المجلس الأطلسي: غزو رفح قد يعصف بالسلام بين مصر وإسرائيل
توترت العلاقات بين مصر وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة بينما تستعد إسرائيل لشن هجوم بري واسع النطاق على رفح في جنوب قطاع غزة، وهي خطوة حذرت القاهرة من أنها ستعرض معاهدة السلام مع إسرائيل للخطر وتزعزع استقرار المنطقة.
ووفقًا لتحليل نشره موقع المجلس الأطلسي المتخصص في متابعة القضايا والملفات الجيوسياسية والاقتصادية، تخشى مصر من تداعيات إنسانية وإقليمية لأي هجوم انتقامي كاسح على رفح، وإذا مضت إسرائيل قدمًا في توغلها المخطط له، فمن المؤكد أن مصر سوف تتعرض لضغوط داخلية وخارجية هائلة.
وقد أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ البداية أنه يرفض رفضا قاطعا أي محاولة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على حساب الدول الأخرى كما رفض السيسي تهجير الفلسطينيين، معتبرًا أن ذلك سيكون بمثابة “تصفية للقضية الفلسطينية”.
علاوة على ذلك، ترفض مصر أن يُنظر إليها على أنها متواطئة في "التطهير العرقي" للفلسطينيين الذي يمارسه الاحتلال.
وتبادلت مصر وسلطات الاحتلال خلال الأيام الأخيرة، الاتهامات بشأن إغلاق معبر رفح الحدودي، مما منع مرور المساعدات الإنسانية عبره.
في 14 مايو، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس: "إن العالم يضع مسؤولية الوضع الإنساني على عاتق إسرائيل، لكن مفتاح منع حدوث أزمة إنسانية في غزة "أصبح الآن في أيدي أصدقائنا المصريين".
وأثارت تصريحات كاتس توبيخا شديدا من نظيره المصري السفير سامح شكري، الذي اتهم إسرائيل بتشويه الحقائق من خلال محاولة صرف المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة وإلقاء المسؤولية على مصر.
ودعا وزير الخارجية المصري إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال من خلال السماح بدخول المساعدات عبر المنافذ البرية الخاضعة لسيطرتها.
وأشار إلى أن سيطرة إسرائيل على معبر رفح وحملتها العسكرية في المنطقة الحدودية كانت أسباب الإغلاق حيث أن القصف حول المنطقة يعرض حياة عمال الإغاثة وسائقي الشاحنات للخطر.
وكان استيلاء إسرائيل في 7 مايو على جانب غزة من معبر رفح – وهو شريان رئيسي للمساعدات – هو السبب الرئيسي وراء فتور العلاقات بين مصر وإسرائيل.
وتعتبر القاهرة ذلك انتهاكًا لمعاهدة السلام، وعلى وجه الخصوص، انتهاكًا لاتفاق فيلادلفيا لعام 2005 الذي سمح لمصر بنشر 750 من حرس الحدود على طول الحدود مع غزة.
والسبب الآخر لتصاعد التوترات بين البلدين الجارين هو تعنت إسرائيل في محادثات وقف إطلاق النار التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة.
رفضت إسرائيل خطة وقف إطلاق النار التي اقترحتها مصر وقطر، وأصرت على أنه لم يتم استشارتها بشأن شروط الصفقة التي قبلتها حماس.
وفي إعلانه رفض مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي للصفقة في 6 مايو، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "توقعات خصومنا غير مقبولة".
وكان الاتفاق المقترح سيشهد إطلاق سراح تدريجي للرهائن الإسرائيليين المتبقين مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية.
وذكر مصدر مقرب من محادثات وقف إطلاق النار أن نقطة الخلاف كانت حول ما إذا كان وقف إطلاق النار الأولي سيصبح دائمًا، وعند أي نقطة سيتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وبعد رفض إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلن نتنياهو بتحدٍ أنه سيمضي قدمًا في توغله المخطط له في رفح؛ وأمرت قوات الدفاع الإسرائيلية النازحين الفلسطينيين بالإخلاء إلى قطاع أضيق من الأرض، مما أثار استياء القيادة المصرية، التي اتخذت منذ ذلك الحين عدة خطوات للضغط على إسرائيل لإلغاء قرارها.
على سبيل المثال، أعلنت القاهرة في 12 مايو أنها ستدعم قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، واصفة عملية رفح العسكرية بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي".
وأعرب المسؤولون الإسرائيليون عن خيبة أملهم إزاء القرار، قائلين لصحيفة "هآرتس" إنه على الرغم من أن هذه الخطوة "لا يتوقع أن يكون لها تأثير مادي على العملية القانونية لمحكمة العدل الدولية، إلا أنها تعكس تدنيًا جديدًا في العلاقات بين البلدين".
وأوقفت مصر أيضًا نقل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح احتجاجًا على استيلاء إسرائيل على البوابة الاستراتيجية، وهي نقطة الخروج الوحيدة للفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من العنف.
كما كان هناك حديث في الأيام الأخيرة عن أن القاهرة تفكر في خفض مستوى علاقاتها مع القدس وهي شائعة لم تؤكدها الحكومة المصرية أو تنفيها.
ويرى بعض المحللين أنه من غير المرجح أن تسحب مصر سفيرها من القدس. ويهدف مثل هذا الخطاب إلى زيادة الضغوط على إسرائيل لعكس مسارها وسحب قواتها من رفح.
وفي 16 مايو، أثارت تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قيام جيش الاحتلال بإرسال لواء إضافي إلى رفح للتحضير لتوسيع الهجوم البري، قلقًا في مصر، ويرى بعض المحللين أن ذلك يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن مصر واستقرارها.