عاجل| هل تنزعج مصر؟.. الدلالات السياسية والعسكرية لافتتاح الناتو مكتب اتصال في الأردن
في تطور جديد ربما يعكس شكلا من أشكال الترتيبات العسكرية التي يجرى الإعداد لها في المنطقة خلال الفترة القليلة المقبلة، أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو" أنه سيفتتح أول مكتب اتصال له في العاصمة الأردنية عمّان.
أوضح بيان الناتو أن الهدف من إنشاء المكتب تعزيز "الشراكة الثنائية الإستراتيجية" بين الحلف والمملكة، وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، من خلال تعزيز الحوار السياسي والتعاون العملي بين الحلف والأردن.
الخطوة التي تعتبر الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تأتي على وقع توترات إقليمية متلاحقة في المنطقة، بينها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وهو ما أثار جملة من التساؤلات بشأن الدور الذي سيلعبه الحلف من خلال إنشاء أول مكتب في العالم العربي.
الخارجية الأردنية، رحبت بالإعلان واعتبرته علامة فارقة في الشراكة الإستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف، مما يعتبر إقرارا منه بدور الأردن المحوري في تحقيق الاستقرار إقليميا ودوليا، وإشادة بإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والتطرف العنيف.
لا قواعد عسكرية
المدير السابق للشؤون المعنوية، اللواء سمير فرج، يقول للرئيس نيوز: "مكتب الاتصال هدفه الأساسي التنسيق العملي وتبادل المعلومات؛ لمواجهات التحديات والمخاطر؛ وبالتالي تحقيق أكبر فائدة ونجاح ممكن، مثلما حدث في الهجوم الإيراني الأخير ضد أهداف في إسرائيل، حيث تصدت مقاتلات للمسيرات الإيرانية في الأجواء الأردنية".
رجح اللواء سمير فرج أن تكون خطوة الناتو في الأردن قد تم اتخاذها لمواجهة الأنشطة الإيرانية المتزايدة في المنطقة؛ إذ ربما تجدد طهران عملياتها ضد إسرائيل خلال الفترة المقبلة، كما أن مكتب الاتصال لا يعني أن الناتو سيكون متواجد على الأراضي الأردنية بقوات أو بقواعد عسكرية، وإنما قد يستخدم الأجواء الأردنية في صد أي عدائيات موجهة ضد أهداف تابعة للناتو أو أهداف تتبع حليف له، وهنا يبرز دور مكتب الاتصال في إخطار المملكة الأردنية بأنه سيتم استخدام أجوائها؛ وبالتالي لن يكون هناك انتهاك للسيادة".
استبعد اللواء سمير فرج أن تشكل الخطوة الأخيرة أي مصدر إزعاج أو قلق للقاهرة، وقال: "الأمر في المقام الأول ليس موجها ضد مصر، والعلاقات المصرية الأردنية، علاقات أخوة قبل أن تكون علاقات استراتيجية يحكمها وحدة المصير والأهداف".
هل سينضم الأردن للناتو؟
أما أستاذ العلوم السياسية، الأردني بدر الماضي، يقول في تصريحات متلفزة، "إنشاء مكتب للاتصال لا يعني أن الأردن سيكون بذلك عضوا في حلف شمال الأطلسي الناتو؛ وذلك لأن الأردن بعيد كل البعد عن الفضاء الاستراتيجي لدول الناتو، لكن افتتاح مكتب اتصال للناتو في الأردن هو نتاج اتصالات بين الطرفين تعود للعام 2005، فالأردن يتمتع بعلاقات قوية جدا مع كل أعضاء دول حلف الناتو، كما تلعب المملكة دورا استراتيجيا سواء سياسيا أو عسكريا في المنطقة. وإنشاء مكتب اتصال للناتو في الأردن يعني أن عمان ستكون بذلك منطقة توزيع أدوار لدول الناتو والدول الحليفة للناتو في المنطقة".
يشير الدكتور الماضي، إلى أن هناك مكتب للناتو في الكويت لكنه مكتب للتدريب وفقط، أما مكتب إقليمي فله دلالات سياسية وعسكرية واستراتيجية كبيرة".
يتابع: "الدلالة السياسية أن الناتو يرى أن الأردن من الممكن أن يلعب أدوارا سياسية في المنطقة خلال الفترة القليلة المقبلة، كما أن القرار يعكس ثقة الناتو في المملكة الأردنية".
"وبشأن الدور الأمني والعسكري فإن المكتب سيعزز من دور الأردن أمنيا وعسكريا، وسيضعها على خريطة الأهمية الاستراتيجية والعسكرية في المنطقة".
قلق وانزعاج روسي إيراني
وعن تداعيات الخطوة يقول الدكتور الماضي: "ستتسبب الوضعية الجديدة للأردن في اعتراضات وتحفظات دول في العالم والمنطقة، على رأسها روسيا وإيران، اللتان لن تتقبلا القفزة الاستراتيجية للأردن، لكن هذا قرار أردني بحت، ويجب على موسكو وطهران التأكد من أن تلك الخطوة ليست موجهة ضدهما، ولكن لمصالح أردنية بحتة".
فوائد أردنية
وعن حجم الاستفادة الأردنية من الخطوة، يقول أستاذ العلوم السياسية: "ستستفيد الأردن من الأمر بالتعرف على أنماط التدريب الجديدة على أحدث أنواع الأسلحة، كما ستتعرف على صفقات التسليح الجديدة من الناتو، كما ستشعر الأردن بارتياح كبير من أن دولا في المنطقة لن تقدر على تهديد أمنها القومي. فضلا عن الاستفادة من التطور التقني للناتو، واستغلالها في أعمال المراقبة والتغلب على هجمات طائرات الدرون التي تمثل تحديا كبيرا للأردن".
استبعد الدكتور الماضي إن تنزعج مصر والسعودية والإمارات من تلك الخطوة، وقال: "سيرونها جزء من تعزيز أمن المنطقة".
3 عقود من العلاقات
وبحسب وصف بيان الخارجية الأردنية فإن إنشاء مكتب اتصال للناتو في عمّان، يبني على ما يقارب 3 عقود من العلاقات الثنائية العميقة، لا سيما من خلال الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي، وهو تطور طبيعي في العلاقة المتنامية بين الأردن والحلف، الممتدة منذ عام 1996.
ووفق تصريحات صحفية لنائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور ممدوح العبادي، تحدث بها لموقع "الجزيرة نت" فإن الخطوة محاولة من الولايات المتحدة الأميركية -التي تقود الحلف- لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، بعدما تراجعت مكانتها في قارة آسيا. وأن القرار لدى الناتو وواشنطن تحديدا بالاقتراب أكثر من منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة الأردنية، بعد التراجع الملحوظ للوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج العربي لأن قسما كبيرا منها انتقل إلى الأردن.
لفت العبادي إلى أن التطورات التي تشهدها المنطقة والإقليم نتيجة ما حصل في السابع من أكتوبر الماضي كان له تداعيات على العالم أجمع، بما فيه حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما أن الأوضاع في قطاع غزة مرشحة للمزيد من التصعيد والتطورات العسكرية والإنسانية.