حوار| حسن الصادي: السعر الحالي للدولار "مصطنع" والجنيه سيتعرض لمزيد من الضغوط
- الدولة غير مهيئة لتطبيق الدعم النقدي
- أتوقع تحريكا جديدا لسعر الصرف خلال 6 أشهر
- لا بد من العمل على تقنين الاقتصاد غير الرسمي قبل التحول للدعم النقدي
- علينا أن نسرع في الإنتاج لسد الحاجة المحلية ثم نبحث عن التصدير
- فك الارتباط بالدولار يكون من خلال الاعتماد على المقومات الذاتية
- لدينا إفراط في التوجه نحو مشروعات تبيع منتجات مستوردة مما يضغط على الدولار
- علينا التحول إلى قطاعات تقلل الواردات وترفع الصادرات تدريجيا
- دعم القطاعات الإنتاجية والتسويقية للمنتج المحلي سيحسن المنظومة الاقتصادية
تحدث الدكتور حسن الصادي، أستاذ اقتصاديات التمويل في جامعة القاهرة، عن جدوى خطوة التحول إلى الدعم النقدي بديلا من الدعم العيني (السلعي) باعتباره الأكثر مراقبة، ومدى ملاءمتها للمرحلة الحالية، في ظل ارتفاع التضخم، وبعد قرارات تحريك سعر الصرف.
وقال الصادي في حواره مع "الرئيس نيوز"، إنه يرى أن الجنيه المصري سيتعرض لمزيد من الضغوط، بسبب استمرار الضغط عليه باستيراد السلع الأساسية، وفي الوقت نفسه تزيد قوة الدولار عالميا..
وإلى نص الحوار..
- هل الوقت الحالي ملائم للتحول إلى الدعم النقدي؟
الوقت الحالي صعب، إذ تخصص الحكومة 636 مليار جنيه للدعم الذي يغطي نحو 64 مليون مواطن تقريبا، يحصل عليها في صورة سلع، ولكن الفترة الحالية المنظومة التي تسمح بتطبيق الدعم النقدي غير مكتملة، لذا؛ فإن الحكومة غير مهيأة لعملية التطبيق.
- ماذا نحتاج لتطبيق الدعم النقدي؟
إذا افترضنا أن الدولة ستمنح الأسرة 5000 جنيه دعما نقديا دون تنظيم واضح للاقتصاد غير الرسمي، إذا سيحصل المواطن على الدعم وسينفقه في مصارف غير مرئية للدولة وغير مراقبة ولا تسدد ضرائب، لذا؛ فإنه أولا يجب العمل على تقنين الاقتصاد غير الرسمي من خلال ربطه بمنظومة الدعم، بحيث لا يمكن أن تصرف تلك الأموال إلا في محال رسمية تسدد ضرائبها ولديها سجلات تجارية وضريبية وتشتري مشترياتها بالكارت وتبيع بالكارت، ما يعني أن المنظومة ستكون محفزة لضم أكبر قدرا من المنظومات غير الرسمية، وبالتالي ستكون الدولة قادرة على الرقابة وتحقق عوائد تمكنها من زيادة هذا الدعم فيما بعد.
- ما خطوة عدم الانتهاء من ضم الاقتصاد غير الرسمي قبيل التنفيذ؟
لدينا منظومات عشوائية، مثل عربات بيع الفول والبوابين وغيرهم، الذين يحققون دخلا شهريا مرتفعا، البعض يحقق 30 ألف جنيه، وآخرين 150 ألفا شهريا، بسبب تعدد مصادر الدخل، وعدم وجود منظومة رسمية يتبعونها، لذا؛ فإن تلك الظواهر ستزيد مع توافر سيولة لدى المواطنين، وأرى أنها فرصة كبيرة، إذ حاولت الحكومة من قبل ضم الاقتصاد غير الرسمي، ولكن حاليا سيكون حافزا كبيرا لتقنين أوضاعهم.
- إذا كان الأمر كذلك؛ لماذا لا تسرع الحكومة في التطبيق؟
منذ اليوم الأول لإعلان هذا الاتجاه وأنا أرى أن هناك ثمة اتفاق مع صندوق النقد الدولي، و-بالفعل- وافق الصندوق قبل أيام على صرف الشريحة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار، ولكني أرى أنه يجب وضع نظام قبل رفع الدعم، وكذلك قبل التسرع برفع دعم الخبز، إذ لا نملك رقابة على الخبز السياحي وأصبح كل مخبز يبيع أقل من الوزن وبسعر مختلف.
- كيف ترى وضع الجنيه المصري الفترة المقبلة؟
أرى أن الجنيه سيتعرض لمزيد من الضغوط، بسبب استمرار الضغط عليه باستيراد السلع الأساسية، وفي الوقت نفسه تزيد قوة الدولار عالميا، لذا؛ فإن الوصول لسعر متوازن عادل يعني قدرتك على التحكم في الفرق بين العرض والطلب، وإذا كان من الصعب تقليل الطلب في ظل الحاجة لاستيراد سلع أساسية، وكذلك العرض الدولاري محسوب، إذًا فإن قدرة الدولار وسرعته أعلى من قوة الجنيه.
- وما الحل؟
أرى أن مصر ستتجه لتحريك جديد لسعر الصرف في غضون 6 أشهر، وأرى أن السعر الحالي هو سعر مصطنع متأثر بالتدفقات الدولارية الحالية.
- لكن هذا سيضيف أعباء جديدة، ما المخرج من وجهة نظركم؟
أرى أن مصر لديها إمكانيات ومقومات ضخمة تناسب المرحلة، ويجب أن نطبق المثل "على قد لحافك مد رجليك"، بمعنى أن نتعامل مع ما نملكه دون أحلام كبيرة، كأن نصل بحجم صادرات ضخم، فالأولى أن نسرع في الإنتاج من أجل الاستهلاك المحلي وعندما نسد الحاجة المحلية والمنتج يكتسب جودة وقدرة على المنافسة عالميا نبحث التصدير، كما يجب أن نواجه أزماتنا بالعلم.
- كيف يتم ذلك؟
لدينا أبحاث كثيرة، مثل الطب البديل، وهو تصنيع المواد الفعالة الخاصة بالدواء، والتي تكلف خزانة الدولة 2 إلى 3 مليارات دولار قيمة استيرادها من الخارج، وكذلك الأبحاث الخاصة بزراعة القمح بالماء المالح، والموجودة في مصر وطبقتها بعض الدول المجاورة، وزرعت -بالفعل- القمح على مياه البحر المتوسط، وغيرها من الإجراءات التي يمكن من خلالها فك الارتباط بالدولار والاعتماد على المقومات الذاتية ستقلل الضغط، ونخرج الجنيه من السباق مع الدولار المتسارع، وبالتالي أخلق فرص عمل للمواطن تساعده على تحمل غلاء المعيشة.
- هل نحتاج تغيير في التوجه الاقتصادي؟
ما حدث -بالفعل- هو الإفراط في التوجه نحو الاستهلاك والسلاسل التجارية ومشروعات تعزز ذلك وتبيع منتجات مستوردة الأمر الذي يضغط على الدولار والحل هو التحول إلى قطاعات تقلل الواردات وترفع الصادرات تدريجيا ودعم القطاعات الإنتاجية والتسويقية للمنتج المحلي مما سيحسن المنظومة الاقتصادية بشكل كبير.