الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

دلالات انضمام إسبانيا ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية في غزة

الرئيس نيوز

في خطوة مهمة للغاية، أعلنت إسبانيا، الخميس، على لسان وزير خارجيتها، خوسيه مانويل ألباريس، أن مدريد قد قررت الانضمام إلى دولة جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مما يثير تساؤلات عن مغزى التوقيت وأهمية انضمام دولة أوروبية ثانية لاتهام إسرائيل بـ"أعمال إبادة جماعية" في قطاع غزة الفلسطيني، وفقًا لصحيفة ماركا الإسبانية.

وأعلن ألباريس أن هذا القرار يأتي نتيجة لاستمرار العملية العسكرية في قطاع غزة وتصاعد الصراع الإقليمي. بالإضافة إلى السعي لعودة السلام إلى المنطقة، وتأتي هذه الخطوة انطلاقًا من الالتزام بالقانون الدولي. 

يُذكر أن جنوب إفريقيا قد قدمت طلبًا رسميًا إلى المحكمة الدولية في ديسمبر 2023 يتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة. 

إسبانيا ستكون ثاني دولة أوروبية تنضم لهذه القضية بعد أيرلندا.

ويأتي القرار الإسباني في ظل توتر علاقات مدريد الدبلوماسية مع إسرائيل خلال الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية، وهي الخطوة التي لاقت تنديدا من المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتبروها "مكافأة للإرهاب".

وقال ألباريس في مؤتمر صحفي، إن بلاده قدمت طلبا للمحكمة للانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا، بعد دراسة هذا التوجه خلال الأسابيع الماضية.

وأشار إلى أن إسبانيا اتخذت هذا القرار لهدف مزدوج، "عودة السلام إلى الشرق الأوسط والتزامها بالقانون الدولي"، مضيفا: “ندعو مرة أخرى إلى وقف القصف ووقف إطلاق النار في غزة”.

وفي هذا الصدد قال أحد خبراء القانون الدولي لموقع صحيفة تورنتو ستار الكندي: "حين قامت إسرائيل بانتهاك الاتفاقية القنصلية الإسبانية الإسرائيلية، وحرمت الفلسطينيين من خدمات القنصلية الإسبانية لم يدر بخلد إسرائيل أن مدريد سترد لها الصاع صاعين في لاهاي" وكانت جنوب أفريقيا قد رفعت دعوى ضد إسرائيل، في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي أمام محكمة العدل الدولية على خلفية اتهامها بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" ضد المدنيين في قطاع غزة.

وقد انضمت العديد من الدول لاحقا لتلك الدعوى حيث أضحت إسبانيا ثاني دولة أوروبية تحلق بركب تلك القضية التي سبق أن انضمت لها أيرلندا، حسب وكالة رويترز وقدمت جنوب أفريقيا إلى المحكمة ملفا من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على "قتل إسرائيل" لآلاف المدنيين في قطاع غزة، وخلق ظروف "مهيئة لإلحاق التدمير الجسدي بهم"، ما يعتبر جريمة "إبادة جماعية" ضدهم.

وفي قرار صدر في 26 يناير، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل ببذل كل ما في وسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية أثناء عمليتها العسكرية في غزة ولكن جنوب أفريقيا حضت منذ ذلك الوقت مرارا المحكمة على التحرك بحجة أن الوضع الإنساني المتردي في غزة يجبر المحكمة على إصدار مزيد من الإجراءات الطارئة.

وأمرت محكمة العدل الدولية مجددا إسرائيل في 24 مايو بوقف هجومها العسكري "فورا" في رفح، كما دعت إلى الإفراج "غير المشروط" عن الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجوم السابع من أكتوبر ورفضت إسرائيل الأسس التي أصدرت المحكمة قرارها بناء عليها، وأصرت على أن عملياتها العسكرية في رفح متوافقة مع القانون الدولي.

وجاء في بيان مشترك لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هانغبي، والمتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية أن "إسرائيل لا تعتزم ولن تنفذ عمليات عسكرية في منطقة رفح تؤدي الى ظروف معيشية يمكن أن تتسبب بتدمير السكان المدنيين الفلسطينيين، سواء في شكل كامل او جزئي".

وأمرت المحكمة إسرائيل بإبقاء معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة مفتوحا بعدما أغلقته في وقت سابق من الشهر الحالي مع شنها هجومها في المدينة وتابع البيان الإسرائيلي أن "إسرائيل ستبقي معبر رفح مفتوحا أمام دخول المساعدات الإنسانية من الجانب المصري، وستمنع حماس من السيطرة على المعبر".

وجاء قرار المحكمة في إطار قضية رفعتها جنوب أفريقيا العام الماضي ضد إسرائيل أمام الهيئة تتّهم فيها إسرائيل بانتهاك اتفاقية الامم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية، وهو الأمر الذي تنفيه إسرائيل.

أهمية كبرى

وعن مغزى انضمام إسبانيا للدعوى المقامة ضد إسرائيل، أشار خبراء القانون الدولي إلى أن "أكثر طلبات الإذن بالتدخل في دعوى منظورة أمام محكمة العدل الدولية هي في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في العام 2023".

وفي نفس السياق، قالت خبيرة القانون الدولي، الدكتورة ليلى نيكولا، "إن "انضمام مدريد إلى تلك القضية يكتسي أهمية كبرى، فأولا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، هم حكما أعضاء في محكمة العدل الدولية، وبالتالي فإن اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية التي دخلت حيز التنفيذ في العام 1951 تفرض على الدول الأعضاء في المنظمة الأممية أن يعمدوا إلى منع قيام أي دولة أخرى بممارسة أعمال الإبادة".

وتابعت: "انضمام إسبانيا إلى تلك القضية يعني أنها متضررة من (أعمال الإبادة الجماعية) في غزة وأنها تسعى لمنعها، وهذا موقف قانوني قوي جدا".

وزادت: "الدعم في تلك القضية كان يأتي في معظمه من دول الجنوب (العالم الثالث) ولكن مع انضمام إسبانيا وإيرلندا من العالم المتحضر فإن هذا يعطي ثقلا أكبر في هذه القضية الإنسانية" وشددت على أن تلك الخطوة "تعكس ازدياد الوعي لدى الغرب بخطورة ما يحصل في قطاع غزة من انتهاكات إنسانية".

وهناك واجب دولي على أي دولة تتدخل في دعوى قضائية منظورة أمام محكمة العدل الدولية، وهو أن تثبت بأدلة قانونية أن لها مصلحة قانونية وجوهرية مباشرة في تلك القضية كما ويجب أيضا على تلك الدولة أن تثبت للمحكمة أن من شأن الحكم القضائي النهائي يكون لها تأثير مباشر على حقوق الدولة المتدخلة (مثل إسبانيا)، كما تجدر الإشارة إلى أن كثرة الدولة المتدخلة مثل مصر وليبيا وتشيلي والمكسيك وأيرلندا ثم إسبانيا سوف يسهل بشكل كبير على محكمة العدل الدولية قبول تلك القضية.

ومن المعتاد أن تكون طلبات التدخل في قضايا محكمة العدل الدولية هي قليلة جدا، ولكن في هذه القضية تحديدا شهدت تأييدا كبيرا من دول متدخلة لدعم لدولة المدعية (جنوب أفريقيا) على الدولة المدعى عليها، وهي إسرائيل، ويشار إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا، لكن تلك الهيئة الدولية لا تمتلك الآليات لتنفيذها.

ومن المتوقع أن يكون لانضمام إسبانيا إلى دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل تأثيرات على السياسات والعلاقات بين البلدين. هذه الآثار قد تشمل:

العلاقات الثنائية:

قد يؤدي هذا القرار إلى توتر في العلاقات بين إسبانيا وإسرائيل. قد يتعين على الدبلوماسيين من البلدين العمل على تهدئة التوتر والبحث عن طرق للتفاهم.

قد يؤدي الانضمام إلى دعوى الإبادة الجماعية إلى تقليل التعاون في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية.

السياسة الداخلية:

قد يواجه الحكومة الإسبانية ضغوطًا داخلية من قبل الجماعات المؤيدة لحقوق الإنسان للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة كما قد تتأثر السياسة الداخلية لإسبانيا فيما يتعلق بالشؤون الإسرائيلية والفلسطينية.

التأثير الدولي:

قد يعزز هذا القرار مكانة إسبانيا في المجتمع الدولي كدولة تلتزم بحقوق الإنسان والعدالة الدولية كما قد يؤدي إلى تحالفات جديدة مع دول أخرى تدعم نفس القضية في النهاية، يعتمد تأثير هذا الانضمام على كيفية تعامل البلدين مع هذا التطور وكيفية تأثيره على العلاقات الثنائية والسياسة الداخلية والتأثير الدولي.

التحقيق والإثبات:
يجب على دولة مدعية أن تقدم أدلة قوية تثبت ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية من قبل الدولة المدعى عليها ويعتمد النجاح على قوة الأدلة وقدرتها على إقناع المحكمة.

التحالفات والدعم الدولي:

قد يكون للتحالفات الدولية دور كبير في نجاح القضية، دعم دول أخرى ومشاركتها في الدعوى يمكن أن يؤثر على نتائج المحكمة ومن الممكن أن يؤدي الدعم الدولي إلى زيادة الضغط على الدولة المدعى عليها للتعاون مع التحقيقات أما عن التأثير السياسي والاقتصادي؛ فقد يؤدي نجاح القضية إلى تغييرات في العلاقات الدولية والتجارة والاستثمار وقد يؤثر على سياسات الدول المعنية تجاه القضية وتعاطيها مع الأمور الإنسانية وفي نهاية المطاف، يعتمد النجاح على تفاعل هذه العوامل والتحديات المحتملة ويجب مراقبة تطورات القضية ومتابعة الأحداث لتقدير النتائج المحتملة.