صلاة العيد وسط الأنقاض.. صورة تلخص معاناة غزة
مر أول أيام عيد الأضحى على سكان غزة كعطلة كئيبة أخرى، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز، وسط الحرب الانتقامية التي تشنها قوات الاحتلال وعادة ما يتضمن العيد ذبح الأضحية من أجل الطعام للأحباء والأصدقاء والمحتاجين، لكن الكثيرين في غزة يعانون من الجوع مع استمرار القصف الشرس، وتضمن تقرير التايمز صورة لمجموعة كبيرة من الرجال والصبية راكعين في صلاة العيد في فناء مليء بالركام والأنقاض، وهي صورة أبلغ من ألف مقال، وحسب التايمز، التقطت الصورة في باحة المسجد العمري بمدينة غزة، والذي تعرض لأضرار جسيمة في الحرب بعد ثمانية أشهر من الحرب المدمرة.
ويشيع، في عيد الأضحى، ذبح الغنم أو الماعز أو الأبقار على سنة النبي إبراهيم ولكن هذا العام، أصبح كل سكان غزة تقريبًا من المحتاجين ويسيطر الجوع على الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي شنت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما عسكريا مستمرا لمدة ثمانية أشهر على القطاع وفرضت قيودا شديدة على ما يسمح بدخوله، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، لدرجة أن كثيرين من سكان غزة لا يشعرون برغبة في الاحتفال.
وقالت زينة كموني، التي كانت تعيش مع عائلتها في خيمة على مساحة رملية من الأرض جنوب غزة تسمى المواصي: "لن يكون هناك أي عيد، ولا أي أجواء عيد ولم آكل أي لحم منذ خمسة أشهر"، وأضافت: “سيكون يومًا مثل أي يوم آخر، تمامًا مثلما قضينا عيد الفطر”، الذي احتفل به سكان غزة قبل أكثر من شهرين في ظل نفس الظروف.
ومنذ أن بدأت الحرب في 7 أكتوبر، عانى سكان غزة من القصف المنتظم المكثف والحرمان وقد استشهد منهم أكثر من 37،000 ووسط استمرار القيود على وصول المساعدات الإنسانية، لا يزال السكان في غزة يواجهون مستويات يائسة من الجوع"، وفقًا لوكالة الأونروا، ذراع الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، على وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفة أن أكثر من 50 ألف طفل يحتاجون إلى علاج من سوء التغذية الحاد.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، وقفا يوميًا للعمليات العسكرية قرب معبر حدودي بجنوب قطاع غزة من أجل السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع، رغم أنه لم يتضح على الفور ما إذا كان سيتم إدخال المزيد من الإمدادات وفقًا للتحذير الصادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي، شهد جنوب غزة مستويات الجوع الكارثية التي كان يعاني منها سابقًا سكان غزة في شمال القطاع وتشبث العديد من سكان غزة بالأمل وسط تقارير عن المفاوضات واتفاقات وقف إطلاق النار المقترحة بين إسرائيل وحماس.
ولكن مرور كل عطلة - بما في ذلك عيد الميلاد وعيد الفصح بالنسبة للسكان المسيحيين بأعداد صغيرة في غزة - هو تذكير بمدى ما تمثله هذه الحرب من مأساة مستمرة.
وفي السنوات الماضية، تمكن عدنان عبد العزيز (53 عاما) من سكان مدينة دير البلح وسط غزة، من شراء خروف وذبحه في العيد وفي صباح يوم العيد، كان هو وعائلته يتناولون كبد لحم الضأن على الإفطار، وعلى الغداء أعدوا طبقًا فلسطينيًا تقليديًا باللحم ووزعوا باقي لحوم الأضحية على العائلة والأصدقاء والمحتاجين.
والآن، وبسبب انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار في الأسواق، اضطر عبد العزيز إلى شراء المواد الغذائية يوميا، اعتمادا على ما هو متاح وما يستطيع تحمله وأضاف أن العيد ليس الشيء الوحيد الذي سيفتقده هذا العام وقال: "هناك الزيارات والتجمعات العائلية، وإعطاء العيدية للأطفال، وشراء ملابس جديدة للجميع، وصنع الحلويات، وصلاة العيد... لا شيء من هذا ممكن التنفيذ هذا العام والجميع قد أصابهم الحزن وقد فقدوا شخصًا ما أو شيئًا ما".
أما قصة آية علي عدوان، 26 عامًا، فتتلخص في خطبتها قبل بدء الحرب. وتم تأجيل حفل زفافها، الذي كان مقررا في فبراير وتعطل زواجها بسبب استمرار الصراع وهي في الأصل من شمال غزة، ثم اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار ثماني مرات خلال الحرب وهم الآن يحتمون في خيمة ضيقة في دير البلح، حيث تقترب الحرارة من 95 درجة فهرنهايت، مما يجعل الخيمة ساخنة بشكل لا يطاق.
وقالت: "لقد تحطمت معنوياتي وكان يجب الآن أن ننشغل بالتحضيرات للعيد، كخبز البسكويت، وبالأعمال المعتادة مثل تنظيف المنزل وشراء الملابس، كأي عائلة فلسطينية قبل العيد ولكن هذا العام لا يوجد شيء من ذلك، وننشغل بالبقاء على قيد الحياة بالكاد" وأضافت أن العديد من أقاربهم الذين كانوا يزورون منازلهم خلال العيد استشهدوا في الحرب، وأردفت: "في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي نحتاجه هو الشعور بالأمان، على الرغم من افتقارنا إلى كل شيء.. نعم: الشيء الوحيد الذي نحتاجه هو أن تتوقف الحرب وأن نعود إلى منازلنا".