نيويورك تايمز: مقتل هنية يؤجج التوتر بين بايدن ونتنياهو
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضغط على الرئيس الأمريكي جو بايدن فيما يتعلق بالمخاوف الأمريكية بشأن اغتيال الزعيم السياسي لحماس ونهج إسرائيل في محادثات وقف إطلاق النار وذلك في أحدث خلاف بين الحليفين منذ بدء الحرب في غزة قبل 10 أشهر.
وقالت الصحيفة - في تعليق أوردته - إنه فيما وصفه مسؤول أمريكي بأنه محادثة ساخنة يوم الخميس الماضي، نفى نتنياهو أن تكون إسرائيل عقبة أمام اتفاق وقف إطلاق النار ورفض ادعاء بايدن بأن مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية قد يخرب الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية وتحرير المحتجزين.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول حكومي إسرائيلي كبير -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته كي يتمكن من مناقشة العلاقات الحساسة بين البلدين- قوله إن نتنياهو أصر على أنه لم يكن يسعى لعرقلة وقف إطلاق النار، في حين أقر بأن وفاة هنية -المفاوض الرئيسي في محادثات وقف إطلاق النار- من شأنها أن تعطل التقدم لبضعة أيام. وزعم نتنياهو أن ذلك من شأنه في نهاية المطاف أن يعجل بإتمام الاتفاق من خلال وضع المزيد من الضغوط على حماس، بحسب المسؤول الإسرائيلي.
ورأى بايدن أن اغتيال هنية كان سيئ التوقيت، إذ جاء في الوقت الذي كان الأمريكيون يحدوهم الأمل بأن يكون هناك نهاية للعملية، وفقا للمسؤول الأمريكي، الذي لم يرغب أيضا في الكشف عن هويته أثناء وصفه لما جرى في المحادثات الخاصة. علاوة على ذلك، أعرب بايدن عن قلقه من أن تنفيذ العملية في طهران ربما يؤدي إلى إشعال فتيل الحرب الإقليمية الأوسع نطاقا التي كان يحاول تجنبها.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه وفقا للحكومتين لم يبلغ الإسرائيليون، الجانب الأمريكي بخطة قتل هنية على الرغم من أن بايدن استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض قبل أيام فقط. وقال المسؤول الإسرائيلي إن نتنياهو لم يرغب في تعريض الأمريكيين للخطر من خلال إعطائهم تحذير مسبق.
وأشار بايدن إلى مخاوفه بشأن الوضع القابل للاشتعال في الشرق الأوسط خلال محادثة قصيرة في وقت متأخر من الليل مع الصحفيين في قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند يوم الخميس الماضي بعد الترحيب بثلاثة أمريكيين أفرجت عنهم روسيا في صفقة تبادل أسرى.
وقال بايدن: "أنا قلق للغاية بشأن هذا الأمر. لقد عقدت اجتماعا مباشرا للغاية مع رئيس الوزراء اليوم - مباشرا للغاية. لدينا الأساس لوقف إطلاق النار. ويتعين أن يتحرك بشأنه ويجب عليهم التحرك بشأنه الآن".
وعندما سُئل عما إذا كان مقتل هنية قد جعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى اتفاق، قال بايدن: "لم يساعد ذلك. هذا كل ما سأقوله الآن".
ومضت الصحيفة تقول إنه حتى مع شجار بايدن ونتنياهو، يعمل الحليفان عن كثب لإحباط هجوم إيراني مهدد للوضع وذلك ردا على مقتل هنية. وأمر بايدن بإرسال المزيد من السفن الحربية والطائرات إلى المنطقة، وكان الضباط العسكريون الأمريكيون يتعاونون مع نظرائهم الإسرائيليين لمواجهة مثل هذه الضربة، تماما كما فعلوا في أبريل عندما أسقطوا ما يقرب من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار أطلقتها إيران على إسرائيل.
ونوهت الصحيفة بأن إحباط بايدن إزاء محادثات وقف إطلاق النار المتقطعة جاء في الوقت الذي ذكرت فيه القناة ال 12 الإسرائيلية أن نتنياهو اشتبك مع رؤساء الأمن لديه، الذين اتهموه بتغيير شروط الاقتراح لجعل التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة، في حين نفى مكتب رئيس الوزراء هذا التقرير.
ووفقا للصحيفة، فقد اشتكى المسؤول الإسرائيلي من أن الضغوط من الأمريكيين قد تشجع حماس على افتراض أن الولايات المتحدة لا تدعم إسرائيل بشكل كامل وأن المجموعة بالتالي لا تحتاج إلى إبرام صفقة، وهو المنطق الذي رفضه مسؤولو إدارة بايدن، وتساءل البعض عما إذا كان نتنياهو يريد حقا التوصل إلى صفقة أم أنه يريد ببساطة أن يبدو وكأنه يريد ذلك لصرف الضغط عن أسر المحتجزين الحريصين على عودة ذويهم.
وقد طرحت هذه القضية خلال اجتماع المكتب البيضاوي بين بايدن ونتنياهو في 25 يوليو الماضي. وضغط الرئيس الأمريكي بقوة على نتنياهو خلال تلك المحادثة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ورفع صوته وأصر على إبرام اتفاق في غضون أسبوع أو أسبوعين، وفقا للمسؤول الأمريكي.
ووفقا للصحيفة فقد كان لدى بايدن وثيقة في يده لمناقشة الموقف الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار.
وقال المسؤول الأمريكي إن الإسرائيليين عدلوا وجهات نظرهم بشأن بعض أجزاء الاقتراح وأحضروا تلك الآراء إلى الاجتماع، لكن بايدن ومستشاريه زعموا أن بعض هذه الآراء تمثل إشكالية ويمكن أن تحول دون التوصل إلى اتفاق.
وطلب بايدن والأمريكيون أن يجتمع فريقان من الجانبين لحل نقاط الخلاف تلك، وهو ما فعلوه في الأيام التالية، وفقا للمسؤول الأمريكي. وأضاف المسؤول أن النتيجة النهائية الآن في حالة جيدة.
غير أن الضربة الإسرائيلية التي قتلت قائدا لحزب الله في لبنان يوم الثلاثاء، بعد خمسة أيام فقط من اجتماع المكتب البيضاوي واغتيال هنية في طهران يوم الأربعاء، فاجأت الأمريكيين. كما أن توقيت ومكان العمليات أذهلا الأمريكيين وأثارا تساؤلات في أذهانهم حول ما إذا كان نتنياهو جادا بشأن وقف إطلاق النار كما أخبر الرئيس للتو.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن المحادثة الهاتفية اللاحقة بين بايدن ونتنياهو يوم الخميس كانت صعبة. وكان الرئيس مباشرا للغاية وصريحا، وفقًا للمسؤول الأمريكي، إذ أخبر رئيس الوزراء أن الوقت قد حان لإتمام الصفقة.
وفي المقابلة، قال المسؤول الإسرائيلي الكبير إنه يبدو أن الجانب الأمريكي يرغب في صفقة على الفور، بغض النظر عما تحتويه، واشتكى من الضغوط التي تُمارس على نتنياهو.