الأحد 08 سبتمبر 2024 الموافق 05 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

وسطي أم شيوعي؟.. المشرعون الفرنسيون الجدد يختارون رئيسا للبرلمان وسط استمرار الخلافات السياسية

الرئيس نيوز

سلط تقرير لأسوشيتد برس الضوء على نبأ إبقاء الجمعية الوطنية المنقسمة في فرنسا، أمس الخميس، على عضوة وسطية من حزب الرئيس إيمانويل ماكرون كرئيسة لها بعد انتخابات مبكرة فوضوية أسفرت عن برلمان معلق.

وتتولى رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه (53 عاما) رئاسة الجمعية الوطنية منذ عام 2022 واحتفظت بمنصبها الخميس بعد ثلاث جولات من التصويت في مجلس النواب بالبرلمان.

وقد حظيت بدعم حلفاء ماكرون الوسطيين وبعض المشرعين المحافظين الذين يسعون إلى منع منافسها اليساري من الحصول على المنصب وحصل براون بيفيت على 220 صوتا، بينما حصل النائب الشيوعي أندريه شاسين على 207 أصوات.

وأسفرت الانتخابات البرلمانية التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر عن انقسام بين ثلاث كتل سياسية رئيسية: ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، وحلفاء ماكرون الوسطيين، وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف. ولم يفز أي منهم بالأغلبية المطلقة.

وقالت براون بيفيت للمشرعين في خطاب ألقته بعد انتخابها رئيسة للبرلمان: "نحن بحاجة إلى الانسجام مع بعضنا البعض والتعاون"، مضيفة: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على البحث عن حلول وسط”. "ستجدونني دائمًا بجانبكم للقيام بذلك، وللتحاور معكم، والابتكار معكم، وإيجاد هذا المسار الجديد الذي يجب على الجمعية الوطنية أن تسلكه".

وجاءت الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب بالبرلمان، الخميس، بعد يومين من قبول ماكرون استقالة رئيس الوزراء غابرييل أتال ووزراء آخرين، لكنه طلب منهم التعامل مع الأمور بصفة تصريف أعمال حتى يتم تعيين حكومة جديدة، بينما تستعد فرنسا لاستضافة مؤتمر باريس. الألعاب الأولمبية نهاية الشهر الجاري.

وحث قادة الجبهة الشعبية الجديدة، مساء الخميس، ماكرون مرة أخرى على اللجوء إليهم لتشكيل الحكومة الجديدة، مصرين على فوزهم بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية ومع ذلك فإن أعضاء الائتلاف، الذي يضم حزب فرنسا الجامحة اليساري، والاشتراكيين، وحزب الخضر، والشيوعيين، ما زالوا يتنازعون فيما بينهم حول من يختارونه كمرشح لرئاسة الوزراء.

وانتقد أندريه تشاسيني، الذي كان المرشح المشترك للجبهة الشعبية الجديدة، ذهاب منصب رئيس البرلمان إلى الوسطيين التابعين لماكرون ووصفها بأنها تصويت "سرقه وسطا عليه تحالف غير طبيعي" وأضاف: "إنه يمنحنا المزيد من القوة" وحمّل تشاسيني الأعضاء المحافظين في حزب الجمهوريين مسؤولية المشاركة في "تكتيكات أدت إلى عدم تغيير أي شيء"، واصفا الخطوة بأنها "تثير الغثيان".

وفي حديثه من وودستوك بإنجلترا، حيث كان يحضر قمة لزعماء أوروبا، رفض ماكرون التعليق على الوضع السياسي الفرنسي ورفض تحديد متى ينوي تعيين رئيس وزراء جديد وأضاف: "لن أجيب على هذا السؤال".

وخاض سياسيون من الكتل الرئيسية الثلاث والأحزاب الصغيرة معركة على منصب رئيس البرلمان، حيث سعى كل معسكر إلى استعراض القوة على أمل أن يؤثر ذلك على قرار ماكرون.

ونظمت نقابات وناشطون يساريون احتجاجات الخميس في أنحاء البلاد "للضغط" على ماكرون لاختيار رئيس وزراء يأتي من الجبهة الشعبية الجديدة ولا يوجد جدول زمني محدد للوقت الذي يتعين فيه على الرئيس تسمية رئيس وزراء جديد.

ووفقًا لصحيفة لوفيجارو، رأى محللون فرنسيون أن احتدام المعركة حول منصب رئاسة الحكومة الفرنسية يقترب، وذلك بعد قبول استقالة  وتربص اليمين المتطرف، وانقسامات اليسار لاختيار مرشح توافقي وبينما أكد رئيس الوزراء المستقيل أنه سيقترح "عقد اجتماعات" على المجموعات السياسية الأخرى "للتحرك نحو ميثاق عمل" بهدف تشكيل حكومة جديدة، إلا أنه لن يكون رئيسًا للوزراء.

وقال الباحث السياسي الفرنسي، فريديريك ساويكي، إن المعسكر الرئاسي يجري مفاوضات مع اليمين لتشكيل حكومة ائتلافية مقبلة، الأمر الذي قد يحرم الجبهة الشعبية الجديدة لليسار، التي جاءت في المركز الأول في 7 يوليو، من مكانتها.

وأضاف أن اليسار لا يزال يبحث عن اسم، لكن مكونات الجبهة الشعبية الجديدة لليسار لم تتوصل بعد إلى اتفاق، وذلك بعد عشرة أيام من فوزها في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية.

انقسامات اليسار
أشار ساويكي إلى أنه يجب أن يتفق اليسار على ترشيح واحد، وعلى أن يكون حزب فرنسا المتمردة (يسار راديكالي) على استعداد لدعم شخص لا يأتي من صفوفهم. كما لفت الباحث السياسي  إلى أن هناك خمسة أسماء على الطاولة، وهي ممثلة عن الأحزاب الأربعة: بوريس فالود (الحزب الاشتراكي)، وسيريل شاتلان (حزب البيئة)، وأندريه تشاسيني (الحزب الشيوعي)، وماتيلد بانوت (حزب فرنسا المتمردة)، بالإضافة إلى اسم إريك كوكريل (حزب فرنسا المتمردة أيضًا) وأشار إلى أن من بين الأسماء المطروحة أيضًا، الشخصيات البارزة الاشتراكية، مثل: فرانسوا روفين، وألكسيس كوربيير، ويانيك جادوت، ورافائيل جلوكسمان، أو حتى زعيمة حزب البيئة مارين تونديلييه.

في المقابل، قال ستيفان جابوت، مستشار بلدية مدينة دامارتان أون جويل الفرنسية، وأحد نشطاء ائتلاف اليسار: "إن اليسار الفرنسي يتمتع بفرصة حكم فريدة، ربما هي الأولى منذ فترة طويلة، محذرًا من المخاطر السياسية على مستقبل الائتلافات حال عدم التوافق ودعا جابوت أحزاب اليسار إلى تجاوز الخلافات العميقة، حتى لا يتيحون فرصة لليمين التقليدي بالاستيلاء على المنصب أو حتى المتطرف المتربص بهم وعرقلة تصويتهم.

من جانبها، أدانت زعيمة حزب البيئة مارين تونديلييه انقسامات اليسار، قائلة "إن هناك حرب القيادة بين الحزب الاشتراكي وحزب فرنسا المتمردة"، موضحة أنه لم تعد هناك طاولة مفاوضات مع الشيوعيين وتابعت: "مرشح حزب فرنسا المتمردة يناسبنا،  ومرشح الحزب الاشتراكي يناسبنا، الشيوعي يناسبنا، البيئة يناسبنا، المجتمع المدني يناسبنا... كل شيء يناسبنا" وقالت تونديلييه:"أنا غاضبة أشعر بالاشمئزاز ولقد سئمت، معربة عن أسفها على المشهد الذي يقدمه اليسار للشعب الفرنسي وخاصة لأولئك الذين انتخبونا" وتابعت: "نحن نحول الأمل إلى غضب، وفرحنا تحول إلى عار"، مضيفة: "هذا اليسار يخجلني وناخبو اليسار يشعرون بخيبة أمل بسبب الانقسامات".

وبدوره، قال الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل على منصة "إكس"، إنه يؤيد تصويت نواب ائتلاف اليسار لتعيين الاسم الذي يرغبون في اقتراحه لمنصب رئيس الوزراء على ماكرون، لكن لا يزال هناك وقت".

المعسكر الرئاسي يبحث التحالف مع اليمين

بينما اقترح رئيس جماعة حزب الجمهوريين (يمين) لوران فوكييز "ميثاقًا تشريعيًّا" دون المشاركة في الحكومة، وهو ما نظر إليه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بشكل إيجابي، أكد غابرييل أتال مجددًا أنه يريد "العمل مع أشخاص من اليمين الجمهوري" كما هو الحال مع "الناس من اليسار الديمقراطي الاشتراكي".