ولاية النيل الأزرق السودانية بين مطرقة اللاجئين وسندان "الدعم السريع" (تقرير)
نقلت صحيفة دابونجا السودانية عن سكان بلدة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق السودانية، قولهم أن مدينتي الدمازين والرصيرص تشهدان تدفقًا مستمرًا للنازحين من ولاية سنار المجاورة ويرجع ذلك إلى تقدم قوات الدعم السريع في الأجزاء الشمالية من الرصيرص والدمازين وأدى موسم الأمطار إلى الحد من حركة البضائع على طول الطريق، وكانت الاتصالات محدودة، مما أثر بشدة على الأوضاع المعيشية للسكان.
وقال الناشط نادر من الله، من الدمازين لراديو دابونجا، إن الولاية تعيش الآن أسوأ أيامها نتيجة الحصار المفروض من الجنوب بسبب موسم الأمطار ومن الشمال بسبب توغل قوات الدعم السريع في سنار المجاورة مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان المدنيين. وبالتالي، أصبحت مدن المنطقة معزولة تمامًا، مما يمنع وصول البضائع والمنتجات النفطية والأسواق التي تشهد حاليًا ارتفاعًا في الأسعار وشحًا.
ولا يوجد بالولاية سوى طريق واحد لحركة ودخول البضائع وهو الطريق الوطني السريع كما لا توجد طرق تربط بين الولايتين المجاورتين لجنوب السودان وإثيوبيا، خاصة خلال موسم الأمطار، كما أعرب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن مخاوفه من أن تزايد القتال في شرق السودان قد يؤدي إلى قطع الطرق الرئيسية للمساعدات الإنسانية من بورتسودان.
وأضاف نادر: “الوضع في النيل الأزرق يتدهور من سيء إلى أسوأ، مع انقطاع شبكات الاتصالات لمدة 12 يومًا، مما أدى إلى العديد من المشكلات المتعلقة بالمعاملات المصرفية. وزاد مستوى الذعر مع عدم قدرة الناس على التواصل مع عائلاتهم في المنطقة” وأشار إلى أن خدمة الاتصال الوحيدة المتاحة هي مزود الإنترنت عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، لكن الوصول إليها صعب لأن الاتصال باهظ الثمن.
البيروقراطية والنهب ونقص الموارد عوامل تعيق المساعدات للسودانيين - تحذير أممي
وفي ذات السياق، أعلنت منظومة التصنيف الدولي لمراحل الأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة أن حوالي 755 ألف شخص يواجهون مستويات (كارثية) من الجوع في السودان، وهي أعلى المستويات المسجلة على الإطلاق وتواجه المنظمات التي تحاول الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة في السودان، أي ما يقرب من نصف السكان، عوائق شديدة بسبب التحديات البيروقراطية والأمنية.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن ثلاث شاحنات تابعة للأمم المتحدة تحمل إمدادات غذائية تعرضت للنهب على يد "مسلحين مجهولين" في منطقة الجبل الأحمر، على بعد حوالي 10 كيلومترات شرق زالنجي، عاصمة وسط دارفور وذكرت الصحيفة أن الإمدادات الغذائية التي كانت تحملها الشاحنات الثلاث “المنهوبة” كانت في طريقها إلى جبل مرة.
وتشهد المنطقة التي تسيطر عليها حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، تدفقًا للنازحين الفارين من القتال الدائر في الفاشر منذ مايو الماضي، إلى منطقتي الطويلة ونيرتتي على مشارف جبل مرة.
وذكرت مصادر إنسانية بوسط دارفور أن السلطة المدنية بالولاية كثفت جهودها الأمنية عقب الحادث للقبض على المجموعة المسلحة التي استولت على المواد الغذائية وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها. في مايو 2023، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، للصحفيين إن ست شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى دارفور قد نُهبت.
الجوع "الكارثي".
وفقًا لأحدث تقرير للتصنيف الدولي لمراحل الأمن الغذائي، فإن 755،000 شخص هم في أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 5 من التصنيف الدولي للأمن الغذائي: المجاعة) ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد الظروف الكارثية (المرحلة الخامسة) في السودان منذ إنشاء التصنيف المرحلي المتكامل في عام 2004. وتمتد الأزمة الحالية إلى جميع أنحاء البلاد، حيث وصلت مستويات الجوع الكارثية إلى العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، التي كانت ذات يوم سلة غذاء السودان.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن الوقت ينفد لتجنب المجاعة في دارفور، خاصة مع تصاعد القتال في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
ووسط تحذيرات الأمم المتحدة من وضع إنساني حرج، تستمر المساعدات في الوصول إلى المنطقة بشكل متقطع وبكميات غير كافية. قال مسؤول حكومي بمدينة الطينة بولاية شمال دارفور، إن قافلة مكونة من 35 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية وصلت مساء الجمعة الماضي إلى الحدود السودانية التشادية. وقال لراديو دبنقا إن المساعدات تتكون من مواد غذائية وأدوية متجهة إلى ثلاث ولايات بالمنطقة.
وأضاف أن الحكومة المحلية بشمال دارفور استلمت الشاحنات يوم السبت وبعد مراجعتها ستنتقل الإمدادات الغذائية إلى جنوب ووسط دارفور. وبحسب ما ورد ستتوجه شاحنتان تحملان أدوية متجهة إلى منظمة أطباء بلا حدود إلى شمال دارفور.
العقبات الإدارية
أصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بيانا أوضح فيه أن حركة تحرير السودان-فصيل عبد الواحد، التي تسيطر على أجزاء كبيرة من جبل مرة، نفذت إجراءات بيروقراطية وإدارية تشمل ضرورة تسجيل المنظمات الإنسانية للعمل في السودان، والحصول على تصاريح السفر، ودفع رسوم التسجيل. علاوة على ذلك، يجب أن تشارك حركة تحرير السودان - عبد الواحد في تعيين الموظفين والوفاء بمتطلبات الاتفاقية الفنية.
بالإضافة إلى ذلك، قامت الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، التي أنشأتها قوات الدعم السريع، بتنفيذ عقبات بيروقراطية وإدارية مماثلة، بما في ذلك الموافقة الإلزامية على تصاريح السفر للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات في غرب وجنوب ووسط وشرق دارفور.
وأعرب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن أسفه لأن "الاتجاه المتزايد للعوائق البيروقراطية والإدارية من جانب القوات المسلحة يؤثر على العمليات الإنسانية المخطط لها ويمكن أن يؤدي إلى إجراءات بيروقراطية مماثلة من جانب القوات المسلحة الأخرى في منطقتي دارفور وكردفان".
وترفض الحكومة السودانية في بورتسودان استخدام معبر أدري مع تشاد للمساعدات الإنسانية، متهمة قوات الدعم السريع بالسعي لاستغلاله لجلب أسلحة ومعدات عسكرية إلى مناطق سيطرتها.