كيف يحاول نتنياهو تفخيخ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
لا يزال أفق الانفراجه للأزمة الدائرة في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية الغاشمة مسدودًا، فبينما قال مصدر رفيع المستوى، إن مصر بذلت جهودًا كبيرة خلال الفترة الأخيرة لتحقيق تقدم في مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أنه لا يزال هناك نقاط عالقة تتجاوز ما سبق الاتفاق عليه مع الوسطاء، وتعوق تحقيق تقدم في المفاوضات. فيما أوضحت تقارير أن نتنياهو يصر على بقاء القوات الاحتلال في محور فلادلفيا المحازي لمصر وهو الأمر المرفوض جملة وتفصيًا من القاهرة.
وأوضح مصدر مصري رفيع أن أطرافًا إسرائيلية تعمل على بثّ شائعات حول ترتيبات أمنية جديدة مع مصر لمحاولة إخفاء إخفاقاتها بغزة.
وتصر مصر على موقفها الثابت والقائم على عدم فتح معبر رفح طالما بقيت السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني منه، محملة الجانب الإسرائيلي مسؤولية النتائج المترتبة على هذا الإغلاق، وتفاقم الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة.
وأظهرت تقارير، مطالب جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، المتطرف، بنيامين نتنياهو، تهدد مسار مفاوضات وقف الحرب في غزة، إذ أعلن مكتبه التمسك ببقاء الجيش في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الفاصل بين مصر وغزة، وذلك بخلاف ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية عن موافقة فريق التفاوض الإسرائيلي على "انسحاب جزئي" من المحور خلال محادثات تبادل الأسرى.
يأتي ذلك بعد تقرير نشرته وكالة أنباء "رويترز" عن إجراء مفاوضين إسرائيليين ومصريين محادثات بشأن نظام مراقبة إلكتروني على الحدود بين غزة ومصر بشكل يتيح سحب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا، قبل أن ينفي مكتب نتنياهو ومصدر مصري ذلك.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان صحافي، أن تقرير "رويترز" بشأن إمكانية الانسحاب من محور فيلادلفيا "كاذب تمامًا"، مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يصرّ على البقاء هناك (محور فيلادلفيا)، وأنه وجّه فرق التفاوض بهذا الأمر، وأوضح ذلك لممثلي الولايات المتحدة الأسبوع الجاري، وأطلع مجلس الوزراء على الأمر، مساء الخميس، بحسب البيان.
في المقابل، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر قالت إنها "ملمة" بتفاصيل المفاوضات إن بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي "لا يعكس المداولات الجارية في القاهرة والدوحة"، مضيفة أن تل أبيب "وافقت فعلًا على انسحاب جزئي من محور فيلادلفيا".
في سياق متصل، قال مسؤولون أمنيون مطلعون على المفاوضات، للقناة 12 الإسرائيلية، إن نتنياهو "أضاف مبادئ تتجاوز خطوط التفاهمات مع الوسطاء، وأهمها المطالبة بعدم السماح بعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة"، وتابع المسؤولون: "نحن في يومين حاسمين لنجاح الصفقة. إنها إما الآن، أو ربما لن تحدث لفترة طويلة، وربما لن تحدث أبدًا".
محور "نتساريم"
أضاف مسؤولون أمنيون أن مطالب نتنياهو ستُعقد استمرار المباحثات "في أفضل الأحوال"، وستكون مسمارًا يهدف إلى ثقب عجلات المفاوضات "في أسوأ الأحوال" بالإضافة إلى تعطيل قدرة إتمام صفقة.
أوضح مسؤولون أن إسرائيل تنازلت في ردها، 27 مايو الماضي، عن مطلب السيطرة على محور "نتساريم"، وهو طريق أنشأه الجيش الإسرائيلي لعزل شمال قطاع غزة عن جنوبه، ولفتوا إلى أن "المطالبة بمراقبة كل من يصعد إلى أعلى القطاع بمثابة تراجع عن تنازلنا في هذا الشأن".
وقلّل مسؤولون إسرائيليون من أهمية السيطرة على محور نتساريم، معتبرين أن "الجيش الإسرائيلي سيعرف كيف يتعامل مع الأمر حتى لو عاد مسلحون إلى الشمال، كما أن إيجاد حل للقضية مع الأميركيين ممكن"، وحذروا من أن "هذا المطلب سيمنع الصفقة".
نظام مراقبة إلكتروني
وزعمت وكالة “رويترز” عن مصدرين مصريين ومصدر ثالث مطلع، الجمعة، إن مفاوضين إسرائيليين ومصريين يجرون محادثات بشأن نظام مراقبة إلكتروني على الحدود بين قطاع غزة ومصر قد يتيح سحب القوات الإسرائيلية من المنطقة إذا تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
ومسألة بقاء القوات الإسرائيلية على الحدود هي إحدى القضايا التي تعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لأن حركة "حماس" ومصر، التي تتوسط في المحادثات، تعارضان إبقاء إسرائيل لقواتها هناك.
ووفق الوكالة فإن نظام المراقبة، إذا اتفقت الأطراف المشاركة في المفاوضات على تفاصيله، قد يمهد الطريق أمام اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لم تتخذ قرارًا بعد بشأن السيطرة العسكرية على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، والمعروف باسم "محور فيلادلفيا".
وقال المصدر المطلع، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن المناقشات تدور "في المقام الأول حول أجهزة استشعار سيتم وضعها على الجانب المصري من محور فيلادلفيا".
وأضاف: "من الواضح أن الفكرة هي رصد الأنفاق، واكتشاف أي طرق أخرى قد يحاولون بها تهريب الأسلحة أو الأفراد إلى غزة. ومن الواضح أن هذا سيكون عنصرًا مهمًا في الاتفاق بشأن المحتجزين".
وردًا على سؤال عما إذا كان لهذا الأمر أهمية بالنسبة لاتفاق وقف إطلاق النار لأنه يعني أنه لن يكون من الضروري وجود جنود إسرائيليين في ممر فيلادلفيا، قال المصدر "صحيح".
وقال المصدران الأمنيان المصريان، اللذان تحدثا أيضًا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن المفاوضين الإسرائيليين تحدثوا عن نظام مراقبة عالي التقنية.
وأضافا أن مصر لا تعارض ذلك، إذا دعمته الولايات المتحدة وتحملت تكلفته، إلا أنهما استدركا: "مع ذلك لن توافق مصر على أي شيء من شأنه تغيير الترتيبات على حدودها مع إسرائيل المنصوص عليها في معاهدة السلام بينهما".