الثلاثاء 02 يوليه 2024 الموافق 26 ذو الحجة 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تحليل| سد النهضة الإثيوبي.. الطموحات الاقتصادية والتحدي الدبلوماسي الإقليمي

الرئيس نيوز

أكد تحليل نشرته صحيفة "إندرتاسترا" المعنية بالشؤون الجيوسياسية أن المواجهة الدبلوماسية بشأن سد النهضة في إثيوبيا تهدد الاستقرار الإقليمي

وفي قلب شرق أفريقيا، يقف السد الإثيوبي الطموح كرمز للتقدم على المستوى الوطني وكرمز الجدل على المستوى الإقليمي، ويلقي بظلال ثقيلة على الجغرافيا السياسية لحوض نهر النيل.

ووفقًا للتحليل؛ يشمل مشروع الطاقة الكهرومائية الذي تبلغ قيمته 5 مليارات دولار على النيل الأزرق وعودًا بإحداث ثورة في مشهد الطاقة في إثيوبيا، حيث يوفر أكثر من 5000 ميجاوات من الكهرباء المتجددة عند اكتماله كما يمثل سد النهضة حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية لدولة تسعى إلى التصنيع وتحسين مستويات المعيشة.

الإشكالية الإقليمية

تنظر مصر والسودان إلى السد بخوف متزايد وتخشى مصر، التي تعتمد بشكل كبير على نهر النيل في تدبير 95% من احتياجاتها من المياه العذبة، من حدوث اضطرابات محتملة في قطاعها الزراعي وإمدادات المياه المحلية ويرى السودان، الواقع بين البلدين ويواجه صراعًا داخليًا، فرصًا ومخاطر مرتبطة بالسد. وفي حين يعترف السودان بالفوائد المحتملة مثل السيطرة على الفيضانات وتعزيز تنظيم المياه، فإن السودان يشعر بالقلق بنفس القدر بشأن أمنه المائي وسلامة مشاريعه الزراعية.

السياق التاريخي والمأزق الحالي

كان نهر النيل، وهو شريان الحياة للملايين في جميع أنحاء المنطقة، محكومًا منذ فترة طويلة بمعاهدات تخفظ الحقوق المائية لكل من مصر والسودان في المقام الأول ويمثل بناء سد النهضة خطوة إثيوبيا لتسخير مواردها الطبيعية لتحقيق النمو الاقتصادي، مما يمثل تحديًا للوضع الراهن لتخصيص مياه النيل.

كانت المفاوضات للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن ملء السد وتشغيله محفوفة بالانتكاسات وانهارت المحادثات مرارًا وتكرارًا وسط خلافات حول ضمانات تدفق المياه وبروتوكولات التشغيل وتُصر مصر على التزامات صارمة لحماية حقوقها المائية، في حين واصلت إثيوبيا، على الرغم من تأكيداتها بالتعاون، عمليات ملء السد، مستشهدة بضروراتها التنموية.

المخاوف الفنية والبيئية

ومع سعة خزان تعادل تلك الموجودة في هيوستن، تكساس، بدأ سد النهضة بالفعل في تخزين المياه، مما يمثل علامة بارزة في قدرات إنتاج الطاقة وتعد قدرة السد على مضاعفة إنتاج الكهرباء في إثيوبيا هائلة، وتبشر بتحويل اقتصاد البلاد من خلال توفير إمدادات طاقة موثوقة للملايين وهذا الإنتاج المتزايد للطاقة يمكن أن يضع إثيوبيا أيضًا كلاعب رئيسي في تجارة الطاقة الإقليمية، مما يعزز النمو الاقتصادي ويعزز دورها داخل شبكة الطاقة الأفريقية.

ومع ذلك، فإن هذه الخطط الطموحة تأتي مع تحديات لا يمكن تجاهلها، ملحوظة. إذا لم يتم التعامل مع إدارة مياه سد النهضة بشكل تعاوني بين دول حوض النيل، فهناك مخاوف مستمرة بشأن تأثيرات المصب على توافر المياه، خاصة خلال مواسم الجفاف.

ومن الممكن أن تؤثر مثل هذه القضايا على الزراعة وإمدادات مياه الشرب في دول مثل السودان ومصر، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التداعيات البيئية للسد، مثل التغيرات في تدفق الرواسب والنظم البيئية، وتشكل مخاطر كبيرة.

وقالت الصحيفة إن تحقيق التوازن بين فوائد زيادة إنتاج الطاقة مع هذه التحديات البيئية والجيوسياسية سيكون أمرًا حاسمًا لنجاح واستدامة سد النهضة على المدى الطويل.

الدبلوماسية الإقليمية وآفاق المستقبل

لا تزال التوترات مرتفعة حيث يبدو أن السبل الدبلوماسية قد استنفدت، مع عدم وجود جدول زمني لإجراء محادثات مستقبلية في الوقت الحالي. ويؤدي عدم وجود حوار بين الأطراف المعنية إلى تفاقم الوضع، مما يترك القضايا دون حل لتتفاقم. ويجد السودان، الغارق في صراع داخلي، نفسه غير قادر على المشاركة الكاملة في المفاوضات. إن الصراع المستمر داخل حدوده لا يعيق قدرة السودان على المشاركة بفعالية في المناقشات فحسب، بل يضع أيضًا ضغطًا إضافيًا على موارده وحوكمته وتمنع هذه الاضطرابات الداخلية السودان من لعب دور محوري في التوصل إلى توافق أو التوسط بين الأطراف الأكثر معارضة.

وفي الوقت نفسه، ألمحت مصر إلى دراسة كافة الخيارات لحماية مصالحها الوطنية، بما في ذلك إمكانية العمل العسكري وقد قوبل هذا الموقف بالتشكيك بسبب العواقب الإنسانية والبيئية الوخيمة التي قد تنشأ عن المواجهة العسكرية. وتمتد آثار العمل العسكري إلى ما هو أبعد من الصراع المباشر، مما يشكل مخاطر على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية.