الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

لماذا اتجه اليمين المتطرف في بريطانيا إلى الشوارع؟

الرئيس نيوز

تحولت عبارات "الاعتقال" و"أعمال الشغب" و"العنف في مظاهرات" إلى عبارات مألوفة في الصحافة البريطانية اليومية منذ اندلاع غضب اليمين المتطرف قبل أسبوع، ومن ثم واجهتها مظاهرات المناهضين للعنصرية في شوارع المدن البريطانية الرئيسية، واتسعت رقعة المواجهات على امتداد بريطانيا، وأدت لإصابات بين صفوف الشرطة.

وكانت هناك اضطرابات في مدن هال، ليفربول، بريستول، مانشستر، ستوك أون ترينت، بلاكبول، وبلفاست، حيث ألقيت صواريخ ونهبت متاجر وهوجمت الشرطة في بعض الأماكن.

مزاعم باطلة ومعلومات مضللة

وتعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بتقديم الدعم الكامل لقوات الشرطة، لاتخاذ إجراءات ضد المتطرفين الذين يحاولون زرع الكراهية وتصاعدت التوترات بعد مقتل ثلاث فتيات صغيرات في حفل رقص في مدينة ساوثبورت. ولكن لماذا تستَهدَف أعمال العنف والشغب الجاليات الإسلامية؟ 

وأثارت أعمال العنف التي اجتاحت عدة مدن بريطانية عقب مقتل ثلاث فتيات في هجوم قبل أسبوع، مخاوف على سلامة المهاجرين والمسلمين، بعد أن قالت جماعات يمينية متطرفة إن المهاجم مهاجر مسلم، على الرغم من نفي الشرطة البريطانية لهذا الزعم.

وتشهد عدة مدن وبلدات بريطانية احتجاجات عنيفة واضطرابات منذ الاثنين الماضي، بعد مقتل ثلاث فتيات في هجوم بسكين استهدف حفلا راقصا للأطفال في ساوثبورت قرب ليفربول شمال غرب إنجلترا.

وإثر الاعتداء ألقت الشرطة القبض على فتى يبلغ من العمر 17 عاما للاشتباه في ارتكابه "جريمة قتل ومحاولة قتل" مشيرة إلى أن الدوافع لم تتضح بعد، وذكرت أنه مولود في مدينة كارديف ولم تعتبر الهجوم جريمة إرهابية واتهم أكسل روداكوبانا بقتل بيبي كينج (6 أعوام) وإلسي دوت ستانكومب (7 أعوام) وأليس داسيلفا أغويار (9 أعوام)، وإصابة آخرين ووفقًا للشرطة، فإن خمسة من الأطفال الثمانية المصابين في حالة "حرجة".

هلع بين المسلمات

لم تمر ساعات قليلة على أعمال الشغب التي اندلعت في مدن بريطانية عديدة قامت بها جماعات اليمين المتطرف السبت الماضي، حتى ضجت مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالنساء المسلمات العرب في بريطانيا، بنقاشات حامية عبرن فيها عن شعورهن بالخوف من الخروج إلى الشوارع وهن يرتدين الحجاب، وتساءلن خلالها عن إمكانية العمل من المنزل، بل واقترحن أيضًا تمديد فترات الإجازة الصيفية خارج بريطانيا.

وبدأت هذه الأحداث في عدد من المدن البريطانية - معظمها في شمال غرب إنجلترا- عقب انتشار أخبار مضللة، تشير إلى أن الشاب الذي قتل الأسبوع الماضي بالسكين ثلاث فتيات صغيرات مهاجر مسلم. وكانت الشرطة البريطانية قد أوضحت بعد ذلك أن منفذ الهجوم من أصل رواندي ولد في بريطانيا، واستبعدت أن يصنف الحادث كعمل إرهابي.

وفي أكثر من مجموعة على موقع فيسبوك وتطبيق واتس آب، تضم سيدات من جاليات عربية مختلفة، تباينت التعليقات حول الأحداث، غير أن غالبيتها الساحقة شملت نصائح تتعلق بالبقاء في المنزل وعدم الخروج إلا في حالة الضرورة القصوى.

في أحد المنشورات على مجموعة في موقع فيسبوك، تساءلت إحدى المشاركات اللواتي تسكنّ على بعد أمتار قليلة من الأحياء التي شهدت أحداث شغب، عما إذا كان هناك خطر في ذهابها إلى العمل في يوم قيل إنه سيشهد مظاهرات جديدة للجماعات المعادية للمهاجرين، قائلة إن شعورًا يمتزج فيه الخوف والاكتئاب ينتابها.

وقوبل منشورها بنصائح تضمنت اقتراحا بالعمل من المنزل، أو الذهاب بسيارة أجرة تقلها من باب منزلها إلى باب العمل بدلا من استخدام المواصلات العامة، والتقديم على إجازة رسمية حرصًا على سلامتها.

وتحدثت بي بي سي لبعض النساء اللواتي يشعرن بالخوف إزاء الأحداث، من بينهن ربة منزل رغبت في عدم الإفصاح عن اسمها، وقالت إن الأوضاع الراهنة دفعتها للاعتماد على سيارات الأجرة بدلا من المواصلات العامة لحضور موعد طبي مهم.

وتقول: "هذه الأحداث تحصل بين حين وآخر ولكن الحياة لن تقف، سأذهب إلى مواعيدي المهمة بواسطة سيارة أجرة لأنها آمنة".

ولكن أخريات اضطررن لاستخدام المواصلات العامة، مثل أميرة – اسم مستعار- التي قالت لبي بي سي إنها كانت تشعر بعدم الارتياح أثناء تنقلها في حافلة للنقل العام في مدينة ساندرلاند – إحدى المدن التي شهدت أعمال شغب - وذلك في أول مرة تخرج فيها من المنزل منذ السبت الماضي.

وتضيف: "كان علي أن أذهب إلى المتجر لشراء بعض المستلزمات الأساسية ولأول مرة منذ أن انتقلت للعيش في بريطانيا قبل نحو سبع سنوات، أشعر بعدم الارتياح بينما كنت على متن الحافلة وأرتدي الحجاب الإسلامي".

وتشير الأم لطفلين إلى أنها كغيرها من سكان منطقتها من النساء المسلمات، قررن عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة. إلّا أن الأمر ليس سهلا لا سيما أن الأطفال يرغبون في قضاء أوقات طويلة خارج المنزل خاصة في إجازة الصيف.

أما صاحبة حساب يحمل اسم ليلي، فقالت لبي بي سي، إنها اضطرت لاصطحاب حماتها، وهي من أصل إنجليزي، لحضور موعد طبي لابنها المريض في عيادة الطبيب العام بمدينة ميدلزبره التي شهدت أحداث عنف كبيرة، وذلك خوفا من الخروج بمفردها في الشارع لأن ملامحها تشير إلى أنها مهاجرة.

كما تداولت المشاركات صورا تضم قائمة قيل إنها تشمل الأماكن ومواعيد المظاهرات المقررة للجماعات اليمينية، غير أن هذه الصور غير معروفة المصدر وليست موثقة من أي جهة رسمية.

ولكن في الوقت نفسه نشرت الصفحات الرسمية على موقع إكس والخاصة ببعض المناطق السكنية في بريطانيا منشورات تشير إلى أنه تم تحديد هذه المناطق كأماكن للتظاهر يوم السابع من أغسطس/ آب في تمام الساعة الثامنة مساءً وأن سلطات الحي تعمل على التنسيق مع الشرطة البريطانية، من بينها صفحة حزب العمال في حي هارو الواقع في شمال غرب لندن.

إيلون ماسك على خط الأزمة

ووفقًا لبي بي سي، أثار إيلون ماسك قلقَ الحكومة البريطانية بتعليقاته حول ما يحدث في بريطانيا وقال إن "الحرب الأهلية لا مفر منها". فلماذا اختار ماسك التدخل علنًا لإبداء رأيه في أعمالِ العنف التي أثارها أتباع اليمين المتطرف؟ وهل الأمر يتعلق بالترويج لمنصته "X" حيث تجد نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة ودعوات الكراهية مكانًا للانتشار والرواج.