الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عمر سليمان| صندوق النظام الأسود.. ورحلة الصعود عبر الظلال

الرئيس نيوز

في تاريخ مصر، برزت العديد من الشخصيات التي تركت بصمة غاصت بأثرها في ذاكرة المصريين والتاريخ، وكان بين أكثر الشخصيات بروزا عمر سليمان رغم أنه رجل الظلال والاختفاء الأول خلال عهد مبارك بحكم وطبيعة منصبه، كرئيس للمخابرات العامة.

تدرج سليمان في الصعود والترقي بثبات ودون عراقيل على السطح، ثم تولى رئاسة جهاز المخابرات العامة ليكون الرئيس صاحب الأطول فترة لحكم الجهاز، والأكثر قربا وثقة لدى رئيسه الأعلى مبارك.. كما وصف بأنه الصندوق الأسود لعهد مبارك ونظامه.

وفي ذكرى وفاته التي وافقت أمس الجمعة، نستعرض بعضا من جوانب حياته.

كان عمر سليمان مديرا لجهاز المخابرات العامة منذ 22 يناير 1993 إلى أن اختاره الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك نائبا له عقب أحداث 25 يناير، واسمه كاملا هو عمر محمود سليمان، وهو مولودفي 2 يوليو 1936في قنا، وتخرج في الكلية الحربية، والتحق بالخدمة في القوات المسلحة في 1954 تلقى دورة تدريبية عسكرية في أكاديمية فرونزي بالاتحاد السوفيتي، وفي ثمانينات القرن الماضي التحق بجامعة عين شمس وحصل على البكالوريوس بالعلوم السياسية، كما حصل على الماجستير بالعلوم السياسية من جامعة القاهرة، وعلى الماجستير بالعلوم العسكرية، ووصل في خدمته العسكرية إلى منصب رئيس فرع التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة.

تولى منصب نائب مدير المخابرات الحربية في 1986، ثم منصب مدير المخابرات الحربية في 1991، وفي 22 يناير 1993 عين رئيسًا لجهاز المخابرات العامة المصرية، وكان أثناء توليه رئاسة المخابرات العامة قد كلف بملف القضية الفلسطينية من مبارك، وقام بمهمة الوساطة حول صفقة الإفراج عن العسكري الإسرائيلي الأسيرلدى حركة حماس جلعاد شاليط والهدنة بين الحركة وإسرائيل والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما قام بمهام دبلوماسية في عدد من الدول.

كانت تشيع تخمينات بين فترة وأخرى حول نية مبارك تعيينه نائبًا له، وهو المنصب الذي كان شاغرًا منذ تولى مبارك الحكم في 1981، وحين اختاره نائبا عقب أحداث 25 يناير كلفه بالحوار مع قوى المعارضة حول الإصلاح الدستوري وفي 10 فبراير 2011 أعلن مبارك تفويضه بصلاحيات الرئاسة، إلا أن مبارك أعلن في 11 فبراير تنحيه عن السلطة وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شؤون البلاد، وقام هو بتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى، وانتهت بذلك فترة تولية نيابة الرئيس.

 ترشحه للرئاسة

أعلن سليمان في 6 أبريل ترشحه للرئاسة قبل يومين من غلق باب الترشيح، وفي 7 أبريل سحب أوراق ترشحه من اللجنة العليا للانتخابات، وقام بتقديم أوراق ترشحه قبل غلق باب التقديم بـ20 دقيقة، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات قررت في 14 أبريل استبعاده بعدما استبعدت أكثر من 3 آلاف من نماذج التأييد التي قدمها، ليصبح عددها الإجمالي 46 ألفًا وهو رقم أكبر من النصاب المحدد بـ30 ألفًا، وتبين للجنة أنه جمع هذه النماذج من 14 محافظة والمطلوب ألف تأييد على الأقل من 15 محافظة، ورفضت خوضه الانتخابات.

توفي سليمان في 19 يوليو 2012 في أمريكا أثناء تلقيه العلاج، وأشيع أنه تعرض لمحاولة اغتيال في مصر، والوحيد الذي أكد هذا هو أحمد أبوالغيط، كما نفى مؤسس الجيش السوري الحر، رياض الأسعد، ما نسبته مواقع إلكترونية حول مقتل عمر سليمان في تفجير مقر الأمن القومي بدمشق أثناء اجتماع ضم عددًا من كبار القادة الأمنيين السوريين، موضحا أن سليمان لم يكن موجودا في الاجتماع.

 

رحل سليمان -الذي يحلو للمزاج الشعبي وصفه بـ"الصندوق الأسود"- بعد إصابته بمرض في الرئة بأحد مستشفيات الولايات المتحدة، وفق ما ذكرته آنذاك وكالة الأنباء المصرية الرسمية، بوقت كانت فيه البلاد تشهد تحولا ديمقراطيا وسياسيا كبيرا بعد الثورة التي أطاحت بنظام مبارك بعد 3 عقود في السلطة.

وكما عاش غامضا يحمل أسرارا بلا نهاية، توفي الرجل في جو أكثر غموضا، حيث لا تزال طبيعة وفاته محل تساؤلات، ففيما أكدت القاهرة في 19 يوليو 2012 أنه توفي بصورة طبيعية بعد معاناة مع المرض، ذكرت تقارير صحفية وقائد عسكري سابق خدم مع سليمان، أنه قُتل في تفجير بالعاصمة السورية دمشق استهدف اجتماعا ضم سليمان مع عناصر مخابرات من عدة دول أخرى.

كان سليمان، حالة استثنائية من بين مدراء جهاز المخابرات العامة المصرية منذ تأسيسها عام 1954، حيث استمر الرجل قرابة 20 عاما في المنصب، في حين أن غالبية أسلافه لم يعمروا في الجهاز أكثر من 3 سنوات (المدة القانونية)، خلافا لصلاح نصر (مدير الجهاز في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر والذي استمر 10 سنوات في منصبه).

وارتبط سليمان -منذ صعوده إلى قمة إدارة المخابرات العامة- برعاية الملف الفلسطيني الإسرائيلي، كما كان الرئيس الانتقالي المحتمل لمصر بعد الثورة.

حادثة أديس أبابا

نال سليمان ثقة مبارك المطلقة، بعد أن نجا الأخير من محاولة اغتيال استهدفته خلال زيارة لإثيوبيا لحضور مؤتمر القمة الأفريقية عام 1995، حيث كان سليمان هو من أشار على مبارك أن يصطحب معه سيارة مصفحة، وكان معه داخل السيارة حين تعرضت للهجوم من قبل مسلحين، فأخفقت المحاولة ولمع نجم سليمان.

سليمان وسد النهضة

وبمناسبة قضية سد النهضة في إثيوبيا، فإن الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري نقل في كتابه "الصندوق الأسود عمر سليمان" عن سليمان قوله إن "مصر كانت ضد فكرة سد الألفية (النهضة) من الأساس"، وهو السد الذي تتخوف من تداعياته مصر على حصتها المائية من النيل الأزرق.

ووفق كتاب بكري فإن سليمان، أكد -في اجتماع (لم يوضح توقيته) بحضور مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق ميليس زيناوي- أنه "إذا أصرت إثيوبيا على بناء السد رغما عن مصر سنضطر إلى تفجيره ونحن جاهزون".