، واصفا إياه بالعمل الوطني والشرعي. 

يضيف أمين في تصريحات لـ"الرئيس نيوز": "الرسالة يدور حولها استفهامات كثيرة من حيث التوقيت حيث استبقها رسالة مزعومة من عناصر إخوانية في السجون المصرية تطالب العفو، فضلا عن زيارة مرتقبة للرئيس السيسي إلى تركيا مقررة 4 سبتمبر المقبل". 

يتابع: "ما الذي يحول بين الجزار أن يعلن بنفسه تفاصيل مبادرته، وما هو الوزن القيادي لماجد أن يعلن هو مثل هذه المبادرة". 

يشير أمين إلى أن الغريب أيضا في الأمر أن الجزار إذا لم يكن هو صاحب هذه المبادرة فلماذا لم يعلق عليها، بل على العكس نفى في بيان عبر موقع الجماعة اعتزال الإخوان للعمل السياسي، كذلك جناح الإخوان في إسطنبول لم يعلق على المبادرة التي تحتاج إلى موافقة مجلس شورى الجماعة، الذي بات في حكم المنحل، وهل هذه المبادرة تمثل جناح الإخوان في تركيا أم الجناح الآخر في لندن؟. 

يتساءل عن المحفزات لدى الدولة المصرية في التصالح مع الجماعة بعد نحو 11 عاما من الصدام، مرجحا أن المبادرة المنسوبة للجزار حاليا ربما تكون مناورة، إذا ما لاقت صدى يتم تبنيها بشكل رسمي وإن لم يكن كذلك فهم على مسافة منها، وربما تكون أيضا محاولة من الجماعة أن تجعل ملفها ضمن أجندة النقاش بين الرئيس السيسي ونظيره التركي رجب أردوغان. 

بيان الجزار 

كان مسؤول القسم السياسي لتنظيم الإخوان، حلمي الجزار، نفى في بيان رسمي ما يتردد بين الحين والحين بشأن ممارسة الإخوان للعمل السياسي؛ مؤكدا أن عدم المنافسة على السلطة الذي أعلنته الجماعة، وما زالت متمسكة به لا يعني أبدا الانسحاب من العمل السياسي، الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة.

زعم الجزار أن تنظيم الإخوان جزء من الشعب ولن يتخلى عن واجبه الشرعي والوطني، بحسب وصف البيان، مدعيا أن مطلب ترك ممارسة السياسة - الذي تحوم حوله الشائعات والتطلعات - يؤكد عدم قبول التعددية السياسية، بل أحادية نظام الحكم.

رسالة مزعومة 

اللافت للنظر أن المبادرة جاءت بعد أيام من رسالة بعث بها عدد من سجناء الجماعة المنقسمة في السجون، يطلبون فيها تبرئتهم مقابل إعلان توبتهم والانفصال عن الجماعة.

وردت وزارة الداخلية المصرية على ما أوردته إحدى القنوات الإخبارية بشأن تلقيها رسائل من سجناء من جماعة الإخوان المسلمين.

وقال بيان للوزارة: "نفى مصدر أمنى جملةً وتفصيلًا صحة ما تناولته إحدى القنوات العربية بشأن تلقيها رسائل من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل والتى أعلنوا خلالها تبرؤهم من الجماعة".

واعتبر المصدر أن "ذلك يأتى فى إطار الإدعاءات المتكررة من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وترويجها لتلك المزاعم لمحاولة الخروج من حالة العزلة التى تمر بها بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأى العام".

مبادرات منفردة 

الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، ماهر فرغلي، يعلق عبر "فيسبوك"، على المبادرة المنسوبة للجزار، قائلا: "الكلام الذي أثير مؤخرا عن المصالحة مع جماعة الإخوان، ثم تخليق مراجعات السجون، استنادا لرسالة من عنصر أو أكثر أو بعض عناصر شعرت بالهزيمة والأزمة داخل السجن، وليس استنادا إلى موقف التنظيم ذاته، وعقل الجماعة وقادتها وسياستها". 

يضيف فرغلي: "رغم تكرار هذه المحاولات، ووجود كتب وأبحاث من عناصر داخل السجون من 6 أعوام تقريبًا، ومنهم عمرو عبد الحافظ، وحمزة محسن.. ورغم أنه لا يوجد بينهم قيادي من مكتب الإرشاد، أو مجلس الشورى، أو حتى مدير مكتب إداري للجماعة معروف، ثم كلام ماجد عبد الله، المثير للشفقة (وهو شخص لا قيمة له في التنظيم الآن، ويتكسب من الفيديوهات التي ينشرها)، وبعده بيان الجماعة على لسان حلمي الجزار، إنهم لن يتوقفوا عن العمل السياسي، كل ذلك غرضه وهدفه الرئيسي هو إعادة الإخوان للمشهد الإعلامي". 

يوضح أن الإخوان في مصر متأخرون للغاية، ولم يستوعبوا تجارب من سبقهم، ولا حتى تنظيمهم في أوروبا، أو شمال إفريقيا، وهم مرتبطون بأجندات خارجية تحركهم، وكلمة (مصالحة) هي جريمة في حد ذاتها، وأي من كان الشخص الذي يتحدث عن ذلك، فهو لا يدرك معناها، إذ لا يوجد في أجندات الدول "مصالحة"، ولا يجوز سياسيا ولا قانونيا ولا إجرائيا إجراء مصالحة مع تنظيم خرج على الدولة، إلا أن هناك ما يسمى (مراجعة)، أو ما يسمى (تصحيح مفاهيم)، وهو نوع من إدماج المتطرفين داخل المجتمع، ومحاولة لتصحيح أفكارهم أو استراتيجياتهم، وهذا نجح بنسبة 99% في تجربة الجماعة الإسلامية المصرية، وهي تجربة رائدة ورائعة. 

يتابع فرغلي: "تم تكرار تجربة المراجعة في تجربة المناصحة السعودية، وفي التجربة الجزائرية، وفي المغرب وموريتانيا والأردن، وكانت التجربة الليبية مهمة في هذا الشأن، والآن يتم عملها في أوروبا في تجارب مختلفة، لكنها تسير في نفس الاتجاه، وهي تجربة (أرهوس) بالدانمارك، وتجربة (حياة) بألمانيا، لكن التجربة المصرية هي الأروع، والتي حاولت الدولة تكرارها مع جماعة الجهاد الإسلامي فيما يسمى (ترشيد الفكر الجهادي)، التي نجحت بنسبة بسيطة، نظرا لأن هذه الجماعة ليست برأس واحدة، بل خلايا وسلاسل، وأحيانا مجموعات متنافرة استراتيجيا وفكريا في مسائل كثيرة مثل العذر بالجهل، وتكفير أعوان الحاكم.. إلخ، ومن هنا، فأي حديث عن مصالحة من قبل عناصر منتمية للجماعة أو منشقة.. إلخ فهو خاطئ، ولا يهدف لشيء سوى لإرجاع الجماعة للمشهد، او لتحقيق حضور شخصي لمن يطرح هذا الأمر، او التكسب من خلاله عن طريق الحصول على مشاهدات، مثل حالة ماجد عبد الله".

يوضح: "أما الحديث عن مراجعة من قبل الجماعة لأفكارها، وتصحيح لمفاهيمها، وتوقيف لعملها السياسي القديم، وإعادة تعريف لدورها في المجتمع، وهل هي جمعية للعمل الاجتماعي أم حزب سياسي أم جمعية دعوية فقط، وووضع ضوابط لموقعها داخل الدولة، وهل هي جزء منها أم أعلى منها، وهل هي دعوة عالمية، أم هي دعوة قطرية.. الخ والقائمة تطول، فنحن مع هذا بكل تأكيد، ونحن مع الدفع في الاتجاه الذي يصحح المفاهيم لعناصر الجماعة، التي يتم استخدامهم في أهداف ضد مصر، ومع مراجعة مواقف الكثير منهم داخل السجون والإفراج عن الذين لم يمارسوا العنف، ولم يرتكبوا جرائم، وتم القبض عليهم بسبب مظاهرة أو ما شابه ذلك، ولكن بعد إجراءات أمنية يقوم بها رجال الأمن، ولكن ليس كمصالحة، وليس كطرفين يجلسان فيتحاورا ويتناقشا ويتفقا، لأن مصر دولة وليست جماعة تجلس وتتصالح مع جماعة مثلها". 

يقول فرغلي: "أضيف أن الإخوان لم تجر مراجعات حقيقية  لأفكارها أو لتاريخها مرة واحدة، وكل ما حدث هو محاولات فردية، بدءا من كتاب "دعاة لا قضاة للهضيبي"، والذي تمت كتابته خوفا من فكر التوقف والتبين، ومن أفكار علي عبده إسماعيل، وتلميذه شكري مصطفى، ثم المحاولات التي يجريها منشقون كل حقبة زمنية، لذا فمن الصعب عليهم أن يقوموا بعمل مبادرة أو مراجعة تسفر عن توقفهم عن العمل السياسي، أو حل الجماعة.. إلخ، ومن هنا كان كلام ماجد عبد الله المثير للشفقة، ثم كلام حلمي الجزار، مرشد الجماعة الحقيقي، وكل منهما يتحدث بأن الجماعة مظلومة، وهي ستتفضل بمسامحة الدولة، وتمد يدها لمن يفرج عن أعضائها من السجون، ولم أجد في حوالي 110 بيانات من الجماعة وحلفائها والمقربين منها أي كلام عن مبادرات من طرف واحد دون قيد أو شرط، بل كلها تتحدث فقط، على أن الجماعة ستتفضل بنسيان حقبة مرسي وما جرى بعدها، وستعود كما كانت تمارس عملها السياسي، بعد أن يتم الإفراج عن أعضائها، وهذا تكرما منها، وإن لم يتم ذلك، فستستمر الدعاية السوداء عبر قنواتها الفضائية، وستقوم بالوقوف في أي خندق ضد النظام الحاكم، وسيتم إطلاق إشاعات، ومحاولة إنهاك الدولة، ومحاولة تدمير اقتصادها.. إلخ".