الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

طفل فلسطيني: أنا آمن الآن في مصر لكني مثقل بالصدمات

الرئيس نيوز

سأتعافى أنا وعائلتي، وشعبي تمامًا من كل ما مررنا به في غزة، بهذا الإصرار نقلت المترجمة والصحفية الفلسطينية رانيا أبو طعيمة من القاهرة أقوال أطفال فلسطين الذين واجهوا الموت عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، ويقول أحدهم، عبر موقع الانتفاضة الإلكترونية الناطق بالإنجليزية:

"على الرغم من أنني هربت الآن إلى مصر، فمن الصعب أن أتخيل كم من الوقت سأظل مقيدًا بأغلال الصدمة، والعباءة الثقيلة التي أرتديها أنا وأقراني من الاكتئاب، وقبضة الصمت التي لا هوادة فيها، وشبح الخوف الذي يطاردني، وارتعاش روحي الدائم.

وأضاف طفل آخر: "ظل القلق والتوتر يطاردني باستمرار منذ 7 أكتوبر وأصبحت أجيد التحدث عن حتمية الموت وأعلم أنني لست وحدي مع مخاوفي".

وفي 19 إبريل، أعربت الجمعية الأمريكية للطب النفسي عن انزعاجها إزاء العواقب النفسية والسلوكية التي ستؤثر على الأشخاص الذين وقعوا في براثن أعمال العنف منذ 7 أكتوبر وقالت الجمعية في بيان مهم: "تسلط هذه الأزمة الضوء على الاحتياجات الملحة لعالمنا المترابط ويجب أن ننتقل من الألم والصراع إلى فهم أعمق وتعاطف وحسن نية”.

ونقلت الصحفية الفلسطينية عن أطفال غزة قولهم: "كان ذلك أثناء نزوحنا الأولي من منزلنا إلى منزل عمتي عندما بدأت أشعر بعدم الارتياح والقلق يحيط بي وفي أول ليلة لي هناك، وجدت صعوبة في النوم. طنت أضع رأسي على الوسادة غير المألوفة والسرير الصلب البارد، محاطًا بالظلام ولم تكن هناك كهرباء، ولم يكن هناك ضوء، ولا أمل".

وتابع: "غفوت، ولكنني استيقظت على أصوات القصف والطائرات الحربية الإسرائيلية تحلق فوقنا. لم أتمكن من تحديد ما كان يحدث لأنه لم يكن هناك وصول ثابت إلى الإنترنت لتتبع الأخبار وأصبح الوضع أكثر تعقيدا. بدأنا نتلقى رسائل تحذرنا من إخلاء المنطقة. تساءلنا إلى أين، حيث كانت الطائرات بدون طيار تراقب حركتنا باستمرار طوال الليل.

وأعقب ذلك نزوح آخر إلى ملجأ آخر في خان يونس. كنت أشتاق إلى الوطن، لكن الأفكار كانت تدور بلا هوادة: هل سنجد الأمان هذه المرة؟ كيف سنتنقل في المدينة وسط كل التفجيرات؟ كيف يمكننا البقاء على قيد الحياة للوصول إلى بر الأمان؟ لكن الحقيقة المؤلمة هي أن الوصول إلى وجهتنا لم يقدم أي ضمان للتمتع بالأمان، فقد اجتاحني الخوف في البداية في هذا الملجأ غير المألوف: تومض الأضواء، لكنها لم تكن التوهج المهدئ الذي اعتدت عليه؛ وبينما تردد صدى وهج الصاروخ الأصفر وتحطمه المدوي في جميع أنحاء المدينة، جعل الكثير منا يشعر كما لو كنا على وشك الموت من الرعب مرتين".

مؤشرات الصدمة

ولففت الصحفية الفلسطينية إلى أنه من الصعب تجاهل التوتر المصاحب للخوف المستمر من الغارات الجوية المفاجئة. يتم تحفيزه من خلال أدنى الأصوات، مثل تحريك الكرسي، أو صرير النافذة، أو طرق الباب، أو صوت محركات السيارة.

ويعاني أطفال غزة الآن من أجل التواصل مع من حولهم، فهم في الغالب غير قادرين على تحمل أن يتحدث شخص ما لأكثر من خمس دقائق، وفقد معظمهم القدرة على الاستماع بصبر لأحبائهم والمشاركة في محادثات مطولة وتحولت أرواحهم إلى أشخاص لا يمكن التعرف عليهم - شخصيات متصلبة، لا تعبر عن أي مشاعر ونتيجة لذلك، ينجذب الغالبية نحو العزلة.

وعندما وصل بعض الأطفال إلى مصر بعد شهرين من الإبادة الجماعية، بدأت معظم مشاعرهم تستعيد مساحتها وهدوءها، فلم يكن هناك أي قصف أو تفجيرات، لكن فجأة اجتاحتهم موجات من الدموع غير المتوقعة والبكاء الحار ولا يوجد تفسير واضح لهذه الدموع، لكنها ناتجة عن ذروة التجارب التي مررت بها والتي لم يتمكنوا مطلقًا من معالجتها بشكل صحيح.