الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

"نتائج مخيبة".. أول سؤال برلماني بشأن البعثة المصرية بأولمبياد باريس

أولمبياد باريس 2024
أولمبياد باريس 2024

تقدمت النائبة مها عبد الناصر نائبة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بسؤال برلماني بشأن: البعثة المصرية الأولمبية المشاركة في أولمبياد باريس ٢٠٢٤.

وقالت النائبة في سؤالها: عاشت البعثة المصرية الأوليمبية بل والشعب المصري بأثره أيامًا لا يُحسد عليها، في ظل النتائج المخيبة للآمال التي حققتها البعثة الأوليمبية المصرية يوما تلو الآخر في دورة الألعاب الأولمبية باريس ٢٠٢٤، حيث شاركت مصر بأكبر بعثة أولمبية في تاريخها، حيث ضمت ١٦٤ لاعبًا في ٢٢ رياضة مختلفة، بمعدل ١٤٨ لاعبًا ولاعبة أساسيين و١٦ لاعبًا احتياطيًا في جميع الألعاب وهو كان شيء مشرف ويدعو للتفاؤل، وذلك بميزانية ودعم مالي وصل إلى ١.٢٥ مليار جنيه مصري من ميزانية الدولة، وذلك وفقًا لبيان السيد وزير الشباب والرياضة في تاريخ ١٥ يوليو ٢٠٢٤

وتابعت: حيث قال وزير الشباب والرياضة آنذاك ان الدولة قدمت الدعم المالي والفني اللازم لكل اللاعبين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية باريس ٢٠٢٤، وأنها أنفقت مليارا و٢٥٠ مليون جنيه لدعم الاتحادات الأولمبية من أجل دعم اللاعبين المصريين في مختلف الألعاب، ذلك المبلغ الضخم الذي تم إنفاقه على إعداد اللاعبين وتجهيزهم للأولمبياد، ما بين معسكرات خارجية، ومدربين مصريين وأجانب، وغيرها، بعيدا عن تكلفة السفر والإقامة في العاصمة الفرنسية  باريس، وهو بالمناسبة المبلغ الذي يزيد بنحو ٧٧٧ مليون جنية عن ميزانية البعثة الأوليمبية المصرية التي قد شاركت في أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠.

واستكملت: إلا أنه للأسف لم تتمكن مصر إلا من تحقيق ثلاث ميداليات فقط، ميدالية برونزية في لعبة السلاح من نصيب اللاعب محمد السيد، وميدالية فضية في لعبة رفع الأثقال من نصيب اللاعبة سارة سمير، واخيرًا ميدالية ذهبية في الخماسي الحديث من نصيب اللاعب أحمد الجندي، وهو الأمر الذي يتعارض شكلا ومضمونا مع المستهدفات التي تم إعلانها من جانب اللجنة الأولمبية المصرية التي أكدت قبل المشاركة في أولمبياد باريس أن البعثة الأوليمبية المصرية تستهدف تحقيق ما بين ٧ ألى ١١ ميدالية أولمبية في دورة باريس، وهو بالطبع ما لم يحدث.

وعلى الرغم من استيائنا الشديد من نتائج البعثة بشكل عام، إلا أننا نود أن نتعرض لأبعاد وملابسات ذلك الإخفاق الكبير بشكل موضوعي بعيدا عن العواطف والمشاعر الجماهيرية، كي نتمكن من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وتكون أولمبياد باريس هي نقطة البداية والانطلاق للإصلاح للقطاع الرياضي المصري بشكل حقيقي.

وأضافت: فإذا نظرنا إلى البعثة الأوليمبية المصرية فكما سبق وذكرنا أنها الأكبر في تاريخ البعثات الأوليمبية المصرية بواقع ١٦٤ لاعب، تنافسوا في ٢٢ لعبة فقط، في حين أن برنامج الألعاب الأوليمبية يتكون من حوالي ٣٢ رياضة، وهو ما يعني أن هناك ما يقرب من ثُلث الالعاب الأوليمبية لم تشترك فيها مصر من الأساس وهنا يأتي التساؤل على أية أسس يتم اختيار الألعاب التي سوف نشارك فيها.

حيث أنه في حال كان هناك أعداد جيد وخطة عملية لإعداد البطل الأوليمبي بشكل مثالي، كان بالتاكيد سيترتب على ذلك الامر زيادة احتمالية تحقيق نتائج وإنجازات أوليمبية أفضل مما كان، وبالتالي تمثيل مشرف للدولة المصرية

وخير دليل ومثال على ما نقول في شأن مسألة الاهتمام بإعداد البطل وتقديم الدعم الصحيح واللازمة له، هو التألق الغير عادي لأبناء مصر في الأولمبياد، ولكن للأسف تألق باسم دول اخرى، فعلى سبيل المثال نرى اللاعب المصري عبد الرحمن مجدي والذي أصبح اسمه ادم أصيل والذي يمثل تركيا في رياضة الجمباز، أصبح على بُعد خطوة واحدة من تحقيق ذهبية تاريخية لتركيا 

حيث هرب عبد الرحمن مجدي، لاعب منتخب الجمباز عام 2017 إلى تركيا، للعب باسم منتخبها عن طريق التجنيس، وعلى الرغم من اعتبار مجدي من أهم لاعبي منتخب الجمباز في مصر قبل رحيله، إلا أنه اتهم الاتحاد بالإهمال وعدم الاهتمام به كبطل صاعد في الجمباز، وأنه لمس اختلاف حقيقي في كل النواحي عندما التحق بمنتخب تركيا

كما نود أن نشير إلى مثال آخر وهو المدرب المصري أمجد عبد الحليم مدرب البطلة الأوليمبية الأمريكية لي كييفر لاعبة منتخب السلاح الأمريكي، والذي حقق معها الذهبية الثانية على التوالي في أولمبياد باريس بعدما حققها في أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠ في إنجاز تاريخي غير مسبوق للولايات المتحدة الأمريكية في تلك الرياضة، في حين أن مصر لم نحقق سوى برونزية في تلك اللعبة في الدورة الحالية، فلماذا لم يتم دعم ذلك المدرب وتقديره بالشكل المطلوب وإسناد مهمة تدريب اللاعبين المصريين له ؟!

وهنا نود أن نُشير في سياق متصل الى أن من ضمن الأسباب الرئيسية لعزوف عدد من الرياضيين والمدربين المصريين البارزين من تمثيل مصر وتحديدًا في الألعاب الفردية هو عدم وجود رعاة أو عقود رعاية جيدة، حيث يعتمد الرياضي في الالعاب الفردية بشكل شبه تام على التمويل الذي يأتي من الرعاة نظرا للميزانية الكبيرة التي يحتاجها  من أجل الانتظام على نظام غذائي معين ومعدات وأجهزة تدريب باهظة الثمن ومعسكرات خارجية ومباريات ودية ومكافات مجزية ورواتب جيدة من أجل ضمان تفرغ اللاعب بشكل تام لحياته الرياضية دون الحاجه إلى إيجاد مصدر دخل اخر، وهو ما قد يشتت تركيزه عن الهدف المنشود وهو تحقيق الانجاز الرياضي المطلوب

وعندما بحثنا في سبب عزوف الرعاة عن رعاية اللاعبين المصريين وجدنا أنه على عكس ما يحدث بمختلف دول العالم، فالراعي لا يتمتع بأي مزايا جاذبة له لرعاية البطل المصري، فعلى سبيل المثال في بعض الدول يتم تقديم حوافز متعلقة بالوعاء الضريبي للرعاة نظير رعايتهم للبطل الرياضي الوطني، وهو ما لايحدث في مصر، وبالتالي فهذه تعد من العقبات الكبيرة في طريق صناعة البطل الأوليمبي

هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإننا لا نمانع على الاطلاق أن تخصص الدولة مثل تلك المبالغ الضخمة على البعثات الأوليمبية التي ذكرها السيد وزير الشباب والرياضة، خاصة وأنها تمثل أولا واخيرا اسم وسمعة الدولة المصرية في أكبر وأعرق محفل رياضي في التاريخ، ولكننا نختلف في أوجه إنفاقها الذي تشوبه العديد من التساؤلات، حيث أنه من المفترض أن تغطي تلك المبالغ كافة الاحتياجات المالية والفنية لمختلف أعضاء البعثة، إلا أننا وجدنا أن هناك العديد من الرياضيين يعانون من قلة الإهتمام الفني وعدم وجود مدربين، مثلما حدث مع لاعبي المصارعة الذين شاركوا بمدرب واحد فقط.

حيث أن الأزمة تمثلت في توافر مدرب واحد فقط بالبعثة للمصارعة الحرة، بينما أقيمت منافسات مباراتين للثنائي ضياء الدين كمال وعمرو رضا في أوزان مختلفة في توقيتات متقاربة مما  اضطر المصارع جمال عبد الناصر الذي ودع المنافسات في وقت سابق، إلى تدريب زميله عمرو رضا، نظرا لانشغال المدرب الأساسي بمباراة ضياء الدين كمال، وهو أمر إن دل فيدل على عدم وجود أي تخطيط اداري او فني  مسبق قبل السفر للمشاركة في الأولمبياد.

هذا بجانب لعبة رمي المطرقة التي شارك فيها البطل المصري مصطفى الجمل، الذي أكد أنه بدون مدرب منذ ما يقرب من عام وأنه يتدرب بنفسه لعدم وجود مدرب، وهو ما تسبب في خروجه في المركز الـ ١٤ من اصل ١٦ لاعب، فلماذا لم يتم تقديم الدعم الفني اللازم له قبل السفر؟

وهنا نود أن نُشير إلى  أمر في غاية الاهمية، وهو أن الدولة من الممكن ألا تنفق مثل تلك المبالغ الضخمة على البعثات الأوليمبية المصرية من الاساس، وذلك من خلال تدشين حملات دعائية وتسويقية داخليًا وخارجيًا لتسويق الابطال الاولمبيين المصريين أمام الرعاة المحليين والاجانب، وبالتالي زيادة فرص استقطاب رعاة لهؤلاء الابطال، ومن ثم تخفيف الأعباء المالية التي تتحملها الدولة لإعدادهم وتدريبهم وتأهيلهم وخلافه، وهو ما سيحقق بلا شك معدلات جودة أعلى بكثير سواء من النواحي الرياضية اوالفنية لهؤلاء الابطال تُمكنهم من تحقيق إنجازات اكبر مما حدث بمراحل.

كما نرى أيضًا أن فكرة التسويق والدعاية واستقطاب الرعاة ستعود بالنفع على المدربين والمديرين لهولاء اللاعبين، حيث اتضح لنا أن معظم المدربين يضطرون للتدريب في أكثر من مكان ولأكثر من لاعب، بل ومن جنسيات مختلفة، وهو ما حدث مع المدرب فينسيت إنسيتيت مدرب منتخب مصر لسلاح السيف الذي اتضح انه مدربًا خاصًا لعدد من لاعبي منتخب فرنسا الذين شاركوا في مواجهة أمام المنتخب المصري في دور الـ ٨ من دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بل وتمكنوا من هزيمة المنتخب المصري، وذلك نظرًا لضعف الراتب الذي يتقاضاه مع الفريق المصري، وهو ما يذهب بنا مرة أخرى لذات الطريق وهو ضرورة استقطاب رعاة لحل مثل تلك الأزمات ووضع استراتيجية حقيقية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع من أجل إعداد بطل اوليمبي مصري قادر على تحقيق الانجاز.

وبالتوازي مع ذلك الأمر اذا نظرنا إلى مثال ايجابي عن التحضير وحسن التخطيط والإدارة سنجد أن دولة شقيقه مثل المغرب أحدثت طفرة غير طبيعية في مجال كرة القدم، حيث أنه على مدار سنوات طويلة وضع الاتحاد المغربي لكرة القدم بالتنسيق مع الأندية المغربية خطط واستراتيجيات تسويقية لزيادة عدد المحترفين المغاربه في مختلف دوريات العالم، وهو ما انعكس بشكل غير مسبوق في كأس العالم الماضية قطر ٢٠٢٢ عندما حققت إنجاز غير مسبوق في تاريخ الكرة الأفريقية والعربية بإحتلالها المركز الرابع عالميًا متفوقة على أباطرة كرة القدم في العالم 

 ثم شاهدنا جميعا الأداء المشرف الذي قدموه في أولمبياد باريس وتحقيقهم الميدالية البرونزية في كرة القدم لأول مرة في تاريخ المغرب بل والعرب، وللأسف كان تتويجهم على حساب منتخبنا الذي لقى خسارة فادحة هي الأكبر في تاريخه بنتيجة ٦/٠، وهو الأمر الذي إن دل فإنه يدل على أن الإنفاق بدون تخطيط أو وجود استراتيجية حقيقية لصناعة البطل ليس له أي جدوى!

كما أننا أصبحنا أمام ضرورة مُلحة بأن نكون على قدر الحدث من حيث تحضير الكوادر الرياضية الأولمبية، خاصة بعدما كشف السيد مصطفى براف، رئيس جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الأفريقية، عن نية مصر التقدم بطلب لاستضافة دورتي الألعاب الأولمبية لعامي ٢٠٣٦ أو ٢٠٤٠، بعدما أثبتت جدارتها في استضافة العديد من المحافل الدولية الرياضية الكبرى، وايضًا بسبب توافر البنية التحتية المناسبة لاستضافة ذلك المحفل الكبير، وهو ما يضعنا أمام حتمية تحقيق إنجاز رياضي واضح في أي من تلك الدورات حال تنظيمها على أرض مصر

لكننا على الرغم من كل ما قد سبق لا نشعربالمفاجأة مما حدث بالبعثة الأوليمبية المصرية، وذلك لأن المقدمات الغير سليمة تؤدي لنتائج سيئة، حيث أن وقائع الفساد متغولة منذ سنوات بالارقام والمستندات، منذ البعثة الأولمبية المصرية التي شاركت في أولمبياد لندن عام ٢٠١٢ ومن ثم بعثة ريو دي جانيرو عام ٢٠١٦، ومن ثم بعثة طوكيو ٢٠٢٠ واخيرًا باريس ٢٠٢٤

إلا أن الحكومة والجهات الرقابية منذ ذلك الحين لم تحرك ساكنًا ولم يتم فتح تحقيق في أي من البلاغات التي تم تقديمها بشأن شبهات الفساد المالي والإداري وإهدار المال العام الذي تخطى مئات الملايين، بل ولم يتم محاسبة أي شخص من المسئولين سواء بوزارة الشباب والرياضة أو اللجنة الأوليمبية برئاسة هشام حطب الذي تم عزله مؤخرا، والذي بالمناسبة هو المسئول الأكبر عن ما يحدث حاليا في البعثة الأوليمبية في باريس، أو حتى رؤساء الاتحادات الذي أصبح وبشكل واضح للجميع أنهم يديرون تلك الاتحادات بالأهواء والمصالح الشخصية والمجاملات، دون أي اعتبارللمصلحة العامة للدولة

وحيث أن السيد وزير الشباب والرياضة في تصريحات له خلال الأيام القليلة الماضية أكد على محاسبة كافة الاتحادات والقائمين عليها بعد انتهاء الأولمبياد، بالرغم من أنه لم يتم التحقيق حتى الآن في الوقائع التي تمت في الثلاث دورات الماضية من عام ٢٠١٢ 

 

و طرحت الأسئلة التالية:

• ما هي الاستراتيجية التي تتنتوي الحكومة تنفيذها من أجل إعداد خطة طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل من أجل إعداد كوادر رياضية متميزة تستطيع تمثيل مصر بشكل مُشرف في مختلف المحافل الرياضية ؟

• ما هي الإستراتيجية التي تنتوي الحكومة تنفيذها من أجل توسيع رقعة الالعاب الرياضية الأوليمبية التي ستشارك بها مصر في دورة الألعاب الأولمبية لوس انجلوس ٢٠٢٨ واختيار الألعاب وحيثية الاختيار ؟

• لماذا لم يتم التحقيق في وقائع الفساد وإهدار المال العام في البعثات الأوليمبية المصرية السابقة بأي شكل من الأشكال ؟

• لماذا لم يتم تحويل رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية السابق هشام حطب لجهات التحقيق المختصة حتى الآن ؟

• ما هي أوجه انفاق مبلغ الـ مليار و٢٥٠ مليون جنيه التي تم صرفها على البعثة الأوليمبية المصرية في باريس بشكل مُفصل ؟