الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

كيف تتعامل القوى الإقليمية والدولية مع احتمالات الرد الإيراني والتصعيد؟

الرئيس نيوز

تستمر التحذيرات والقلق من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق وسط مشهد جيوسياسي متأزم في الشرق الأوسط، وتسعى غالبية الأطراف الإقليمية والدولية لنزع فتيله حتى لا ينفجر، وفي هذا التقرير يستعرض موقع الرئيس نيوز مواقف كافة القوى المعنية بالصراع الدائر في غزة وعلى الحدود الجنوبية للبنان، بما في ذلك الدبلوماسية المكوكية التي لا تخطؤها أعين المراقبين من أجل تجنب تداعيات التصعيد.

مصر

أكدت مصر أنه يجب تفادي انزلاق المنطقة لمزيد من العنف والتصعيد وناقش الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري خلال اتصال هاتفي منذ يومين مع عباس عراقجي وزير خارجية إيران، الأوضاع الإقليمية المتأزمة في ظل استمرار الحرب في غزة والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وأعرب وزير خارجية مصر عن تطلع بلاده للتوصل إلى اتفاق هدنة يتم بموجبه وقف إطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل الرهائن والأسرى، متمنيًا أن تكلل جهود الوساطة بالنجاح لتخفيف حدة التوترات التي يشهدها الإقليم، وتفاديًا لانزلاق المنطقة في حلقة مفرغه من العنف والتصعيد.

واتفق الوزيران على مواصلة التشاور لمتابعة مسار العلاقات الثنائية بين البلدين خلال الفترة القادمة، وتطورات الوضع الإقليمي، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

إيران

أكد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، مجددًا، أن رد بلاده حتمي على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية يوم 31 يوليو الماضي في طهران، ولكنه أوضح في الوقت ذاته خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني أن "رد فعل إيران على الهجوم الإرهابي الإسرائيلي في طهران حاسم، وسوف يكون محسوبا ومدروسا".

"لا نخشى التصعيد"

وأردف عراقجي أن "طهران لا تخشى التصعيد، ولكنها لا تسعى إليه، على عكس إسرائيل"، وفق تعبيره، رجح العديد من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين أن تكون هجمات حزب الله التي وقعت صباح أمس الأحد "مجرد جولة أولى" كما اعتبروا أن إيران لم تنتقم بعد لاغتيال هنية، مرجحين أن "يأتي الرد على الرغم من تأجيله لعدة أسابيع حتى الآن، خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة"، وفق ما نقل موقع أكسيوس الأمريكي.

وكان بنيامين نتنياهو قد حذّر طهران أمس من أن تلك الضربات التي استهدفت حزب الله ليست سوى البداية، في رسالة تهديد مبطن من التصعيد ويذكر أن المسؤولين الإيرانيين كانوا دأبوا على مدى الأسابيع الماضية على التأكيد بأن ردهم الانتقامي على اغتيال هنية آت لا محالة.
إلا أن العديد من المصادر المطلعة أشارت إلى أن طهران لا تسعى إلى توسيع الصراع لعدة أسباب داخلية وخارجية، لاسيما في ظل التواجد العسكري الأميركي الكبير في المنطقة.

كما أن حزب الله والجانب الإسرائيلي تبادلا رسائل الطمأنة أمس بأن جولة التصعيد أو مرحلتها الأولى انتهت عند هذا الحد، وفق ما كشفت مصادر دبلوماسية لرويترز ومنذ أواخر الشهر الماضي تصاعدت المخاوف الدولية من توسع الصراع في المنطقة، بين إسرائيل من جهة وإيران وأذرعها من جهة أخرى، وتوعد كل من المسؤولين الإيرانيين وحزب الله برد موجع.

وخلال الـ24 ساعة الماضية، جدّد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، تعهد طهران بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية الشهر الماضي. 

وقال سلامي في أثناء تفقده قوة حدود خسروي: "ستسمعون أخبارًا جيدة"، وجاء تصريح سلامي، على هامش تفقده حدود خسروي ولقائه مع الزوار الذين رددوا هتاف: "الموت لإسرائيل"، وطالبوا بالانتقام لدم الشهيد إسماعيل هنية، وفقًا لفرانس برس.

حزب الله

تصاعدت المخاوف منذ أسابيع من تصعيد عسكري إقليميًا أكبر في ظلّ تواصُل الحرب في قطاع غزة منذ 10 أشهر، بعد توعُّد إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال هنية في 31 يوليو والمنسوب إلى إسرائيل، واغتيال فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية في ضربة إسرائيلية وكان حزب الله قد أعلن، أمس الأحد، شنّ هجوم جوي وصاروخي نحو أهداف عسكرية إسرائيلية، في إطار ردّ أولي على مقتل القيادي العسكري فؤاد شكر، وذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربات استباقية في لبنان لمنع هجوم كبير للحزب.

البيت الأبيض

أكدت الولايات المتحدة في كل منعطف مهم، أنها "ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقيام بكل شيء" لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل. 

وجاء الإعلان الإسرائيلي قبل إعلان حزب الله، لكن لم يتضّح بعد ما إذا كان القصف الإسرائيلي قد بدأ قبل ردّ حزب الله أو العكس، ولم يعلن عن خسائر في الأرواح من قبل الجانب الإسرائيلي، ولكن بعض التقارير تشير إلى سقوط قتلى إسرائيليين.

دبلوماسيًا؛ في ملف غزة تواصل الولايات المتحدة ممارسة ضغوط على إسرائيل من أجل إنهاء الأعمال القتالية بعد مرور ما يزيد على 10 أشهر على شن هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل والذي أدى إلى نشوب الحرب.

كشف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة وحلفاؤها قد تواصلوا مباشرة مع كل من إسرائيل وإيران، وأكدوا بأنه "لا ينبغي لأحد تصعيد هذا الصراع"، مضيفا أن مفاوضات وقف إطلاق النار قد دخلت "مرحلة نهائية"، ويمكن أن تتعرض للخطر بسبب المزيد من التصعيد في أماكن أخرى في المنطقة.

وكشف مسؤول أمريكي ومسؤول استخباراتي غربي شبكة "سي ان ان"، بأن المخاوف أصبحت الآن أكبر بشأنتصرف الجماعة المسلحة المتمركزة في لبنان بمفردها.

وبالنسبة لنتانياهو، قد تبدو الجهود الجارية مجرد مناورات لغوية تهدف إلى كبح رغبة إسرائيل في رد ساحق ضد أي من المعتدين، إذ أنه يرى إيران وحزب الله كأيد مختلفة لنفس الرأس، وفقا للشبكة.

وباستثناء الهجوم المباشر على إسرائيل في أبريل، كان حزب الله دائما يوجه الضربات التي تتردد إيران في توجيهها، وقد يوجه هذه المرة ضربة مزدوجة، واحدة لشكر وأخرى لهنية من حماس.

وإذا كان هذا هو الحال، فإن انتقام إسرائيل ضد حزب الله قد يتحول بسرعة إلى التصعيد الإقليمي الذي يجر إيران والذي يخشاه الجميع.

ووفقا للتحليل، "لقاء جدة والدبلوماسية عبر القنوات الخلفية يشتريان مساحة دبلوماسية ووقتا لتطوير مخرج له على الأقل بعض الجاذبية في الوقت الحالي".

وتبدي كل من إيران والولايات المتحدة، بدرجات متفاوتة، انفتاحا على هذا المسعى. غير أن نجاح هذه المبادرة في تحقيق نتائج ملموسة، أو تحولها إلى مجرد أمل زائف، يتوقف بشكل كبير على قرارات القيادة العليا في طهران.

السعودية

شدّدت الرياض على موقفها بخصوص التوترات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، بأن المنطقة لا تحتمل مزيدًا من الصراعات، مؤكدة على أن "التهدئة أولوية". 

أوضح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن وقف النار في قطاع غزة المحاصر منذ أشهر بفعل الحرب الإسرائيلية بات ضرورة.

"التهدئة أولوية"

ولفت بن فرحان إلى أهمية بذل المزيد من الجهود لوضع نهاية لمعاناة سكان غزة، مشيرا إلى أن الجهود الدولية لوقف إطلاق النار غير كافية على الإطلاق وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره الباكستاني، إسحاق دار، أن المنطقة لا تحتمل مزيدا من الصراعات، مشددًا على أن التهدئة أولوية، في إشارة منه إلى التوتر الأخير الذي شهدته الأسابيع الماضية إثر الاستهداف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في سوريا، والرد الإيراني بصواريخ مسيرات على قلب إسرائيل السبت الماضي.

رد على الرد

يذكر أن إيران كانت أطلقت صواريخها على إسرائيل في أبريل الماضي، ردًا على قصف الأخيرة لقنصليتها في دمشق، ما أدى إلى مقتل عميد رفيع في فيلق القدس التابع للحرس الثوري ونائبه، فضلا عن 5 آخرين فيما رجح عدد من المراقبين أن يتنوع الرد الإسرائيلي من احتمال أن يطال مواقع عسكرية داخل الأراضي الإيرانية، أو ميليشيات مدعومة إيرانيًا في بعض البلدان العربية كسوريا والعراق ولبنان، مرورا بهجمات سيبرانية أو تشويش على مفاعلات نووية، وصولا إلى ضرب بعثات دبلوماسية مرة جديدة.

إسرائيل

يتعرض نتنياهو لضغوط شديدة من أسر بعض الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة للتوصل إلى اتفاق في حين ينتقده كثيرون بشدة بسبب عدم توصله إلى الاتفاق، ويتهمه آخرون بعرقلة التوصل إلى اتفاق لأغراضه السياسية الخاصة.

قطر

يستعد رئيس وزراء قطر لزيارة إيران في الأيام القادمة، ومن المقرر أن يتشاور رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي، حول القضايا الثنائية والإقليمية الهامة.

وقامت قطر، جنبًا إلى جنب مع مصر والولايات المتحدة، بالعمل كوسيط لتأمين وقف إطلاق نار لإنهاء حرب استمرت عشرة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة وفي الوقت نفسه، غادر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قطر يوم الثلاثاء بعد زيارة مكثفة للشرق الأوسط بهدف تسريع جهود التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث لا يزال الاتفاق يبدو غير محدد حتى الآن.

من جهة أخرى، أعلنت إيران أنها ستنتقم من مقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران في 31 يوليو، والذي ألقت باللوم على إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، لم تؤكد إسرائيل ولا نفت أنها كانت وراء هذه العملي

هل من صفقة؟

تتواصل الجهود الدبلوماسية لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية في الشرق الأوسط. يتزايد القلق من رد انتقامي محتمل من إيران وتم عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في الرياض، فتم التركيز على إقناع إيران بتجنب التصعيد. يأمل القادة الإقليميون في أن تكون طهران مستعدة للتراجع عن هدف الانتقام، مقابل تحقيق تقدم في محادثات السلام المتعلقة بغزة ويعتبر هذا الاجتماع محاولة لمنع تصاعد الأزمة إلى صراع إقليمي شامل.

التحديات والآفاق

أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن الخطوة الأولى نحو وقف التصعيد هي إنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وتجددت المساعي لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بتخفيف موقفه في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة حماس.

كما أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أنه لا ينبغي لأحد تصعيد هذا الصراع، وأن مفاوضات وقف إطلاق النار دخلت مرحلة نهائية.

الغطاء الدبلوماسي والتحديات المستقبلية

تحتاج إيران إلى غطاء دبلوماسي للتراجع عن تهديداتها المتسرعة ضد إسرائيل. وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يسمح لطهران بالادعاء بأنها تهتم بحياة الفلسطينيين في غزة أكثر من اهتمامها بالانتقام، ووفقًا لصحيفة بوليتيكو، يجب أن تكون المكافأة كبيرة بما يكفي لإيران، حيث تتعلق سمعتها وردعها لأضرار، وتتكثف الجهود الدبلوماسية الساعية لإيجاد مخرج من الأزمة الراهنة بالمنطقة، في ظل تنامي المخاوف من رد انتقامي إيراني محتمل على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، في طهران.

الأردن 

زار وزير الخارجية الأردني طهران مؤخرا، حيث التقى بوزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري، والرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان. وتشير تصريحات الصفدي الأخيرة إلى تفاؤل بأن إيران قد تكون منفتحة على إيجاد سبيل لتجنب التصعيد في المنطقة، وفقا للشبكة.

ويوضح تحليل "سي ان ان"، أن إيران قد تحتاج إلى غطاء دبلوماسي للتراجع عن تهديداتها المتسرعة ضد إسرائيل في أعقاب مقتل هنية مباشرة، معتبرة أن "وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يسمح لطهران بالادعاء بأنها تهتم بحياة الفلسطينيين في غزة أكثر من اهتمامها بالانتقام. لكن المكافأة تحتاج إلى أن تكون كبيرة بما يكفي لإيران حيث أن شرفها وردعها على المحك".

وبحسب الشبكة، فإن ما حصل عليه وزير الخارجية الإيراني بالإنابة بعد اجتماع السعودية،  كان نوعا من الدعم الدبلوماسي المقصود والذي من شأنه المساعدة على تخفيف موقف بلاده المتشدد.

وانضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجهود الدبلوماسية، داعيا في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني بيزشكيان إلى التخلي عن فكرة الانتقام من إسرائيل.

ورد بيزشكيان بحذر، مشترطا أنه لمنع التصعيد على أمريكا والدول الغربية أن تتوقف عن دعم إسرائيل بالأسلحة، وأن تضغط عليها لوقف حربها على غزة والقبول بوقف إطلاق النار.

واعتبر تحليل الشبكة، بأن "المشكلة في خطة وقف التصعيد في غزة هي أنها تعتمد بشكل كبير على الأمل والتفاؤل، بينما تفتقر إلى آليات عملية ملموسة"، مشيرا إلى أنها لكي تنجح، يجب على نتانياهو أن يوافق عليها أيضا.

والتغيير، إذا كان سيأتي، وفقا لأعضاء منظمة التعاون الإسلامي، يجب أن يأتي من الخارج، أي من الشخص الوحيد الذي لديه النفوذ لتهدئة نتانياهو، وهو الرئيس الأمريكي جو بايدن.

لكن بعد ما يقرب من عام على النزاع، يرفض بايدن المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا ويمينية في تاريخها، مما يزيد أيضا من الإحباطات في جدة، وفقا للشبكة.

ووافقت إسرائيل على استئناف المحادثات حول هدنة في قطاع غزة في 15 أغسطس، بناء على طلب دول الوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، بحسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الخميس ودعا قادة الولايات المتحدة وقطر ومصر، الخميس، إسرائيل وحماس إلى استئناف المفاوضات إما في الدوحة أو القاهرة الأسبوع المقبل لتجاوز الخلافات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.

وجاء في النص الذي وقعه أمير قطر ورئيسا الولايات المتحدة ومصر أن الاتفاق الإطاري "مطروح الآن على الطاولة ولا ينقصه سوى الانتهاء من التفاصيل الخاصة بالتنفيذ".

وأضاف الزعماء الثلاثة "نحن كوسطاء مستعدون -إذا اقتضت الضرورة، لأن نطرح مقترحا نهائيا لتسوية الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبي توقعات كافة الأطراف".