الأحد 08 سبتمبر 2024 الموافق 05 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

يوراسيا ريفيو: النكسات الإسرائيلية تدعم حركة حماس (تفاصيل)

الرئيس نيوز

غالبًا ما يفتخر قادة جيش الاحتلال بانتصارات وهمية في أعقاب ما يخلفه القصف الذي تنفذه قوات الاحتلال من النيران والغبار، والفوضى وتدمير الشجر والبشر، ولكن هذه الحروب الانتقامية تفشل في تحقيق أي مكاسب سياسية، وقد غيرت الحرب الدائرة في غزة هذا النموذج فأصبحت الحكومة الإسرائيلية خالية الوفاض في هذه المرة، فهي لم تحقق أي نصر عسكري أو سياسي.

ومن أجل صب الزيت على النار، تخلت الحكومة الإسرائيلية عن فكرة مفادها أن القوة الناعمة لا تقل أهمية عن القوة الغاشمة، على غرار مقولة الباحث جوزيف ناي، الذي حذر مؤخرا من أن "تجاهل أو إهمال القوة الناعمة يشكل خطأ استراتيجيا وتحليليا" وأشار ناي إلى أنه "على المدى القصير، تعتبر الأسلحة أقوى من الكلمات، ولكن على المدى الطويل، فإن الكلمات هي التي تقود الأسلحة وتكون في المقدمة دائمًا"، وفقًا لتحليل لموقع يورآسيا ريفيو.

ويرى التحليل أن الحكومة الإسرائيلية تتجاهل نصائح القوة الناعمة وتتوغل بدلًا من ذلك في استخدام القوة الغاشمة، ونتيجة لذلك، تخسر إسرائيل حربين في غزة، فهي تخسر الحرب عسكريًا وتضاعف عزلتها والنفور منها في معركة القلوب والعقول وبات كل ما تحتاج حماس إلى فعله لإعلان النصر هو البقاء على قيد الحياة.

وكرّست إسرائيل جهودها في اتجاه هذه النكسات لأنها تتجاهل أن هذا المفهوم الذي ينطبق على أغلب الجهات الفاعلة غير الحكومية وحركات المقاومة الوطنية التي تقاتل عبر العالم ضد قوات عسكرية تقليدية، من خلال إصرارها على أنها سوف تدمر حماس عسكريًا وسياسيًا.

ويرجح التحليل أن مشكلة إسرائيل تكمن في أن حماس سوف تتمكن من البقاء حتى لو تمت تصفية يحيى السنوار، فقد تمكن السنوار، وهو أكثر المطلوبين في إسرائيل، من الهروب من القوات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي كما فشلت إسرائيل أيضًا في تحقيق أهدافها الحربية الأخرى ـ بما في ذلك إنقاذ الرهائن الذين تحتجزهم حماس وضمان ألا تظل غزة نقطة انطلاق للمقاومة الفلسطينية.

في نهاية هذا الأسبوع، قتل الفلسطينيون 10 من جنود جيش الاحتلال وهو أعلى عدد من القتلى في يوم واحد منذ يناير، في حين اعترف المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي دانييل هاجاري بأن إسرائيل لن تكون قادرة على إنقاذ جميع الرهائن الـ 116 المتبقين عسكريًا، والذين يعتقد أن 41 منهم قتلوا في الأسر خلال الحرب وأوضح هاجاري: “لن نتمكن من إعادة الجميع إلى منازلهم بهذه الطريقة”.

وفي المعركة من أجل كسب القلوب والعقول، لم تهدر إسرائيل أي وقت في تدمير التعاطف الأولي في أعقاب السابع من أكتوبر، لذا فإن الهزيمة التي ألحقتها إسرائيل بنفسها في حرب كسب القلوب والعقول قد تكون أكثر أهمية من عجزها عن سحق حماس في ساحة المعركة على الرغم من الضربات الجسدية القاسية التي تتلقاها الحركة.

وفي غضون أشهر قليلة، تحولت إسرائيل من القدرة على المطالبة بأرضية أخلاقية سامية إلى دولة وجهت إليها محكمة العدل الدولية اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية، ويخاطر قادتها بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقهم في جرائم حرب مزعومة.

الفوز في حرب القلوب والعقول كان من الممكن أن يشكل معركة شاقة مهما كانت الظروف، نظرًا لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا على يد القوات الإسرائيلية والدمار المادي الذي لحق بالبنية التحتية في غزة، ناهيك عن تصعيد القمع الإسرائيلي في الضفة الغربية والتأييد الضمني لهجمات المستوطنين الأهلية على الفلسطينيين وقوافل المساعدات في طريقها إلى غزة.

ويبدو أن الدولة اليهودية عازمة على ضمان إنهاء الحرب باعتبارها منبوذة في معظم أنحاء العالم من خلال عرقلة التدفق غير المقيد للإغاثة الإنسانية اللازمة لمعالجة عواقب تقليصها للطعام والوقود والمياه والكهرباء وتدمير القطاع الصحي في غزة.

ومما زاد الطين بلة أن الاحتلال لم يظهر أي تعاطف مع محنة الفلسطينيين الأبرياء، ولم يعترف بأن الفلسطينيين يتمتعون بحقوقهم أيضًا وبدلًا من ذلك، أصدر القادة الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا بيانات إبادة جماعية وعرقلوا الجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار ومن المؤكد أن حماس أبدت قدرًا مماثلًا من عدم الحساسية، ولكن هذا لم يكن له أي تأثير على مكانة إسرائيل العالمية.

إن إدانة إسرائيل للاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحرب في جميع أنحاء العالم باعتبارها معادية للسامية، ورفض استطلاعات الرأي العام التي تظهر أن الرأي العام الغربي ينقلب ضد إسرائيل، لم يؤدي إلا إلى تعميق الحفرة التي تجد إسرائيل نفسها فيها وهي بلا شك حفرة ستجد إسرائيل صعوبة في الخروج منها.

والأسوأ من ذلك أن سلوك إسرائيل في حرب غزة وموقفها المتناقض في العلاقات العامة، مثل سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية وغير ذلك من السياسات، كان سببًا في تصلب المواقف على جانبي الانقسام، الأمر الذي يجعل التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أمرًا بعيد المنال.